كريات الدم البيضاء ووظائفها

كريات الدم البيضاء: مكوناتها ووظائفها وأهميتها في الجسم

كريات الدم البيضاء هي جزء أساسي من جهاز المناعة في الجسم البشري، وهي تمثل العنصر الدفاعي الأول ضد مختلف أنواع الميكروبات والأمراض التي قد تهاجم الجسم. هذه الخلايا تلعب دورًا محوريًا في حماية الصحة العامة، إذ تعدّ خط الدفاع الأول ضد العدوى، وتنظيم الاستجابة المناعية ضد الجراثيم والفيروسات والطفيليات.

تركيب الدم البشري

يُعتبر الدم من أهم سوائل الجسم، إذ يساهم في نقل الأوكسجين والمواد الغذائية إلى خلايا الجسم والتخلص من الفضلات. يتكون الدم من عدة مكونات رئيسية، وهي كريات الدم الحمراء (التي تحمل الأوكسجين)، والبلازما (المكون السائل الذي يساهم في نقل المواد الغذائية والفضلات)، وكريات الدم البيضاء (التي تلعب دورًا أساسيًا في الدفاع عن الجسم)، والصفائح الدموية (التي تساعد في تجلط الدم).

تعدّ كريات الدم البيضاء جزءًا من جهاز المناعة، وهي تتواجد في الدم بشكل غير ثابت. يمكن أن تزداد أعدادها في حالة حدوث عدوى أو التهاب في الجسم.

أنواع كريات الدم البيضاء

تنقسم كريات الدم البيضاء إلى عدة أنواع، يتفاوت كل منها في وظائفه وآلية عمله في الدفاع عن الجسم. وتشمل هذه الأنواع ما يلي:

1. العدلات (Neutrophils):
   تُعدّ العدلات من أكثر أنواع كريات الدم البيضاء عددًا في الجسم البشري. وهي الخلايا الأولى التي تصل إلى موقع الإصابة أو العدوى. تقوم العدلات بالتحقق من وجود الكائنات الدقيقة، مثل البكتيريا، وتقوم بابتلاعها وقتلها عن طريق عملية تعرف بالبلعمة (Phagocytosis).

2. اللمفاويات (Lymphocytes):
   تتألف اللمفاويات من نوعين رئيسيين هما الخلايا التائية (T-cells) والخلايا البائية (B-cells). تعتبر اللمفاويات مسؤولة عن الاستجابة المناعية الخاصة، حيث تتعرف على الأجسام الغريبة مثل الفيروسات وتهاجمها. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الخلايا البائية بإنتاج الأجسام المضادة التي تساعد في مكافحة الميكروبات.

3. الخلايا الأكولة (Monocytes):
   تُعدّ الخلايا الأكولة أكبر خلايا الدم البيضاء، وهي تساهم في عملية البلعمة، حيث تبتلع الجسيمات الغريبة مثل الميكروبات أو الخلايا الميتة. بعد دخولها إلى الأنسجة، تتحول الخلايا الأكولة إلى خلايا تُعرف بالبلعمات (Macrophages) التي تواصل عملية الهضم والتدمير.

4. الخلايا الحمضية (Eosinophils):
   تتواجد هذه الخلايا بشكل أكبر في الدم خلال فترات الإصابة بالحساسية أو العدوى الطفيلية. تقوم الخلايا الحمضية بتدمير الطفيليات الميكروسكوبية، مثل الديدان الطفيلية، والمساعدة في الاستجابة المناعية ضد بعض أنواع العدوى.

5. الخلايا القاعدية (Basophils):
   تمثل الخلايا القاعدية أقل أنواع كريات الدم البيضاء في الدم. إنها تشارك في عملية التفاعل التحسسي، حيث تقوم بإطلاق الهيستامين أثناء ردود الفعل التحسسية مثل الحساسية الموسمية أو ردود الفعل على الأطعمة.

وظائف كريات الدم البيضاء في الجهاز المناعي

كريات الدم البيضاء تعدّ خط الدفاع الأول في جهاز المناعة. تقوم هذه الخلايا بعدد من الوظائف الحيوية التي تساهم في حماية الجسم من التهديدات المختلفة. أبرز هذه الوظائف تشمل:

1. الاستجابة للعدوى:
   تعدّ كريات الدم البيضاء هي المكون الأساسي للاستجابة المناعية ضد العدوى. فعند دخول البكتيريا أو الفيروسات إلى الجسم، تزداد أعداد كريات الدم البيضاء بشكل ملحوظ، وتبدأ بالتحرك نحو موقع العدوى.

2. البلعمة:
   من خلال عملية البلعمة، تقوم بعض أنواع كريات الدم البيضاء مثل العدلات والخلايا الأكولة بابتلاع الكائنات الممرضة وتدميرها. وتعدّ هذه العملية من أساليب الدفاع المهمة التي تمنع تكاثر الميكروبات في الجسم.

3. إنتاج الأجسام المضادة:
   تقوم اللمفاويات من النوع B بإنتاج الأجسام المضادة التي تتعرف على مسببات الأمراض وتهاجمها. الأجسام المضادة تعد من أهم وسائل الدفاع التي تبقى في الجسم بعد الشفاء، مما يساعد في مقاومة العدوى المستقبلية.

4. تنظيم الاستجابة المناعية:
   تعمل الخلايا اللمفاوية من النوع T على تنظيم الاستجابة المناعية وتعزيز قدرتها على تمييز الأجسام الغريبة عن خلايا الجسم الطبيعية. كما تساهم الخلايا الحمضية والقاعدية في تحفيز الاستجابة المناعية من خلال إفراز المواد الكيميائية التي تنشط باقي خلايا الجهاز المناعي.

العلاقة بين كريات الدم البيضاء والصحة العامة

العدد الطبيعي لكريات الدم البيضاء في الجسم يتراوح بين 4,000 و11,000 خلية لكل ميكروليتر من الدم. ومع ذلك، قد يتأثر هذا العدد نتيجة لعدة عوامل، بما في ذلك الأمراض، الحالات الطبية، والعدوى. عندما يلاحظ الطبيب زيادة في عدد كريات الدم البيضاء، يمكن أن يشير ذلك إلى وجود عدوى أو التهاب في الجسم. على العكس من ذلك، عندما يكون عدد كريات الدم البيضاء منخفضًا، فإن ذلك قد يدل على ضعف في جهاز المناعة أو وجود اضطراب معين في الجسم.

زيادة عدد كريات الدم البيضاء

تسمى الزيادة في عدد كريات الدم البيضاء بـ “فرط الكريات البيض” (Leukocytosis)، وهو يشير إلى استجابة الجسم للعدوى أو الالتهابات. بعض الحالات التي قد تؤدي إلى زيادة عدد كريات الدم البيضاء تشمل:

• العدوى البكتيرية أو الفيروسية.

• الأمراض المناعية الذاتية.

• الحساسية الشديدة.

• الأمراض الخبيثة مثل اللوكيميا.

• الإجهاد الشديد أو التدريبات الرياضية المكثفة.

انخفاض عدد كريات الدم البيضاء

من ناحية أخرى، فإن انخفاض عدد كريات الدم البيضاء يُعرف بـ “نقص الكريات البيض” (Leukopenia)، وقد يكون نتيجة لعدة عوامل، منها:

• العدوى الفيروسية الحادة، مثل التهاب الكبد أو الإنفلونزا.

• الأدوية مثل أدوية السرطان أو مثبطات المناعة.

• الأمراض المناعية الذاتية مثل الذئبة الحمراء.

• الأمراض الخبيثة مثل السرطان أو الأورام الخبيثة.

أمراض مرتبطة بكريات الدم البيضاء

توجد العديد من الأمراض التي قد تؤثر على وظائف كريات الدم البيضاء، سواء من خلال نقص عددها أو زيادتها. من بين هذه الأمراض:

1. اللوكيميا:
   وهي نوع من السرطان يؤثر على خلايا الدم البيضاء، مما يؤدي إلى تكاثر غير طبيعي وغير منضبط لهذه الخلايا. هناك عدة أنواع من اللوكيميا، مثل اللوكيميا الحادة والمزمنة، وهي تتسبب في زيادة غير طبيعية في عدد كريات الدم البيضاء.

2. التهاب الأنسجة:
   يعدّ التهاب الأنسجة في الجسم نتيجة للعدوى من الحالات الشائعة التي تؤدي إلى زيادة عدد كريات الدم البيضاء. على سبيل المثال، التهابات المسالك البولية أو التهابات الرئة يمكن أن تسبب زيادة في عدد هذه الخلايا.

3. الإيدز:
   مرض الإيدز يؤثر بشكل كبير على الخلايا اللمفاوية التائية، مما يضعف الاستجابة المناعية للشخص المصاب.

4. نقص المناعة:
   يمكن أن تؤدي بعض الأمراض المناعية إلى انخفاض عدد كريات الدم البيضاء، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى.

كيفية الحفاظ على صحة كريات الدم البيضاء

للحفاظ على صحة كريات الدم البيضاء، يُنصح باتباع أسلوب حياة صحي يشمل:

• اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات والمعادن التي تعزز صحة جهاز المناعة.

• ممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على الدورة الدموية الصحية وتعزيز القدرة المناعية.

• الحصول على قسط كافٍ من النوم لتقوية النظام المناعي.

• الابتعاد عن التوتر، حيث يمكن أن يؤثر الإجهاد النفسي في مستويات كريات الدم البيضاء.

تُعدّ كريات الدم البيضاء جزءًا أساسيًا من جهاز المناعة في الجسم، وهي تلعب دورًا حيويًا في حماية الجسم من الأمراض. إن التوازن بين أنواع كريات الدم البيضاء المختلفة ضروري لضمان استجابة مناعية فعّالة ضد الأمراض.