فيلم “بولار” (Polar): غموض قاتل وحياة قاتل محترف
في عالم أفلام الأكشن والجريمة، يعد فيلم “بولار” (Polar) أحد أبرز الأعمال التي تجمع بين الإثارة والمفاجآت التي لا تخلو من العنف والمشاهد الصادمة. الفيلم من إنتاج مشترك بين الولايات المتحدة وألمانيا، ويُعد من أكثر الأفلام التي جذبت الانتباه من خلال توافر مزيج من الأكشن العنيف مع قصة مليئة بالتوتر. صدر الفيلم في 25 يناير 2019 وكان متاحًا عبر منصة نتفليكس، وحظي بانتشار واسع رغم تلقيه ردود فعل متباينة من النقاد والجماهير.
القصة الأساسية لفيلم “بولار”
يأخذنا “بولار” في رحلة مشوقة تتبع قصة مايك، قاتل محترف قد قرر التقاعد بعد سنوات طويلة من العمل في مجال الاغتيالات. ومع تقدمه في السن، يصبح لديه رغبة في التمتع بحياة هادئة مليئة بالرفاهية بعيدًا عن الأجواء العنيفة التي تعود إليها. إلا أن خطط مايك لا تكتمل، حيث يقوم رئيسه المتهور الذي يشتهر بالفساد والجشع بإرسال مجموعة من القتلة الشباب القاسيين والمستعدين لخوض معركة دامية ضده، وذلك بسبب طمعهم في ممتلكات مايك التي تقدر بملايين الدولارات. وهكذا يجد مايك نفسه مضطراً للعودة إلى عالمه المظلم، في محاولة للنجاة من هذا الكم الهائل من المهاجمين الذين يسعون إلى القضاء عليه.
الشخصيات الرئيسية في “بولار”
على الرغم من أن الفيلم لا يقدم شخصيات معقدة بشكل كبير، إلا أن مايك، الشخصية الرئيسية، يتم تصويرها بطريقة تجذب الانتباه. يمثل مايك القاتل المتمرس الذي يواجه تحديًا حقيقيًا في عالم لا مكان فيه للضعفاء. يتم تمثيله من قبل الممثل الكندي ماتياس شوينارتس، الذي قام بتقديم أداء مثير للإعجاب يجسد روح الشخص الجاد والمتعب من حياته المهنية في مجال الاغتيالات.
أما باقي الشخصيات، فنجد أن معظمهم من القتلة الشباب، الذين لا يتورعون عن القيام بكل ما يلزم لقتل مايك. على الرغم من أن هذه الشخصيات قد تبدو سطحية في بعض الأحيان، إلا أنها تضيف جواً من الإثارة والتوتر في الأحداث.
الطابع الفني والتقني للفيلم
من ناحية الصورة والإخراج، تم تصوير “بولار” بأسلوب يجذب المشاهدين من خلال الألوان الداكنة والإضاءة الحادة التي تعكس الجو القاتم للفيلم. كما يعتمد الفيلم على مشاهد العنف الشديد التي تتسم بالسرعة والتشويق، مما يجعله محط اهتمام لمحبي أفلام الأكشن.
يستخدم المخرج أسلوبًا مميزًا في تقديم القتال والمعارك، حيث تبرز فيه الحركات السريعة والدموية التي تبقي المشاهد على أطراف أصابعه طوال الوقت. هذه الطريقة تجعل من “بولار” فيلمًا مختلفًا في قالب الأكشن المعاصر، إذ لا يقتصر فقط على القتال التقليدي، بل يتضمن أيضًا عدة لحظات درامية تساهم في تعميق مشاعر القلق والتوتر لدى الجمهور.
النقد والاستقبال الجماهيري
من جهة الاستقبال الجماهيري، حصل فيلم “بولار” على تقييم TV-MA، ما يعني أنه مخصص للمشاهدين البالغين بسبب محتواه العنيف والدموي. وكان هذا الفيلم مستهدفًا في المقام الأول لمحبي أفلام الأكشن المثيرة، حيث قد يكون بعيدًا عن الذوق العام لبعض الأشخاص الذين لا يفضلون هذه النوعية من الأعمال. بالنظر إلى مدة الفيلم التي تصل إلى 119 دقيقة، يمكن القول إنه يقدم سردًا سريعًا دون أن يطيل في التفاصيل، مما يجعله مناسبًا لعشاق الإثارة التي لا تتوقف.
على الرغم من أن النقاد وصفوا الفيلم بأنه قد يبدو بسيطًا في بعض جوانبه، خاصة في تعامله مع بعض الشخصيات الثانوية التي كانت تفتقر إلى العمق، إلا أن معظمهم اتفق على أن الفيلم يتمتع بطابع فني مشوق وعنيف يتناسب مع جمهور الأكشن.
الأسلوب البصري والتأثيرات في “بولار”
أحد أبرز العناصر التي تميز “بولار” هو الأسلوب البصري المبتكر في تصوير المشاهد. الفيلم يدمج بين تقنيات تصوير حديثة وأسلوب في الإخراج يركز على العنصر البصري بشكل رئيسي. تتنوع مشاهد الأكشن لتشمل معارك شوارع دامية، مطاردات دراجات نارية، واستخدام أسلحة نارية بشكل مكثف. كل هذه العناصر تُقدّم في إطار بصري ملفت يدمج بين الظلال القاتمة والتصوير الجرافيكي الذي يمنح الفيلم طابعًا متمايزًا في عالم أفلام الأكشن.
الانتقال السريع بين الأحداث والمشاهد المتسارعة يُبقي الجمهور في حالة من الترقب والتشويق، إذ يجد نفسه دائمًا في مواجهة مشهد جديد يشبع تطلعاته لعنف أكشن مثير.
العلاقة بين العنف والحياة الشخصية
من خلال القصة والمشاهد، يقدم “بولار” تساؤلات حول طبيعة حياة القاتل المحترف وكيف يمكن للدموية والعنف أن تتداخل مع حياة شخصية أو إنسانية قد تبدو عادية. الفيلم يسلط الضوء على التوتر الداخلي لشخصية مايك التي كانت في بداية الفيلم تحاول التقاعد والابتعاد عن العنف، لكن الأوضاع تفرض عليه العودة إلى ما كان عليه. يقدم الفيلم بطريقة غير مباشرة لمحة عن العبء النفسي الذي يعانيه الأفراد الذين يزاولون مثل هذه المهن القاسية.
خاتمة
في النهاية، يمكن القول إن فيلم “بولار” هو فيلم أكشن بامتياز، يجمع بين العنف، التشويق، والأداء الفني الممتاز في تصوير قصة قاتل محترف يواجه تحديات جديدة. على الرغم من قسوة مشاهد العنف وتكرارها، إلا أن الفيلم يظل مشوقًا، ويقدم للمشاهدين تجربة مميزة في عالم أفلام الأكشن الدموية.
الفيلم لا يناسب المشاهدين الذين لا يفضلون أفلام العنف المفرط أو الذين يبحثون عن عمق درامي كبير، ولكنه يعد خيارًا مثاليًا لمحبي أفلام الأكشن المليئة بالمطاردات والتشويق.