في سياق الطب النفسي، يُعتبر الكتمان الانتقائي (Selective Mutism) حالة نفسية مُعقدة تُظهر عند الأطفال عادةً، وتتميز بعدم القدرة على التحدث في بعض السياقات أو المواقف، بينما يمكنهم التحدث بشكل طبيعي في سياقات أخرى. يُعتبر هذا الاضطراب غير شائع ولكنه يُشكل تحديًا كبيرًا للأطفال الذين يعانون منه ولعائلاتهم، ويمكن أن يُؤثر على الأداء الأكاديمي والاجتماعي للفرد.
الأطفال الذين يُصابون بالكتمان الانتقائي غالباً ما يُظهرون قدرة عادية على التواصل في المنزل أو مع الأشخاص الذين يعرفونهم جيدًا، لكنهم يجدون صعوبة في التحدث في الأماكن العامة، مثل المدرسة أو الأماكن العامة الأخرى. هذا يُعتبر تحديًا نفسيًا يحتاج إلى تقييم وتدخل مُكثف لتحقيق تحسين في جودة حياة الشخص المُصاب.
يُعتبر العلاج المعرفي السلوكي واحدًا من الأساليب الفعّالة لمعالجة الكتمان الانتقائي، حيث يُساعد الأطفال على التعرف على المشاعر والأفكار التي تُثير القلق لديهم ويُوفر لهم أدوات واستراتيجيات للتعامل مع هذه المشاعر بطريقة أكثر فعالية. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن أن تكون العلاجات المُختلفة مُفيدة، مثل العلاج الدوائي أو العلاج النفسي التحليلي، حسب حاجة الطفل وطبيعة الاضطراب.
تعد الفهم الدقيق لأسباب وعوامل الخطر المُرتبطة بالكتمان الانتقائي أمرًا مُهمًا لتقديم العناية المناسبة، حيث يُعتبر التفاعل مع العائلة والمدرسة والبيئة المحيطة بالطفل عاملًا رئيسيًا في التقييم والعلاج. من المهم أن نعترف بأن الكتمان الانتقائي ليس مجرد “عدم الثقة في النفس” أو “خجل”، بل هو اضطراب نفسي مُعقد يتطلب معالجة شاملة تُركز على التفاعلات المُعقدة بين العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية.
في الختام، يجدر بالذكر أن الكتمان الانتقائي يُعتبر حالة نادرة لكنها تُشكل تحديًا كبيرًا في مجال الصحة النفسية، ويُحتاج إلى فهم عميق ومعالجة مُتخصصة لتحقيق تحسين في حياة الأشخاص الذين يُعانون منه.