قصة زكريا عليه السلام
يعد النبي زكريا عليه السلام من الأنبياء الذين وردت قصتهم في القرآن الكريم، ويعكس قصته معجزات إلهية عظيمة، ودروسًا في الصبر والإيمان، والعناية الإلهية. تأتي قصة زكريا في سياق الإشارة إلى فضل الله ورحمته بعباده المؤمنين، وكيف أن الله استجاب لدعواته رغم بلوغه من العمر أرذله. هي قصة تمتزج فيها العناية الإلهية بالشدة، لكن إيمان زكريا عليه السلام وإصراره على الدعاء كانا مفتاحًا لاستجابة الله له.
نبذة عن حياة النبي زكريا عليه السلام:
النبي زكريا عليه السلام كان من ذرية الأنبياء، وكان من بني إسرائيل. تنتمي قصته إلى فترة زمنية شهدت فيها الأمة اليهودية ظروفًا صعبة من الفساد والضلال. كان زكريا عليه السلام رجلاً صالحًا، نشأ في بيئة دينية وطيبة، وقد كُلف بنبوة الله ليقود قومه في زمن كان فيه الضلال قد فشا، وكان مهمته الأساسية توجيه بني إسرائيل إلى عبادة الله، وتحذيرهم من المعاصي. لكن كان له أيضًا موقف شخصي ومؤثر في الدعاء إلى الله في أمر يتعلق بمستقبله وأسرته.
قصة زكريا مع الله وطلبه للولد:
من بين أبرز المواقف التي تم تسجيلها في القرآن الكريم عن النبي زكريا، هو دعاؤه لله في طلب الولد. عُرف عن زكريا عليه السلام أنه كان عفيفًا وزاهدًا، واعتنى بمريم عليها السلام في الهيكل عندما كانت صغيرة، وكان يراقبها ويراعي أحوالها، حتى عندما رأى كيف أن الله يرزقها من فضله، دعا هو أيضًا الله أن يمن عليه بذرية صالحة. ومع مرور السنوات، بلغ زكريا عليه السلام سنًا متقدمًا، وكانت زوجته عاقرًا، فزاد أمله في أن يرزقه الله بالولد، وفي نفس الوقت كان يعلم أن هذه الدعوة في ظاهرها قد تكون مستحيلة.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبُّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَٰهِبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَجَعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6).” (سورة مريم: 3-6)
في هذه الآيات نجد أن زكريا عليه السلام يتوجه إلى الله في دعاء خفي، يعبر عن ضعف جسمه وكبر سنه، ويكشف له عن حاجته الملحة إلى ولد يعينه في مهمته، حيث كان يخشى أن يظل دون نسل يرث عنه النبوة. ورغم هذه الحالة التي كانت تبدو غير قابلة للتحقق، لم يفقد زكريا الأمل في رحمة الله وعونه.
استجابة الله لدعوة زكريا:
استجاب الله تعالى لدعاء زكريا عليه السلام استجابة عظيمة، حيث أرسل إليه الملائكة ليبشره بالخبر السار الذي كان يعجز عن تصديقه في بداية الأمر. في هذه اللحظة، جائته البشرى من الله بأن زوجته العاقر سوف تحمل وتلد له ولدًا يكون اسمه يحيى.
يقول الله تعالى: “قَالَ رَبُّكَ قَاضِيًا عَلَيْهِ وَهْنُ الْجَسَدِ وَرَأْسُهُ شَيْبٌ فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ فَقَالَ يَا رَبُّ أَنَا عَقِيمٌ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَأَنْتَ جَابِرٌ لِي فَأَحْبِبْنَا.”
