قضية مغلقة: إعادة التحقيق في اغتيال جون كينيدي وتحليل دور لي هارفي أوزوالد

يعد كتاب “قضية مغلقة: لي هارفي أوزوالد واغتيال جون كينيدي” للكاتب جيرالد إل. بوسنر واحدًا من أكثر الكتب إثارة للجدل حول موضوع اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي في عام 1963. تم نشر هذا الكتاب لأول مرة في أغسطس 1994 من قبل دار النشر “أنكور”، ويتميز بتقديمه سردًا دقيقًا يعتمد على أدلة جديدة من مقابلات، ملفات سرية، سجلات طبية، وتحليلات فيلمية محوسبة.

منذ اغتيال كينيدي، الذي وقع في دالاس بولاية تكساس، أثارت هذه الحادثة الكثير من النظريات والمؤامرات التي زعمت أن لي هارفي أوزوالد، المتهم الرئيسي في القضية، لم يكن الجاني الوحيد، وأن هناك جهات خفية قد تكون متورطة في الجريمة. وقد شكك الكثيرون في مصداقية تقرير لجنة وارن، التي كانت مكلفة بالتحقيق في الحادثة، معتبرين أنه يحتوي على ثغرات وأخطاء قد تكون ناتجة عن تلاعب أو إغفال متعمد.

في كتابه، يسعى جيرالد بوسنر إلى تفنيد هذه النظريات وكشف الأخطاء في التفسيرات السابقة للحادثة. يعتمد بوسنر على مصادر متنوعة، منها مقابلات جديدة مع شهود وأشخاص كانوا على صلة بالقضية، بالإضافة إلى استخدامه لمعلومات من ملفات سرية لم تكن متاحة من قبل، وسجلات طبية تم تحليلها بدقة. كما أن بوسنر لجأ إلى استخدام تقنيات حديثة مثل التحليلات الفيلمية المحوسبة لإعادة فحص الأدلة البصرية والفيديوهات التي تم تسجيلها أثناء وبعد الحادثة.

أحد أهم جوانب الكتاب هو كشف الأخطاء التي ارتكبتها لجنة وارن في تحقيقها. يشير بوسنر إلى أن التقرير النهائي للجنة، رغم أنه كان شاملاً في كثير من الجوانب، إلا أنه احتوى على عدة ثغرات وإغفالات أدت إلى تعزيز نظريات المؤامرة. وبدلاً من التلاعب بالحقائق، يوضح بوسنر أن هذه الأخطاء ربما كانت ناتجة عن ضغوط زمنية أو نقص في الأدلة المتاحة في ذلك الوقت.

من جهة أخرى، يرفض بوسنر نظريات المؤامرة بشكل قاطع. فهو يعتقد أن أوزوالد، الذي كان جنديًا سابقًا ومن المعروف أنه كان يعاني من اضطرابات نفسية ولديه تاريخ من العلاقات الغامضة مع الاتحاد السوفيتي، هو الجاني الوحيد. كما أنه يرى أن النظريات التي تشير إلى تورط جهات حكومية أو منظمات سرية أخرى ليست مدعومة بأدلة قوية بما يكفي لتبرير هذه الادعاءات.

علاوة على ذلك، يحاول بوسنر توضيح الصورة المعقدة لأوزوالد كشخصية. فهو لا يصوره كمجرد قاتل بدم بارد، بل كشخص معقد يعاني من اضطرابات نفسية وانعزال اجتماعي. وبهذا، يقدم الكتاب تفسيرًا يجمع بين الدوافع الشخصية والظروف النفسية التي ربما دفعت أوزوالد لارتكاب الجريمة.

الكتاب “قضية مغلقة” قد لا يضع حداً نهائيًا للنقاشات حول اغتيال كينيدي، لكنه بلا شك يقدم وجهة نظر مستنيرة ومدعومة بأدلة قوية تسعى إلى كشف الحقيقة بعيدًا عن الإثارة والشكوك التي لطالما أحاطت بهذه القضية. وبهذا، يبقى الكتاب مرجعًا هامًا لكل من يهتم بفهم أكثر دقة لواحدة من أكثر الحوادث المثيرة للجدل في التاريخ الأمريكي الحديث.