في الثامن والعشرين من ديسمبر عام 1908، تعرضت منطقة مضيق ميسينا في البحر الأيوني بإيطاليا لواحدة من أكبر الكوارث الطبيعية التي شهدتها البلاد عبر التاريخ، إذ ضربتها سلسلة من الزلازل القوية بلغت شدتها 7.0 درجات على مقياس ريختر، وذلك بعد تزامنها مع انهيارات أرضية. أدت هذه الزلزال إلى توليد موجات مد عملاقة، أطلق عليها لاحقًا تسمية “تسونامي”، والتي حملت في طياتها الدمار والخراب.
لم تشهد إيطاليا، في تلك الفترة، مثل هذا الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة ميسينا وريجيو كالابريا، حيث دمرت القرى بأكملها، منها: فارو، جانزيري، سانتا آغاتا، باسي، كامارو، غازي، كانيتيلو، فيلا سانت جيوفاني، سانت جريغوريو، وغيرها. ولقد شهدت ميسينا انهياراً كاملاً للمباني، تلاه نشوب حريق عنيف. أما في ريجيو كالابريا، فقد دُمرت جميع المباني تقريبًا.
وقد بلغت مساحة الدمار حوالي 6000 كيلومتر مربع، حيث فقد أكثر من 60،000 شخص حياتهم جراء هذه الكارثة الرهيبة. وقد سُجِّلت هزات ارتدادية عديدة بعد الزلزال الرئيسي، بدءًا من الخامس من ديسمبر وحتى شهر فبراير من العام التالي.
وكان التسونامي الذي نتج عن الزلزال له أثر كارثي، حيث تسبب في أضرار جسيمة وفقدان المئات من الأرواح. ففي معظم المناطق، بدأت الحركة البحرية بانسحاب البحر لبضع دقائق، ثم عادت الأمواج لتغمر السواحل بثلاث موجات كبيرة على الأقل. واستمرت تلك الحركة لساعات عديدة، قبل أن تتلاشى تدريجياً. وبلغت قوة التسونامي ذروتها عند السواحل الكالابرية والصقلية، حيث بلغت ارتفاع الأمواج حتى 12 متراً. وتعتبر ميناء ميسينا وبلدة بيلارو من أكثر المناطق تضرراً، حيث ارتفعت الأمواج إلى 3 أمتار في الميناء و13 مترًا في بيلارو.
ووفقًا لتقديرات ما بعد الكارثة، فقد تسبب التسونامي في وفاة العديد من الأشخاص وأضرار جسيمة للمباني والسفن والقوارب والبيئة. وشملت مناطق الصقلية الشرقية بشكل رئيسي، بالإضافة إلى السواحل الجنوبية والشمالية للصقلية والكالابريا.