في الخامس من نوفمبر من عام 1910، شهدت منطقة نوم بولاية ألاسكا حدثاً استثنائياً من نوعه، حيث تعرضت لفيضانات بحرية هائلة أدت إلى دمار جزء كبير من المدينة ومقتل العديد من الأرواح. وقد وقع هذا الحدث المأساوي دون سابق إنذار، فقد جاءت الأمواج العاتية بلا رياح مصاحبة ولا أمطار، مما جعل الحادث أكثر غموضًا وصعوبة في تفسير أسبابه. تمامًا كما وقع في مستوطنة صغيرة تدعى سولومون شرق نوم، حيث تم تدميرها تمامًا بواسطة الأمواج الهائلة، التي جاءت بدون أي تحذير مسبق.
ومن الجدير بالذكر أن الفيضانات البحرية التي ضربت نوم كانت غير مفسرة بشكل مقنع، فقد أعلن بعد ذلك أنه لم يحدث عاصفة هناك، بل جاءت الفيضانات على إثر ارتفاع مفاجئ في مستوى المد البحري. ومن المحتمل أن يكون قد حدث اضطراب بركاني في قاع البحر على بعد أميال من نوم، مما أدى إلى تكوين موجة عالية غير طبيعية. وفي هذه الفوضى البحرية، تم دفع قوارب الشراع بقوة نحو الشاطئ، ولو كانت الجليدية متواجدة كالمعتاد في تلك الفترة من العام، لكانت قد ارتطمت بالمباني على ضفاف الشارع المطل على الميناء.
ومع هذا الخراب الشامل الذي خلفته الأمواج الهائلة، تضررت العديد من السفن وتم دفعها بقوة نحو الشاطئ، وتحطمت الهياكل الهشة على طول الشاطئ، مما تسبب في خسائر مادية كبيرة للمقيمين في المناطق المنخفضة على طول الشاطئ. وبالرغم من أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع زلازل في تلك الفترة، فقد تم رصد ثورانات بركانية في جبل بوغوسلوف وجبل شيشالدين، بالقرب من ممر أونيماك، على مدار عدة أشهر قبل الحادث، مما قد يكون دليلاً على وقوع اضطرابات بركانية تحت الماء.
وبالرغم من هذه الدمارات الهائلة، فقد أفيد بأن عدد القتلى لم يكن كبيرًا، حيث لم يتم الإبلاغ عن وفيات مباشرة نتيجة للفيضانات البحرية، ولكن الخسائر المادية كانت هائلة، حيث فقد العديد من سكان المناطق المنخفضة كل ممتلكاتهم ولم ينجوا سوى بحياتهم بصعوبة. وفي ظل هذا السيناريو المروع، فإن مدينة نوم والمناطق المجاورة تعيش حالة من القلق والترقب لمعرفة المزيد من التقارير والأخبار حول الأحداث الأخرى التي قد تكون قد وقعت على طول الساحل.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد تأثرت مناطق الدفن بشكل كبير، حيث كانت الجثث مدفونة بشكل ضحل بسبب الصقيع الأبدي، وعندما جاءت موجة المد البحري العاتية سنوات لاحقة، تم تدمير القبور وتم العثور على جثة والد المتحدث الذي توفي نتيجة إصابته في منجم ذهب في ديسمبر من عام 1904، حيث لم يتمكنوا من دفنه بعمق كافي بسبب الصقيع، وهذا المصير الذي لا يحسد عليه ليس مقتصرًا فقط على البشر، بل أشارت التقارير إلى وجود حالة مماثلة لفتاة كانت تعمل راقصة في صالة الرقص، حيث تم التعرف على جثتها بعد أن جرفتها الأمواج وجاءت تطفو على سطح البحر، وتم نشر قصتها في مجلة معروفة.
ومع هذه الأحداث الفاجعة والدمار الهائل الذي خلفته، فإن مدينة نوم وسكانها يواجهون تحديات جسيمة في إعادة بناء حياتهم وترميم ما تضرر من بيوتهم وممتلكاتهم، وهذا يتطلب تضافر جهود السكان والسلطات المحلية والمنظمات الإغاثية لتقديم الدعم اللازم والمساعدة للمتضررين وإعادة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً بعد هذه الكارثة الطبيعية الهائلة التي هزت المدينة وسكانها إلى النخاع.