فيلم “كتاب هنري” (The Book of Henry): دراما مؤثرة تبرز قوة العائلة والشجاعة
يعد فيلم “كتاب هنري” من إخراج كولين تريفوراو، الذي أُطلق في عام 2017، واحدًا من الأفلام التي تحمل رسائل عميقة حول قوى العائلة والمساعدة المتبادلة في المواقف الصعبة. رغم أن هذا الفيلم قد لا يكون من بين الأعمال الأكثر شهرة، إلا أنه يترك انطباعًا قويًا لدى المشاهدين بسبب ما يطرحه من مواضيع معقدة تؤثر في العلاقات الإنسانية والظروف الصعبة التي يواجهها الأفراد.
القصة الأساسية للفيلم:
تدور أحداث فيلم “كتاب هنري” حول صبي في سن الحادية عشرة يُدعى هنري، وهو طفل ذكي للغاية ومؤثر في محيطه. يعيش هنري مع والدته، سوزان، وأخيه الأصغر، بيتر، في مدينة هادئة. ولكن هنري يُصاب بقلق شديد عندما يلاحظ أن جارته الجديدة، كريس (التي تقوم بدورها الممثلة مادي زيغلر)، تتعرض للإساءة على يد والدها.
يقرر هنري أن يأخذ الأمور بيده وأن يساعد جارته التي يشعر بأنها في خطر، ولذلك يقوم بتوثيق كل شيء في سلسلة من الملاحظات الصوتية المكتوبة. الفيلم يركز على كيف يمكن لذكاء هذا الطفل الصغير أن يحفز التغيير، ويطرح تساؤلات عن كيفية تصرفنا مع من نحبهم، وكيف يمكن للخير أن يظهر حتى في أصغر الأفعال.
الشخصيات الرئيسية وأداء الممثلين:
يتميز فيلم “كتاب هنري” بأداء رائع من طاقم الممثلين الذين يجسدون شخصيات معقدة ومؤثرة. تلعب النجمة ناومي واتس دور سوزان، الأم التي تكافح مع تحديات حياتية كبيرة ولكنها تجد نفسها في مفترق طرق عندما يعلم ابنها عن الأوضاع الخطيرة التي تمر بها جارته.
أما جادن مارتيل، الذي يؤدي دور هنري، فيعطي أداءً استثنائيًا في تقديم شخصية طفل ذكي يتصرف بحكمة أكبر من سنه. مارتيل ينجح في تصوير صراع هنري الداخلي بين البراءة والحكمة، مما يجعل المشاهدين يعجبون بتفكير هذا الطفل الذي يتعامل مع مواقف تتطلب شجاعة ونضجًا أكبر من المتوقع.
من جانب آخر، يظهر جاكوب تريمبلاي في دور بيتر، الأخ الأصغر لهنري، والذي يُضاف إلى القصة ليكون بمثابة رابط عاطفي يعزز من جوهر الفيلم العائلي. ساعدت شخصيته في تحقيق توازن بين المشاعر السلبية والإيجابية في الفيلم.
موضوعات الفيلم وتأثيره العاطفي:
رغم أن الفيلم يصنف ضمن فئة الدراما، إلا أنه يتناول مواضيع معقدة، مثل الإساءة للأطفال، وعواقب اتخاذ القرارات الصعبة، وأثر الذكاء والشجاعة في تغيير مجريات الأحداث. ينقلك الفيلم من عالم الأطفال المليء بالبراءة إلى واقع الكبار المعقد. ومن خلال متابعة هنري، يتعلم المشاهد أن التصرف السليم قد لا يكون دائمًا الخيار الأسهل، لكن أحيانًا يتطلب اتخاذ خطوات جريئة.
الفيلم يعكس أيضًا قوة العلاقات الأسرية ويبرز كيف يمكن للعائلات أن تكون أداة دعم هائلة في الأوقات الصعبة. يمكن القول أن هذا العمل يتناول موضوعات متعلقة بالعدالة الشخصية، المسؤولية الأخلاقية، وقوة الأمل.
الإخراج والتقنيات السينمائية:
كولين تريفوراو، المخرج المعروف الذي حقق شهرة واسعة من خلال إخراجه لأفلام ضخمة مثل “جوراسيك وورلد”، يثبت هنا قدرته على معالجة الدراما الإنسانية بشكل مميز. استخدامه للزوايا البصرية، وتقنيات التصوير، مع التركيز على التفاصيل الدقيقة للأداء الشخصي للشخصيات، يساعد في تعزيز الجو العاطفي للفيلم.
تضفي الموسيقى التصويرية لموسيقي الفيلم، مايكل ديبولا، طابعًا مؤثرًا على الأحداث، حيث تدعم الألحان والمقاطع الصوتية التصعيد الدرامي في العديد من المشاهد المهمة. كما أن الإضاءة وظروف التصوير المستخدمة في الفيلم تساهم في إبراز أجواء التوتر والأمل في الوقت ذاته.
التقييم والتأثير على الجمهور:
رغم تلقي الفيلم لبعض الآراء المتباينة، إلا أنه ينجح في الوصول إلى قلب المشاهد من خلال حبكته العاطفية المثيرة والمليئة بالتفاصيل. كان الفيلم يتعامل مع موضوعات معقدة بحذر شديد، وهو ما جعله مؤثرًا على جمهور واسع.
تم تصنيف الفيلم ضمن فئة الأفلام التي تتناول الدراما، وكان تصنيفه العمري “PG-13” يناسب جمهورًا بالغًا وراشدًا، مما يتيح الفرصة لاستكشاف قضايا الطفولة والأسر بأسلوب ناضج. الفيلم ليس فقط عن طفل بطل، بل عن كيفية التفاعل مع القضايا الإنسانية بشكل عميق.
الختام:
“كتاب هنري” هو فيلم يمكن أن يُشاهد مرات عديدة، فهو لا يقدم فقط قصة محورية عن طفل ذكي، بل يتعامل مع قضايا حياتية إنسانية مهمة بشكل ناضج، مما يجعله أحد الأعمال السينمائية التي تبقى في الذاكرة طويلاً. يبرز الفيلم من خلال تفاعل الشخصيات وقراراتهم كيف أن التصرف بحكمة يمكن أن يؤدي إلى تغيير حقيقي، حتى في الأوقات الأكثر ظلامًا.