الفرق بين فيروس كورونا والإنفلونزا
منذ ظهور فيروس كورونا المستجد (COVID-19) في أواخر عام 2019، أصبح حديث العالم ويستحوذ على اهتمام الجميع بسبب تأثيره العميق في جميع جوانب الحياة. وعلى الرغم من أن فيروس كورونا يشترك في بعض الأعراض مع الإنفلونزا (الأنفلونزا الموسمية)، إلا أن هناك فروقًا جوهرية بين الفيروسين من حيث مصدرهما، وطريقة انتقالهما، والأعراض التي يسببانها، وطرق الوقاية والعلاج. في هذا المقال، سنتناول الاختلافات الرئيسية بين فيروس كورونا والإنفلونزا، بالإضافة إلى مميزات كل منهما التي تؤثر على الصحة العامة والأنظمة الصحية في مختلف دول العالم.
1. السبب والأصل
فيروس كورونا (SARS-CoV-2)
فيروس كورونا المستجد هو جزء من مجموعة من الفيروسات التي تهاجم الجهاز التنفسي، وهو من عائلة الفيروسات التاجية (Coronaviridae). تم التعرف عليه لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر 2019. هذا الفيروس ينتمي إلى النوع المسبب للمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، ولكنه يحمل خصائص وخصائص بيولوجية مختلفة.
الإنفلونزا (فيروس الإنفلونزا)
فيروس الإنفلونزا، من ناحية أخرى، هو فيروس تنفسي يتسبب في مرض الإنفلونزا. ينتمي إلى عائلة الفيروسات أورثوميكسوفيريداي (Orthomyxoviridae)، ويتكون من ثلاثة أنواع رئيسية هي A و B و C. الفيروسات من النوع A هي الأكثر شيوعًا وسبب معظم حالات الإنفلونزا، حيث تحتوي على قدرة على التحور المستمر مما يؤدي إلى تطور سلالات جديدة بشكل دوري، مما يجعل اللقاحات غير فعالة تمامًا في بعض الأحيان.
2. طريقة الانتقال
فيروس كورونا
ينتقل فيروس كورونا بشكل أساسي من شخص لآخر عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للفيروس أن ينتقل عبر الأسطح الملوثة إذا تم لمسها ثم لمس الأنف أو الفم أو العينين. تُظهر الدراسات أن الفيروس يمكن أن يعيش على الأسطح لعدة ساعات أو حتى أيام، مما يعزز من سرعة انتشاره في المجتمعات.
الإنفلونزا
تشترك الإنفلونزا في نفس طرق الانتقال الرئيسية، أي عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال والعطس. ولكن الفرق الرئيسي أن فيروس الإنفلونزا لا يظل موجودًا على الأسطح لفترة طويلة مثل فيروس كورونا، مما يعني أن فرصة انتقال العدوى عبر الأسطح أقل مقارنة بفيروس كورونا.
3. الأعراض
فيروس كورونا
الأعراض التي يسببها فيروس كورونا تتراوح من أعراض خفيفة إلى أعراض شديدة. في بعض الحالات، قد تكون الإصابة بدون أعراض تمامًا، مما يجعل من الصعب اكتشاف الفيروس في المراحل المبكرة. لكن الأعراض الشائعة تتضمن:
-
ارتفاع درجة الحرارة
-
السعال الجاف
-
الإرهاق
-
صعوبة في التنفس
-
فقدان حاستي التذوق أو الشم
-
ألم العضلات والمفاصل
-
التهاب الحلق
كما أن بعض الحالات قد تصاب بمضاعفات خطيرة مثل الالتهاب الرئوي الحاد أو الفشل التنفسي، ويمكن أن يؤدي الفيروس إلى الوفاة، خاصة في الفئات العمرية الأكبر والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
الإنفلونزا
تسبب الإنفلونزا أيضًا مجموعة من الأعراض التي تتشابه مع أعراض فيروس كورونا، وتشمل:
-
الحمى
-
السعال
-
العطس
-
آلام الجسم والمفاصل
-
التعب العام
-
انسداد الأنف أو سيلانه
لكن، في معظم الحالات، تكون أعراض الإنفلونزا أقل شدة من أعراض فيروس كورونا، ومع العلاج المناسب، يتم التعافي من الإنفلونزا بشكل أسرع.
4. مدة الحضانة والعدوى
فيروس كورونا
يستغرق فيروس كورونا عادةً فترة حضانة تتراوح بين 2 إلى 14 يومًا قبل أن تظهر الأعراض. وعلى الرغم من أن الأشخاص قد لا تظهر عليهم الأعراض في الأيام الأولى، إلا أنهم يمكن أن ينقلوا الفيروس إلى الآخرين خلال هذه الفترة. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من أعراض شديدة غالبًا ما يكونون أكثر قدرة على نقل العدوى.
الإنفلونزا
فيروس الإنفلونزا أيضًا لديه فترة حضانة قصيرة، حيث يمكن أن تظهر الأعراض بعد حوالي يوم إلى أربعة أيام من التعرض للفيروس. غالبًا ما يكون الشخص معديًا قبل أن تظهر الأعراض بأيام قليلة، ويستمر في نقل العدوى لمدة تصل إلى أسبوع من الإصابة.
5. الانتشار والوباء
فيروس كورونا
فيروس كورونا شهد انتشارًا سريعًا عالميًا، مما دفع منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى إعلان جائحة في مارس 2020. هذا الفيروس له قدرة غير عادية على الانتشار بشكل أسرع من الإنفلونزا بسبب القدرة العالية على العدوى، إضافة إلى تحوراته المستمرة التي جعلت اللقاحات والطرق التقليدية لمكافحته أقل فعالية في بعض الأحيان.
الإنفلونزا
الإنفلونزا هي مرض موسمي يظهر بشكل دوري، ويتسبب في أوبئة صغيرة محلية سنويًا في جميع أنحاء العالم، لكن لا يصل إلى نطاق الجائحة كما هو الحال مع فيروس كورونا. ومع ذلك، قد تحدث موجات شديدة من الإنفلونزا، خاصة في فترات التغيير الموسمي، مثل فصول الخريف والشتاء.
6. التشخيص والعلاج
فيروس كورونا
تشخيص فيروس كورونا يعتمد على اختبار PCR (تفاعل البوليميراز المتسلسل) للكشف عن الحمض النووي للفيروس. هذا الاختبار يعتبر الأكثر دقة للكشف عن الإصابة. كما يمكن استخدام اختبارات أخرى مثل الاختبارات السريعة للكشف عن مستضدات الفيروس.
بالنسبة للعلاج، لا يوجد علاج خاص لفيروس كورونا حتى الآن. العلاج غالبًا ما يكون داعمًا ويشمل الرعاية المكثفة في بعض الحالات. ومع ذلك، تتوفر بعض الأدوية التي قد تساعد في تقليل شدة الأعراض أو تسريع التعافي، مثل أدوية مضادة للفيروسات مثل “ريمديسيفير” وبعض الأدوية الأخرى. اللقاحات المتوفرة حاليًا تساعد في تقليل معدلات الإصابة والأعراض الشديدة.
الإنفلونزا
الإنفلونزا يمكن تشخيصها باستخدام اختبارات سريعة للكشف عن الفيروس، مثل اختبارات المستضدات أو اختبار PCR. يتم علاج الإنفلونزا في الغالب باستخدام أدوية مضادة للفيروسات مثل “أوسيلتاميفير” (Tamiflu) التي يمكن أن تقلل من مدة المرض إذا تم استخدامها مبكرًا. بالإضافة إلى ذلك، يتم التعامل مع الأعراض بتقليل الحمى باستخدام مسكنات الألم والمضادات الحيوية في حال حدوث التهابات بكتيرية ثانوية.
7. الوقاية والتطعيم
فيروس كورونا
تعتبر الوقاية من فيروس كورونا أمرًا بالغ الأهمية، ويشمل ذلك تطبيق تدابير مثل ارتداء الكمامات، الحفاظ على التباعد الاجتماعي، غسل اليدين بشكل منتظم، وتجنب التجمعات الكبيرة. التطعيم ضد فيروس كورونا يعد من أفضل الطرق للوقاية من الإصابة، حيث أظهرت اللقاحات فعالية كبيرة في تقليل الإصابة والحد من الأعراض الشديدة والمضاعفات.
الإنفلونزا
التطعيم ضد الإنفلونزا يعتبر أساسيًا للوقاية، وهو متاح كل عام مع تحديثات جديدة بناءً على السلالات المنتشرة في ذلك الموسم. بالإضافة إلى التطعيم، يمكن للأفراد ممارسة سلوكيات وقائية مثل غسل اليدين بانتظام، تغطية الأنف والفم عند العطس أو السعال، والابتعاد عن المصابين.
8. التأثير على الفئات الحساسة
فيروس كورونا
تؤثر الإصابة بفيروس كورونا بشكل أكثر خطورة على كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب، السكري، أمراض الجهاز التنفسي المزمنة، أو ضعف الجهاز المناعي. هؤلاء الأشخاص معرضون لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة.
الإنفلونزا
على الرغم من أن الإنفلونزا يمكن أن تكون خطيرة أيضًا، فإن الأفراد الأكثر عرضة للمضاعفات هم كبار السن، الأطفال الصغار، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. عادةً ما يشفى معظم الأشخاص من الإنفلونزا دون الحاجة إلى علاج مستشفى.
9. التأثير على الأنظمة الصحية
فيروس كورونا كان له تأثير مدمر على الأنظمة الصحية في جميع أنحاء العالم. بفضل سرعة انتقاله وعدد الإصابات العالية، تعرضت المستشفيات لمستويات ضغط غير مسبوقة، مما أدى إلى مشاكل في توفير الرعاية الطبية للمصابين. بالإضافة إلى ذلك، كانت الحاجة إلى أطباء وممرضين وموارد طبية كبيرة جدًا.
في المقابل، على الرغم من أن الإنفلونزا تسببت في أوبئة سنوية وعبئًا على الأنظمة الصحية، إلا أنها لم تقترب من تأثير فيروس كورونا من حيث عدد الإصابات والمضاعفات الخطيرة.
10. الختام
في الختام، رغم أن فيروس كورونا والإنفلونزا يشتركان في العديد من الأعراض وطرق الانتقال، إلا أن هناك العديد من الفروق الجوهرية بينهما من حيث الأثر الصحي والاقتصادي، وطريقة تعامل الأنظمة الصحية مع كل منهما. لقد فرض فيروس كورونا تحديات غير مسبوقة على العالم، مما جعل الحاجة إلى الوقاية والعلاج تتطلب مستويات من التنسيق الدولي لم نشهدها من قبل.
