قشر التمور و علاج السرطان

قشر التمور يعالج أمراض السرطان: دراسة علمية ونتائج واعدة

تعتبر التمور من أبرز الفواكه التي تنمو في المناطق الحارة، وتُعد من الأغذية الغنية بالعديد من العناصر الغذائية التي تعود بالفائدة على صحة الإنسان. وتُستخدم التمور في العديد من الثقافات كغذاء رئيسي في بعض الوجبات اليومية، خاصة في البلدان العربية. ومن المعروف أن التمور غنية بالكربوهيدرات والألياف، إضافة إلى الفيتامينات والمعادن الضرورية مثل البوتاسيوم، والمغنيسيوم، والحديد. إلا أن الأبحاث العلمية الحديثة قد أظهرت أن قشور التمور، التي غالبًا ما يتم التخلص منها، تحتوي على مكونات طبيعية قد تكون فعّالة في محاربة بعض الأمراض الخطيرة، مثل السرطان.

في هذا المقال، سيتم تسليط الضوء على فوائد قشر التمور في الوقاية والعلاج من السرطان، ودور المواد الفعّالة الموجودة فيه التي تساهم في تقوية جهاز المناعة، وطرق الاستفادة منه في هذا المجال.

1. المحتوى الكيميائي لقشر التمور

يحتوي قشر التمور على العديد من المركبات الكيميائية التي قد تساهم في تعزيز الصحة العامة. إذ يحتوي على نسبة عالية من الألياف التي تساعد في تحسين صحة الجهاز الهضمي، وكذلك مواد مضادة للأكسدة التي تحارب الجذور الحرة التي تضر الخلايا السليمة. من بين المواد الفعّالة في قشر التمور نجد:

• الفينولات: تعد الفينولات من أقوى المركبات المضادة للأكسدة، وهي تعمل على تقليل الأضرار الناتجة عن الجذور الحرة.

• الأنثوسيانين: تعتبر هذه المركبات مسؤولة عن اللون الداكن لقشور التمور، وهي تمثل أحد أنواع مضادات الأكسدة الفعّالة التي تساهم في الوقاية من التهابات الأنسجة.

• السابونين: يعتبر السابونين من المركبات الطبيعية التي تساهم في تحسين الجهاز المناعي وتساعد في محاربة الأورام السرطانية.

• التانينات: تعد التانينات من المركبات التي لها خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات، بالإضافة إلى دورها في تقليل نمو الخلايا السرطانية.

2. قشر التمور والوقاية من السرطان

أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن قشر التمور يحتوي على خصائص مضادة للأورام قد تساهم في الوقاية من بعض أنواع السرطان. المواد المضادة للأكسدة في قشر التمور تلعب دورًا محوريًا في تحييد الجذور الحرة التي تساهم في تلف الحمض النووي للخلايا، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.

2.1. التأثير على نمو الأورام

تشير الدراسات التي أُجريت على الحيوانات إلى أن قشر التمور يحتوي على مركبات فعّالة قادرة على تثبيط نمو الأورام السرطانية. وبحسب دراسة نشرت في مجلة “Journal of Medicinal Food” تم استعراض تأثير قشور التمور على خلايا سرطانية في المختبر، حيث أظهرت النتائج أن قشر التمور يعمل على الحد من نمو هذه الخلايا بشكل ملحوظ. يعود هذا التأثير إلى التفاعل الكيميائي بين المركبات الطبيعية في القشر والخلايا السرطانية.

2.2. مقاومة التورمات الخبيثة

لا يقتصر تأثير قشر التمور على الوقاية من السرطان فحسب، بل يمكن أن يساعد أيضًا في تقليل حجم الأورام في المراحل المبكرة. تعمل مكونات قشر التمور على محاربة الالتهابات والتورمات التي قد تصاحب بعض الأورام الخبيثة. هذا التأثير المضاد للتورمات يعود إلى قدرة المواد الكيميائية في القشر على تقليل النشاط غير الطبيعي للخلايا.

3. آلية عمل قشر التمور في علاج السرطان

إن الطريقة التي يعمل بها قشر التمور في محاربة السرطان تتعلق بشكل أساسي بتأثيره على المسارات الجزيئية داخل الخلايا. تميل الخلايا السرطانية إلى تكاثر غير محدود، وهذا يؤدي إلى تشكل الأورام. لكن قشر التمور يحتوي على مركبات طبيعية قادرة على التأثير على هذه العمليات الجزيئية على النحو التالي:

• تثبيط تكاثر الخلايا السرطانية: تساعد المركبات الفعّالة في قشر التمور على إبطاء أو إيقاف عملية انقسام الخلايا السرطانية، ما يقلل من فرصة تكوّن الأورام.

• تحفيز موت الخلايا المبرمج: المعروف باسم “apoptosis”، وهو عملية موت الخلايا التي تعتبر آلية دفاعية في الجسم ضد الخلايا السرطانية.

• تنظيم آلية التأكسد والتمثيل الغذائي: قشر التمور يحتوي على مواد مضادة للأكسدة تساعد في تقليل الأضرار التي تتسبب فيها الجذور الحرة على الحمض النووي للخلايا.

4. دراسات علمية تدعم فعالية قشر التمور في مكافحة السرطان

في السنوات الأخيرة، ازدادت الدراسات العلمية التي تسلط الضوء على فوائد قشر التمور في مكافحة السرطان. إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة “الملك سعود” في الرياض، أكدت أن المستخلصات المأخوذة من قشر التمور أظهرت فعالية ملحوظة في تثبيط نمو خلايا السرطان في المختبر. كما أظهرت دراسات أخرى أن قشور التمور تحتوي على مركبات نشطة بيولوجيًا تساعد في تقليل الإصابة بأنواع متعددة من السرطان، مثل سرطان الثدي، والقولون، والرئة.

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسة نشرتها “مجلة الأبحاث الطبية” أن المواد الكيميائية الموجودة في قشر التمور قد تساعد في تقليل الأعراض المرتبطة بالعلاج الكيميائي، مثل الغثيان وفقدان الشهية، مما يسهل من تلقي المرضى للعلاج.

5. طريقة تحضير واستخدام قشر التمور

بناءً على الأبحاث العلمية والتقارير الصحية التي تشير إلى فوائد قشر التمور في مكافحة السرطان، بدأ العديد من الأشخاص في استهلاك قشور التمور بطرق مبتكرة، سواء عن طريق إضافتها إلى العصائر، أو تحضيرها على شكل مسحوق، أو استخدامها في الشاي. ومن الجدير بالذكر أن قشور التمور يمكن تجفيفها بسهولة، وتحويلها إلى مسحوق ناعم يُضاف إلى مختلف الأطعمة والمشروبات.

5.1. تحضير مسحوق قشر التمور

لإعداد مسحوق قشر التمور، يجب أولاً غسل القشور جيدًا بعد إزالة التمور. ثم يتم تجفيف القشور في الشمس أو باستخدام مجفف الطعام حتى تصبح جافة تمامًا. بعد ذلك، يمكن طحن القشور المجففة باستخدام مطحنة القهوة أو الخلاط للحصول على مسحوق ناعم. يتم تخزين هذا المسحوق في وعاء محكم الهواء، ويمكن إضافته إلى مشروبات مختلفة أو استخدامه في تحضير بعض الوجبات.

5.2. استخدام قشر التمور في الشاي

إحدى الطرق الفعالة لاستهلاك قشور التمور هي من خلال تحضير الشاي. يتم غلي قشور التمور المجففة في الماء، ويمكن إضافة بعض الأعشاب الأخرى مثل الزنجبيل أو النعناع لتعزيز الفائدة الصحية لهذا المشروب. يُشرب هذا الشاي بشكل يومي للحصول على أقصى استفادة من خصائصه المضادة للأكسدة.

6. التحديات والآفاق المستقبلية

رغم الفوائد العديدة التي يمكن أن يقدمها قشر التمور في علاج السرطان، إلا أن هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح هذا العلاج شائعًا على نطاق واسع. من أبرز هذه التحديات:

• قلة الدراسات السريرية: على الرغم من وجود عدد كبير من الدراسات المختبرية، إلا أن الدراسات السريرية على البشر ما زالت قليلة. وبالتالي، من الضروري إجراء مزيد من التجارب على نطاق واسع لضمان فعالية قشر التمور في علاج السرطان.

• إمكانية تفاعل قشر التمور مع الأدوية الأخرى: كما هو الحال مع أي مادة طبيعية أخرى، يجب دراسة كيفية تفاعل قشر التمور مع الأدوية الأخرى التي قد يتناولها المرضى.

7. الختام

يشير البحث العلمي إلى أن قشر التمور يحمل خصائص صحية واعدة قد تساهم في محاربة السرطان والوقاية منه. من خلال احتوائه على مركبات مضادة للأكسدة، ومواد فعّالة تقاوم نمو الخلايا السرطانية، يمكن اعتبار قشر التمور من المصادر الطبيعية التي يمكن الاستفادة منها في إطار الوقاية والعلاج التكميلي. ومع تقدم الأبحاث في هذا المجال، قد يظهر قشر التمور كأداة مهمة في محاربة هذا المرض الخطير، ويستحق أن يتم استهلاكه بشكل أوسع ضمن النظام الغذائي الصحي.