في الثاني من مارس عام 1856، فيما بين الساعة السابعة والثامنة مساءً بالتوقيت المحلي، شهدت جزيرة سانغيه في إندونيسيا حدثًا طبيعيًا مدمرًا للغاية، حيث بدأ بركان أوو في الثوران بعد سماع دوي مفاجئ لا يُطاق. فاندفعت الحمم المتحمرجة عبر سفوح الجبل بقوة لا يمكن وقفها، مدمرة كل ما في طريقها. عندما وصلت الحمم إلى الشاطئ، بدأت مياه البحر في الغليان، وانبعثت ينابيع ساخنة قوية وتدفقت المياه المغليّة بغزارة مدمرة وحاملة كل ما أسفرت عنه النيران.
تصاعدت الأمواج بقوة على الصخور الساحلية كما لو كانت هناك زلزالًا تحت الماء، ومع ضجيج مرعب، غمرت الساحل و”اختطفت ضحاياها من بين النيران”.
وبعد ساعة من ذلك، سُمعت ضربات مدوية، هزت الأرض. فانطلقت عمودًا أسود من الرماد والصخور من قمة الجبل. ارتفع العمود إلى “السماء” وسقط في مطر من النيران على سفوح البركان، الذي أضاءته الحمم الحارقة باللون الأحمر. انخفض الظلام الكامل، حيث لم يكن بإمكان أحد تمييز الأشياء الأقرب إليه؛ كان ينقطع من حين لآخر بانفجارات ضوئية. سقطت قنابل كبيرة على الأرض. دُفِنت المستوطنات والحقول التي لم تدمرها الحمم تحت طبقة من الرماد والصخور. انتشرت التدفقات من الجبل، وعندما واجهت عوائق، انتشرت في بحيرات، لتصبح بعد ذلك مصدرًا جديدًا للدمار.
استمرت كل هذه الأحداث عدة ساعات. بحلول منتصف الليل، هدأت جميعها، على الرغم من أن الثوران بدأ من جديد بقوة في ظهر اليوم التالي. استمر هطول الرماد طوال اليوم وكان مكثفًا لدرجة أنه لم يتسن لأي شعاع من الضوء اختراقه، وسادت الظلام الكامل تقريبًا.
كما هبت رياح عاصفة جنوبية شرقية منذ بداية الثوران، وحملت الرماد بعيدًا حتى جزيرة مينداناو. وبعد ذلك هبت الرياح من الشمال.
في السابع عشر من مارس، حدث ثوران جديد، أدى إلى تدمير الحقول والأشجار على الساحل في تابوكان. بعد هذا، هدأ البركان، باستثناء أن البخار ارتفع باستمرار من الكثير من التشققات والكسور. ومع ذلك، كانت الحمم لا تزال ساخنة لدرجة أنه لم يكن بإمكان الاقتراب منها. ووفقًا لسكان المنطقة، لم تتغير قمة البركان بشكل ملحوظ في المظهر.
في القرية الرئيسية على الجزيرة، تاهونا، أصيب عدة أشخاص وتم تدمير منازل خلال سقوط الرماد والصخور. أدت العوائق على شكل تلال إلى تحويل تدفق الحمم بعيدًا عن القرية وتوجيهه نحو البحر في مكان آخر.
وعلى طول المنحدر المستوي بين تاهونا وكاندهار، هبطت سبع تدفقات كبيرة من الحمم إلى البحر، مدمرة هذه المنطقة الزراعية. ومرت إحدى هذه التدفقات عبر قرية كالونجان؛ لم يتبق سوى عدد قليل من الأعمدة المحترقة. وبين كالونجان وكاندهار، انخفضت مساحة كبيرة من الساحل تحت مستوى سطح البحر. كانت جانب الجبل قد انحدرت بلطف إلى خط الماء لكنها بعد الثوران، انقطعت كجدار شاهق يبلغ ارتفاعه حوالي 60 مترًا (200 قدم).
لم تتعرض مستوطنة كاندهار، المحمية بـ “ضلعها” هذا، لأذى كبير: تأثرت فقط بسقوط الرماد والصخور وتدفقات المياه الساخنة. بالإضافة إلى ذلك، قبل الثوران، كان السكان، خوفًا من القراصنة، قد اختبأوا مع متعلقاتهم في الأشجار المتجاورة فوق المستوطنة، ولم يتعرضوا لأذى من الفيضانات.
كانت الدمار أكبر على الساحل من كاندهار إلى الطرف الشمالي للجزيرة. حيث اخترقت لسانين من الحمم بعيدًا في البحر إلى العمق السابق للقاع بعدة أمتار.
وكان عدد الضحايا هائلًا: في تاهونا 722، في كاندهار 22، في تابوكان 2,039؛ مما يُجمل 2,806. وكان معظم الناس قد لقوا حتفهم في الحدائق حيث كانوا يبحثون عن الراحة من الحرارة. أما الذين حاولوا الهرب، فقد أدركتهم تدفقات الحمم والمياه ولقوا حتفهم تحت أشجار السقوط أو تعرضوا للاختناق أو الحرق في الرماد والنيران. وفي كالونجان وتاريانج، لقوا المقيمون الذين اختبأوا في منازلهم حتفهم تحت الأنقاض. وأخيرًا، الذين لجأوا إلى شاطئ البحر “سقطوا غريقين تحت أمواج شرسة”.