قياس النبض ومعدل القلب

النبض: التحقق من معدل النبض

يُعد النبض إحدى العلامات الحيوية الأساسية التي يعتمد عليها الطب السريري في تقييم صحة القلب والدورة الدموية لدى الإنسان. إذ يمثّل النبض الانعكاس المباشر لانقباضات القلب التي تضخ الدم في الشرايين، ويمكن تحسّسه في نقاط معيّنة من الجسم، مثل المعصم والعنق والكاحل، ما يجعله وسيلة سهلة وفعالة لمراقبة الحالة الصحية للفرد. إن قياس معدل النبض هو إجراء بسيط لكنه يحمل قيمة تشخيصية كبيرة، كونه يعكس النشاط القلبي، ويشير إلى وجود خلل أو استجابة فسيولوجية لمجهود أو مرض معين.

يمثل معدل النبض عدد ضربات القلب في الدقيقة، ويُعد مؤشرًا حيويًا لفهم كفاءة القلب وقدرته على ضخ الدم. كما يمكن عبر مراقبة النبض اكتشاف اضطرابات في نظم القلب، مثل تسرّع القلب أو بطئه أو عدم انتظامه، مما يساعد على التشخيص المبكر لبعض الحالات الخطيرة مثل الرجفان الأذيني أو النوبات القلبية الصامتة.

تعريف النبض ومعدل النبض

النبض هو الإحساس بتمدد الشرايين الناتج عن ضخ الدم من القلب في كل ضربة. ويمكن الإحساس بالنبض بسهولة بوضع أطراف الأصابع على أحد الشرايين القريبة من سطح الجلد. أما “معدل النبض” فهو عدد النبضات التي يمكن تحسّسها في الدقيقة الواحدة، ويعكس في الغالب عدد ضربات القلب.

يعتمد معدل النبض على عدد من العوامل مثل العمر، مستوى النشاط البدني، الحالة العاطفية، درجة حرارة الجسم، ووضع الجسم (جلوسًا أو وقوفًا)، بالإضافة إلى الحالة الصحية العامة للفرد.

المعدلات الطبيعية للنبض

يتفاوت معدل النبض الطبيعي بين الأفراد وفقًا لعوامل متعددة، لكن يمكن تلخيص المعدلات الطبيعية كما يلي:

معدل النبض في حالة الراحة لدى البالغين الأصحاء يتراوح غالبًا بين 60 إلى 100 نبضة في الدقيقة. انخفاض النبض عن 60 نبضة يُعرف بالبطء القلبي، في حين يُطلق على تجاوزه 100 نبضة حالة تسرع القلب.

أهمية قياس النبض

يُعد قياس معدل النبض جزءًا أساسيًا في التقييم السريري لأنه يساعد في:

• تقييم الحالة العامة للقلب: فالمعدل الطبيعي يدل على قلب سليم، في حين أن الانحرافات قد تشير إلى أمراض قلبية أو اضطرابات نظم القلب.

• رصد تأثير الأدوية: بعض الأدوية مثل حاصرات بيتا تؤثر بشكل مباشر على معدل النبض.

• مراقبة الاستجابة للتدريب البدني: في الرياضات واللياقة البدنية، يُستخدم معدل النبض لتحديد شدة التمرين وتقييم التقدم.

• الكشف المبكر عن الأمراض: مثل الحمى، فقر الدم، فرط نشاط الغدة الدرقية، أو حتى النزيف الداخلي، إذ قد ترفع جميعها معدل النبض بشكل غير طبيعي.

كيفية التحقق من النبض يدويًا

للتحقق من معدل النبض يدويًا، يُنصح باتباع الخطوات التالية:

1. اختر موقع النبض المناسب:

   • النبض الكعبري: على المعصم من جهة الإبهام.

   • النبض السباتي: على الرقبة بجانب القصبة الهوائية.

   • النبض الفخذي: في المنطقة الإربية.

   • النبض الكاحلي: خلف العظم البارز فوق كعب القدم.

2. استخدم السبابة والوسطى (تجنب استخدام الإبهام لأنه يحتوي على نبض خاص به).

3. اضغط برفق على الشريان حتى تشعر بالنبض المنتظم.

4. باستخدام ساعة توقيت، احسب عدد النبضات خلال 60 ثانية، أو احسب خلال 30 ثانية واضرب الناتج في 2.

ينصح بأخذ النبض أثناء الراحة للحصول على قراءة دقيقة، والامتناع عن تناول المنبهات قبل القياس بفترة.

الأجهزة المستخدمة لقياس النبض

بالإضافة إلى الطرق اليدوية، توجد عدة أجهزة وأدوات طبية وتقنية تُستخدم لقياس معدل النبض بدقة، منها:

• جهاز قياس النبض الرقمي (Pulse Oximeter): يوضع غالبًا على طرف الإصبع ويقيس النبض بالإضافة إلى نسبة تشبع الأكسجين في الدم.

• أجهزة مراقبة القلب (Heart Rate Monitors): تُستخدم في الرياضة لمتابعة معدل ضربات القلب أثناء التمارين.

• أجهزة قياس الضغط: بعض أجهزة قياس ضغط الدم الآلية تعرض أيضًا معدل النبض.

• تطبيقات الهواتف الذكية: تعتمد على تقنيات كاميرا الهاتف لقياس التغيرات الدقيقة في لون البشرة الناتج عن تدفق الدم.

العوامل المؤثرة على معدل النبض

هناك مجموعة واسعة من العوامل التي قد تؤدي إلى ارتفاع أو انخفاض في معدل النبض، وأبرزها:

1. العمر

كلما تقدم الإنسان في العمر، انخفض معدل نبضه الأساسي.

2. اللياقة البدنية

الرياضيون يتمتعون بمعدل نبض أقل بفضل كفاءة قلوبهم العالية.

3. درجة الحرارة

ارتفاع حرارة الجسم أو البيئة يزيد من معدل النبض.

4. العوامل النفسية

القلق، التوتر، أو الانفعال يمكن أن ترفع معدل النبض.

5. الأدوية

مثل أدوية الغدة الدرقية، أو حاصرات بيتا، أو مدرات البول.

6. الأمراض المزمنة

فقر الدم، فشل القلب، أمراض الرئة المزمنة، وغيرها تؤثر على معدل النبض.

اختلالات معدل النبض

تسرع القلب (Tachycardia)

يُعرّف بأنه معدل نبض يتجاوز 100 نبضة في الدقيقة أثناء الراحة، وقد يكون سببه:

• ارتفاع درجة الحرارة

• الجفاف

• فرط نشاط الغدة الدرقية

• أمراض القلب

• فقدان الدم

• القلق الشديد أو نوبات الهلع

بطء القلب (Bradycardia)

وهو انخفاض معدل النبض لأقل من 60 نبضة في الدقيقة، وقد يكون طبيعيًا لدى الرياضيين، أو مؤشرًا على:

• اضطراب كهربائي في القلب (مثل متلازمة العقدة الجيبية المريضة)

• استعمال أدوية تبطئ القلب

• قصور الغدة الدرقية

• مشاكل في العقدة الجيبية أو العقدة الأذينية البطينية

العلاقة بين معدل النبض وصحة القلب

يمثل معدل النبض أحد العوامل الأساسية التي تعكس كفاءة عضلة القلب، ومدى قدرتها على ضخ الدم لجميع أنحاء الجسم. فارتفاعه المفرط قد يدل على إجهاد قلبي مزمن أو مرض قلبي كامِن، بينما يُعد انخفاضه الحاد دون تفسير علامة خطر لوجود اضطراب في الجهاز القلبي الكهربائي.

لذلك، يعتبر المراقبة المنتظمة للنبض أمرًا حيويًا، خاصة لدى من يعانون من أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري، أو مرض الشريان التاجي.

دور قياس النبض في الطوارئ

في غرف الطوارئ، يُعد قياس النبض أول الخطوات لتقييم الدورة الدموية لدى المصاب. فعدم وجود نبض ملموس يدل غالبًا على توقف القلب ويتطلب الإنعاش القلبي الرئوي الفوري. كما يُستخدم تغير النبض في تحديد استجابة المريض للصدمات، النزيف الداخلي، أو السكتات القلبية.

مراقبة النبض أثناء التمارين

في برامج اللياقة البدنية، يُعد النبض معيارًا مهمًا لتحديد شدة التدريب. ويتم استخدام مفاهيم مثل:

• النبض المستهدف (Target Heart Rate): وهو المعدل الذي يُفترض الوصول إليه أثناء التمارين لضمان الحصول على فوائد صحية للقلب.

• أقصى نبض قلبي (Maximum Heart Rate): ويُحسب تقريبًا بطرح عمر الشخص من 220.

على سبيل المثال، لشخص يبلغ 40 عامًا:

220 – 40 = 180 نبضة/دقيقة (أقصى نبض)، والنبض المثالي أثناء التمرين يكون بين 50% و85% من هذا الرقم (90–153 نبضة/دقيقة).

اضطرابات نظم القلب المرتبطة بالنبض

يمكن أن يشير النبض غير المنتظم إلى اضطرابات نظم القلب، مثل:

• الرجفان الأذيني (Atrial Fibrillation): نبض سريع وغير منتظم

• الرفرفة الأذينية (Atrial Flutter)

• النبض الإضافي (Premature Beats)

• النبض المزدوج (Bigeminy)

في حالات كهذه، غالبًا ما يكون النبض غير منتظم عند اللمس، مما يتطلب تخطيط كهربائي للقلب (ECG) لتأكيد التشخيص.

خلاصة علمية

يُعتبر قياس النبض وسيلة غير جراحية وسريعة، لكنه ذو أهمية طبية وتشخيصية كبيرة. يمكن من خلاله تقييم فعالية القلب والدورة الدموية، وتشخيص بعض الأمراض القلبية وغير القلبية، ومتابعة تأثير الأدوية، ورصد التغيرات في الصحة العامة. ومع التطور التكنولوجي، أصبحت أدوات قياس النبض أكثر دقة وسهولة، ما جعل من مراقبة النبض جزءًا أساسيًا من العناية الذاتية بالصحة لدى مختلف الفئات العمرية.

المصادر:

1. Mayo Clinic – Pulse Measurement and Heart Rate

2. American Heart Association – Heart Rate Basics