في يوم 13 أبريل من عام 1923، وتحديدًا في تمام الساعة 15:31 بتوقيت المنطقة، تعرضت منطقة كامتشاتكا في روسيا لواحدة من أكبر الكوارث الطبيعية التي عرفتها البشرية، حيث ضرب زلزال بقوة 7.2 درجة على مقياس ريختر ساحل المنطقة الشرقية من كامتشاتكا، مما أدى إلى إحداث تسونامي هائل بارتفاع 20 متراً.
بعد حوالي 15-20 دقيقة من وقوع الزلزال، وتحديداً في تمام الساعة 02:15 تقريباً، تسببت موجة بحرية في جزء من مصنع دينبي لتعليب السمك ولكن دون تسبب أضرار بالغة. وبعد خمسة عشر دقيقة من الهجوم الأول، حدثت موجة ثانية من الجنوب الغربي بارتفاع 11 مترًا، حيث دمرت الهياكل على رمال الشاطئ وفي الجزء الجنوبي الغربي من أوست كامتشاتسك، وصعدت في النهر إلى فرع أوزيرنايا وكومت بقايا المباني والجليد فيه. وتم فتح نهر كامتشاتسك على بعد حوالي كيلومتر ونصف فوق مصبه القديم؛ حيث تشكل مصب جديد إلى جانب المصب السابق.
تم تدمير مصنع دينبي القديم والمستودعات ببضائعها ومنتجاتها جزئيًا وجزئيًا غسلت إلى المحيط. ولقي ثمانية عشر رجلا مصرعهم. ونجا مبنى محطة الراديو ولكن كان مكتظًا بقطع الجليد. وتضرر مصنع دينبي الجديد جزئيًا فقط. ومن بين ست قوارب تابعة لشركة دينبي، تم علق أربعة في الجليد من قناة أوزيرنايا وألقيت الاثنتان الأخران على الشاطئ.
في الجزء الجنوبي الغربي من أوست كامتشاتسك، تم تدمير ستة منازل وعدة مخازن ومستودعات للثلج وغرف تدخين، وتم تدمير تسعة منازل جزئيًا، وتم قتل الحيوانات، وتم تلف العديد من الشباك والقوارب والملابس وأدوات المنزل تمامًا. واستمرت جريان المد والجزر في النهر لفترة زمنية مهمة.
في البداية، لم تكن هناك معلومات بخصوص مصير مصانع تسوتسومي ونيتشيرو (كان من المستحيل الوصول إليها حيث أن المياه قد اندفعت عبر الأراضي القطبية وكانت الثلوج قد نحلت بشكل كبير). في إحدى المصانع، شوهدت كومة من الأنقاض، بينما كانت المصنع الآخر مغطاة بكتل من الجليد.
وفي السابع والعشرين من إبريل، وصل شخصان يابانيان، يعملان في مصنع تسوتسومي، إلى بيريزوفي يار. لقد كان عليهما أن يفروا لمسافة 2.5 كيلومتر من أمام موجة البحر، التي تقدمت بضجيج عظيم. ونجوا فقط بفضل حقيقة أن الموجة تم احتجازها بواسطة الثلج العميق. وبعد ذلك، تجول اليابانيان لمدة ثمانية أيام على التوالي عبر الأراضي القطبية المغمورة دون طعام أو نوم حتى وقعوا على المستوطنة.
وفي الصيف، تبين أن كلتا المصانع دمرتا تمامًا. وفقًا لما أشار إليه تروشين ودياجلييف، فإن التسونامي امتد على طول الساحل الشمالي الغربي لخليج كامتشاتكا من رأس شوبرت إلى بيريفولوكا. في منطقة “فيرست كريك”، كان للموجة أعلى ارتفاع. وتم نقل الأنقاض من مصنع نيتشيرو عبر وادي تلك الجدول. وتم رمي أحد قوارب المصنع عبر منحدر ساحلي منخفض عريض حوالي كيلومتر واحد وإسقاطه على سفح بارتفاع حوالي 20 مترًا. وتمت قلع الأشجار على طول المسافة من 7-8 كيلومتر على ضفاف الوادي.
على ضفاف الثاني كريك، كان التدمير على نطاق أصغر. حيث امتدت الموجة هنا لا أكثر من 4.5 كيلومتر من المصب. وفي شمال شرق “فيرست كريك”، في منطقة مصنع تسوتسومي، انحرفت الموجة إلى الشمال عبر الأراضي القطبية لمسافة 4 كيلومترات فقط، وأثرت أوست كامتشاتس، التي تبعد 1 كيلومتر عن شاطئ البحر، فقط في الجهة الجنوبية الغربية. وفي الجهة الشرقية الأبعد نحو بيريفولوكا، كانت الموجة أصغر بكثير. ولم تكن المحطة الإذاعية ومصنع التعليب رقم 1 تعاني إلا من الجهة التي تطل على البحر. وفي بيريفولوكا، لم تكن الموجة أكبر من موجة عاصفة؛ حيث تم رمي الخشب المطافئ والأعشاب البحرية على الشاطئ لمسافة 50-70 مترا.
انتشرت تسوناميات شديدة، على ما يبدو، أيضًا في اتجاه جنوب شرق من مركز الزلزال. وهكذا، اجتاحت موجة بارتفاع حوالي 4 أمتار جزيرة بيرينج.
وفي الختام، يمكن القول إن هذا الحدث المأساوي لعام 1923 تسبب في خسائر بشرية ومادية هائلة لا تُعد ولا تُحصى، وهو محفور في ذاكرة البشرية كتذكير مرير بقوة الطبيعة وضرورة التأهب والاستعداد لمواجهة مثل هذه الكوارث في المستقبل.