قطرة عيون من القرآن

قطرة عيون لمعالجة المياه البيضاء من القرآن الكريم

المياه البيضاء أو “الكتاراكت” كما يُطلق عليها في المصطلحات الطبية، تُعد من أكثر الأسباب شيوعًا لفقدان البصر تدريجيًا، وخاصةً لدى كبار السن. وهي حالة تتمثل في تعكّر عدسة العين، مما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في الرؤية. يتطلب العلاج الطبي الحديث للجلالة عادة تدخلاً جراحياً لاستبدال العدسة الطبيعية المعتمة بعدسة صناعية. غير أن الأبحاث في العقود الأخيرة بدأت تبحث في علاجات طبيعية، وتُطرح بين الحين والآخر مقترحات ترتكز إلى الطب البديل والتكميلي، بل حتى ما يستند إلى النصوص الدينية ومنها القرآن الكريم، الذي لطالما اعتُبر مصدرًا للهداية الروحية والعلمية على السواء.

في هذا السياق، ظهر اهتمام متزايد ببعض الآيات والمواد الطبيعية التي ذُكرت في القرآن الكريم، والتي يُعتقد أن لها فوائد صحية كبيرة، بما في ذلك قدرة محتملة على المساهمة في علاج المياه البيضاء. وواحدة من أبرز هذه المواد هي العسل، الذي ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى:

“يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس” – سورة النحل: 69.

يُستند إلى هذه الآية في استخدام العسل كمادة فعالة في تصنيع قطرة عيون طبيعية، يُزعم أنها قد تساعد على إذابة أو تقليص عتامة عدسة العين في المراحل المبكرة من الجلالة. كما يتم الحديث أيضًا عن قطرة عيون تحتوي على عناصر طبيعية مستوحاة من الطب النبوي والقرآني، مثل ماء زمزم، وزيت الحبة السوداء، والمسك الأبيض، والعكبر (البروبوليس)، وكلها مكونات ذكرت أو أشير إليها ضمن التراث الإسلامي كمكونات ذات خصائص شفائية.

المياه البيضاء: أسبابها وآليات تطورها

لفهم مدى إمكانية تأثير العلاج الطبيعي أو ما يُسمى بـ”قطرة من القرآن الكريم”، يجب أولاً توضيح ما الذي يحدث في العين خلال تطور مرض المياه البيضاء. العدسة البلورية الطبيعية الموجودة في العين تحتوي على بروتينات مرتبة بدقة لضمان شفافية العدسة. مع التقدم في العمر، أو نتيجة لعوامل مثل التعرض للأشعة فوق البنفسجية، أو مرض السكري، أو استخدام الكورتيزون لفترات طويلة، تبدأ هذه البروتينات بالتكتل والتغيّر في شكلها الكيميائي، مما يؤدي إلى تعكير في العدسة.

الكتاراكت يبدأ عادة في جزء صغير من العدسة، لكن مع مرور الوقت يمتد ليؤثر على الرؤية بشكل عام، ما يسبب ضبابية، ضعف الرؤية الليلي، وصعوبة في تمييز الألوان.

العلاج التقليدي مقابل البديل

العلاج التقليدي للمياه البيضاء يتمثل في الجراحة فقط، والتي تنطوي على إزالة العدسة المعتمة واستبدالها بأخرى صناعية شفافة. هذه الجراحة تُعد واحدة من أكثر العمليات أمانًا ونجاحًا في طب العيون.

غير أن العديد من الأشخاص، خاصة في البيئات محدودة الموارد أو لدى من يتخوفون من العمليات الجراحية، يبحثون عن بدائل غير جراحية. وهنا تبرز الأحاديث عن القطرة الطبيعية المُستوحاة من مكونات قرآنية، والتي تهدف لتقديم حل وقائي أو علاجي في مراحل مبكرة.

العسل كمكون أساسي في القطرة

العسل يُعرف بأنه مضاد ميكروبي، مضاد أكسدة، ومضاد التهاب قوي. من الناحية النظرية، يُمكن للعسل أن يساعد في:

• محاربة الجذور الحرة: التي قد تكون مسؤولة عن تلف البروتينات في العدسة.

• تهدئة الالتهابات: التي قد تسهم في تطور بعض أمراض العين.

• تنشيط الدورة الدموية الموضعية: ما قد يساهم في تحسين التروية داخل العين.

هناك دراسات مخبرية، وإن كانت محدودة، تشير إلى أن العسل قد يكون له تأثير إيجابي على صحة العين، ولكن لم يُثبت علميًا بشكل قاطع أن العسل وحده قادر على عكس عتامة عدسة العين المتقدمة.

التركيبة الشعبية المستندة للقرآن

بعض الممارسين في مجال الطب البديل صاغوا وصفات شهيرة تعتمد على دمج مواد ذكرها القرآن الكريم، في قطرة تُستخدم لتقوية العين، منها:

آلية التحضير والاستخدام (وفقًا للطب الشعبي)

يُقترح في بعض الكتب والمراجع الشعبية أن يتم خلط المكونات السابقة بنسب مدروسة، بحيث يكون الأساس فيها العسل المُخفف بماء معقم أو ماء زمزم، ويُضاف إليه القليل من زيت الحبة السوداء، ونقطة من المسك الأبيض، وقطرة من العكبر. ثم يُصفّى الخليط بفلتر طبي معقم.

يُستخدم هذا الخليط كنقطتين في كل عين مرتين يوميًا، بشرط أن يكون الفرد غير مصاب بأي نوع من أنواع التحسس لهذه المواد.

الحذر العلمي والطبي

رغم أن كثيرًا من الوصفات الطبيعية قد تحمل فوائد صحية في ظروف معينة، إلا أن استخدامها دون استشارة طبيب متخصص قد يُسبب نتائج غير مرغوبة. العين عضو حساس للغاية، وأي تهيّج أو عدوى قد يسبب أضرارًا دائمة.

كذلك، لا توجد حتى الآن دراسات سريرية موسعة وموثقة تؤكد فعالية هذه القطرة في علاج الجلالة أو حتى إبطائها، ولذلك فإن استخدامها يبقى في إطار التجربة الفردية أو الطب الشعبي، ولا يجب أن يُنظر إليه كبديل مضمون للعلاج الطبي.

العلاقة بين الإيمان والعلاج

القرآن الكريم لا يُقدَّم فقط كمصدر للنصوص، بل كمصدر للهداية الشاملة، ومنها ما يتعلق بالصحة والعافية. وفيما يلي بعض النقاط التي توضح كيف يمكن الجمع بين الإيمان والعلاج:

• الدعاء مع التوكل: الاستشفاء بالقرآن من خلال تلاوته، والالتجاء إلى الله بالدعاء، هما عنصران مهمان لأي مسلم يسعى للشفاء.

• استخدام ما ذكر في القرآن من مواد: كالتمر، العسل، زيت الزيتون، الحبة السوداء… وهي مواد أثبتت العلوم الحديثة فوائدها الصحية، ما يرسخ الثقة بأن القرآن يشير إلى أبواب من العلم الصحي متجددة.

• عدم التعارض بين الدين والطب: لا ينبغي أن يكون الاستشفاء بالقرآن بديلاً عن العلاج الطبي، بل تكاملاً معه، ولا بد أن يُمارس برشد ووعي.

رأي بعض المتخصصين في طب العيون

تشير آراء بعض الأطباء إلى أن المياه البيضاء حالة ميكانيكية بحتة، ناتجة عن تلف مادي في العدسة، ولا يمكن معالجتها إلا بإزالة العدسة المعتمة. إلا أن هناك من الأطباء من يدرس احتمالية وجود مواد طبيعية تمنع هذا التلف منذ البداية أو تؤخره، وبالتالي فإن استخدام العلاجات الطبيعية قد يكون مفيدًا على مستوى الوقاية، خاصة في مراحل ما قبل ظهور الكتاراكت بشكل كامل.

الخلاصة العلمية والروحية

فكرة “قطرة عيون من القرآن الكريم لعلاج المياه البيضاء” تستند إلى مزج بين الإيمان، التجربة الشعبية، والمكونات الطبيعية المذكورة في النصوص الدينية. وبينما يُعد هذا الأمر مصدر أمل لكثير من الناس، إلا أن المسار العلمي لا يزال يتطلب مزيدًا من الدراسات والاختبارات لتأكيد فعالية هذه الطرق.

لكن لا يمكن إنكار أن استخدام العسل والمكونات الطبيعية في تقوية العين والرؤية يمثل جانبًا من الطب الوقائي المستند إلى تراث غني بالإيمان والعلم. ويظل الاعتدال في الممارسة، والانفتاح على المشورة الطبية، هو المسار الأكثر أمانًا وتوازنًا.

المصادر:

1. Al-Waili, N.S. (2003). “Topical application of natural honey, beeswax and olive oil mixture for atopic dermatitis or psoriasis: partially controlled, single-blinded study”. Complementary Therapies in Medicine.

2. Quran – Surah Al-Nahl, Ayah 69.