عادة قضم الأظافر لدى المراهقين وطرق التخلص منها

تُعد عادة قضم الأظافر من السلوكيات الشائعة بين الأطفال والمراهقين، بل وتستمر أحيانًا حتى سن البلوغ وما بعده. هذه العادة التي يُطلق عليها طبيًا مصطلح “onychophagia” قد تبدو في ظاهرها تصرفًا بسيطًا أو عادة عصبية غير مؤذية، إلا أن تداعياتها تتجاوز المظهر الخارجي لتطال الجوانب النفسية، الاجتماعية، والصحية للفرد. وقد تزداد هذه العادة وضوحًا وتأثيرًا خلال فترة المراهقة، حين يكون الشاب أو الفتاة في خضم مرحلة انتقالية حساسة من النمو النفسي والاجتماعي. في هذا السياق، يصبح من الضروري فهم أسباب قضم الأظافر لدى المراهقين، وتحليل العوامل المحفزة لها، ودراسة آثارها الصحية والنفسية، مع تقديم استراتيجيات فعّالة للتخلص منها.

أولًا: تعريف عادة قضم الأظافر

عادة قضم الأظافر هي سلوك غير إرادي أو شبه إرادي يقوم فيه الفرد بعضّ أظافره أو الجلد المحيط بها. وتندرج هذه العادة ضمن ما يُعرف بسلوكيات “الوسواس القهري الطفيف” التي يُعبّر من خلالها الشخص عن توتر داخلي أو انشغال ذهني مفرط، وغالبًا ما تتم في أوقات التوتر أو الملل أو التركيز العميق.

ثانيًا: مدى انتشار عادة قضم الأظافر بين المراهقين

تشير الإحصائيات النفسية والسلوكية إلى أن ما بين 20% إلى 45% من المراهقين يمارسون عادة قضم الأظافر بشكل منتظم أو متقطع. وتكون هذه النسبة أعلى لدى الإناث في مراحل القلق والاضطراب العاطفي، بينما تظهر عند الذكور عادة خلال فترات التوتر أو الضغط الدراسي. وتُعتبر هذه النسبة مؤشرًا مهمًا على ارتباط هذه العادة بالاضطرابات النفسية الطفيفة أو المشكلات السلوكية الشائعة في هذه المرحلة العمرية.

ثالثًا: الأسباب النفسية والسلوكية لقضم الأظافر عند المراهقين

عادة قضم الأظافر ليست تصرفًا عشوائيًا، بل تُعبّر غالبًا عن حالة داخلية يعيشها المراهق. ويمكن تصنيف الأسباب إلى مجموعة من المحاور الأساسية:

1. القلق والتوتر

يُعد التوتر النفسي من أهم المحفزات لظهور هذه العادة. يتعرض المراهق لضغوط متعددة من الأسرة، والمدرسة، والمجتمع، وقد يلجأ إلى قضم أظافره كوسيلة لا شعورية لتخفيف التوتر الداخلي.

2. الشعور بالملل أو الفراغ

يجد بعض المراهقين في هذه العادة وسيلة لتجاوز أوقات الفراغ أو التشتت الذهني، خاصةً في غياب الأنشطة البديلة أو المحفزات الذهنية.

3. نقص الثقة بالنفس

المراهق الذي يعاني من تدني في تقديره لذاته قد يُظهر سلوكيات مضطربة منها قضم الأظافر، كنوع من التعبير عن التوتر الداخلي أو الصراع النفسي.

4. التقليد والمحاكاة

قد يكتسب بعض المراهقين هذه العادة من أقرانهم أو أفراد الأسرة، خاصة إذا شاهدوا هذه السلوكيات تتكرر دون تدخل أو توجيه.

5. الاضطرابات النفسية الخفيفة

ترتبط عادة قضم الأظافر ببعض الاضطرابات النفسية مثل الوسواس القهري، اضطرابات القلق العام، أو التوتر المزمن، وهي بحاجة إلى تقييم متخصص في الحالات الشديدة.

رابعًا: الآثار الصحية لقضم الأظافر

عادة قضم الأظافر لا تقتصر آثارها على الشكل الجمالي للأظافر فقط، بل قد تكون لها تداعيات صحية جسدية ونفسية تستدعي الانتباه والتدخل المبكر، ومن أبرز هذه الآثار:

1. العدوى البكتيرية والفطرية

عند قضم الأظافر، قد تتعرض الأنسجة المحيطة بها للجروح الصغيرة، ما يهيئ الفرصة لدخول البكتيريا والفطريات، مثل بكتيريا Staphylococcus aureus، مسببًا التهابات مزمنة.

2. مشاكل في الأسنان والفك

الضغط المتكرر على الأسنان خلال عملية القضم قد يؤدي إلى تآكل مينا الأسنان أو تشققات صغيرة، كما قد يتسبب في مشكلات في المفصل الفكي الصدغي مع مرور الوقت.

3. مشاكل في الهضم

ابتلاع أجزاء من الأظافر أو الجلد الممزق قد يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي، خصوصًا في حال تكرر السلوك على المدى الطويل.

4. تشوهات في شكل الأظافر

المداومة على قضم الأظافر قد تُلحق أضرارًا دائمة بشكل الظفر ومحيطه، ما يؤدي إلى تشوهات يصعب تصحيحها حتى بعد التوقف عن هذه العادة.

5. تدني الثقة بالنفس بسبب المظهر الخارجي

يعاني المراهق الذي يقضم أظافره من حرج اجتماعي دائم بسبب مظهر يديه، ما يؤثر سلبًا على علاقاته وثقته في ذاته، ويدخله في دائرة من القلق المزمن.

خامسًا: الطرق السلوكية والطبية للتخلص من عادة قضم الأظافر

التعامل مع هذه العادة يتطلب مقاربة شاملة تأخذ في الاعتبار الجانب النفسي، السلوكي، والجسدي. وفيما يلي أهم الطرق المعتمدة:

1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

يُعد العلاج السلوكي من أنجح الوسائل في علاج العادات العصبية، حيث يساعد المراهق على إدراك المواقف التي تثير هذا السلوك، ثم يعلّمه كيفية استبداله بسلوك إيجابي بديل. ويتم ذلك من خلال جلسات مع أخصائي نفسي مختص في تعديل السلوك.

2. تقنية العكس السلوكي (HRT)

تقوم هذه التقنية على تدريب المراهق على استخدام استجابة بديلة عند شعوره بالرغبة في قضم أظافره، مثل الضغط على كرة مطاطية أو تشبيك الأصابع، مما يساعد في كسر الحلقة السلوكية المعتادة.

3. استخدام الموانع الموضعية

تُستخدم في بعض الحالات طلاءات أظافر خاصة تحتوي على طعم مرّ (مثل مادة دناتونيوم بنزوات)، تُوضع على الأظافر فتُثني المراهق عن قضمها لا إراديًا.

4. قص الأظافر بانتظام

يساعد الحفاظ على أظافر قصيرة ونظيفة في تقليل الرغبة في قضمها، كما يُخفّف من احتمالات العدوى أو الضرر.

5. الانشغال الدائم باليدين

تشجيع المراهق على ممارسة أنشطة تتطلب استخدام اليدين باستمرار مثل الرسم، الحياكة، اللعب بالصلصال، أو حتى ممارسة الرياضة، مما يقلل من فرص اللجوء إلى القضم.

6. التغذية المتوازنة

قد يرتبط قضم الأظافر أحيانًا بنقص في بعض العناصر الغذائية كالكالسيوم، المغنيسيوم أو الحديد، ما يجعل من الضروري التأكد من تغذية المراهق بشكل سليم.

7. التدخل الدوائي (عند الضرورة)

في الحالات المرتبطة باضطرابات نفسية أعمق، قد يرى الطبيب النفسي ضرورة استخدام مضادات القلق أو مضادات الاكتئاب، ولكن هذا الخيار يُستخدم كحل أخير وتحت إشراف طبي دقيق.

سادسًا: دور الأسرة والمؤسسات التربوية في علاج المشكلة

المراهق بحاجة إلى دعم بيئته الاجتماعية المباشرة للخروج من هذه العادة، ويكمن ذلك في دور الأسرة والمدرسة عبر عدة محاور:

1. عدم التوبيخ أو التهديد

استخدام العنف اللفظي أو التهديد أو السخرية من العادة يعزز التوتر ويزيد من حدة السلوك، بينما ينصح باستخدام لغة تفهم وتعاطف مع تقديم بدائل.

2. تعزيز الحوار مع المراهق

من المهم التحدث مع المراهق بصراحة حول مشاعره، مخاوفه، وضغوطه، لفهم المحفزات الكامنة وراء سلوكه.

3. مراقبة التغيرات السلوكية

يجب ملاحظة ما إذا كان قضم الأظافر يترافق مع سلوكيات أخرى مثل نتف الشعر أو قضم الشفاه، لأن ذلك قد يشير إلى حالة نفسية أكثر تعقيدًا.

4. البرامج التعليمية المدرسية

تستطيع المدارس أن تلعب دورًا كبيرًا من خلال إدماج مواضيع الصحة النفسية والسلوكية في برامجها التربوية، وتدريب المعلمين على رصد السلوكيات المضطربة وتوجيه الطلاب نحو المساعدة المناسبة.

جدول يوضح المقارنة بين طرق العلاج المختلفة لعادة قضم الأظافر:

خاتمة

عادة قضم الأظافر لدى المراهقين ليست مجرد سلوك عابر، بل تُعبّر عن خلل داخلي أو ضغط نفسي يجب معالجته بأسلوب علمي دقيق. تكمن أهمية التدخل المبكر في تجنيب المراهق الدخول في دوائر الإدمان السلوكي والمشاكل النفسية التي قد تتطور لاحقًا. لا بد من تكامل الجهود بين الأسرة، المدرسة، والأخصائيين لضمان بيئة داعمة تساعد على الشفاء من هذه العادة، وبناء شخصية أكثر توازنًا واستقرارًا في مرحلة حساسة من النمو الإنساني.

المراجع:

1. American Psychiatric Association. Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (DSM-5). 2013.

2. Williams, T. I., Rose, R., & Chisholm, S. (2007). A systematic review of habitual nail biting. Behaviour Modification.