الغدد النكافية (Parotid Glands) تعد من أهم الغدد اللعابية في جسم الإنسان. تقع هذه الغدد على جانبي الوجه أمام الأذنين مباشرة وتلعب دورًا حيويًا في إنتاج اللعاب الضروري لعملية الهضم وصحة الفم. رغم صغر حجمها، فإن تأثيرها كبير جدًا على وظائف الجسم المختلفة. يتناول هذا المقال كل ما يتعلق بالغدد النكافية من حيث التركيب، الوظيفة، الأمراض المرتبطة بها، وأساليب الوقاية والعلاج.
التركيب التشريحي للغدد النكافية
الموقع والهيكل
الغدد النكافية هي الأكبر بين الغدد اللعابية الثلاثة الرئيسية (النكافية، تحت الفك السفلي، وتحت اللسان). تقع على جانبي الوجه بالقرب من الفك العلوي أمام الأذن وتمتد جزئيًا إلى أسفل الفك السفلي. تنقسم الغدة إلى فصين رئيسيين:
- الفص السطحي: الجزء الأكبر ويغطي معظم الغدة.
- الفص العميق: يقع بين عصب الوجه (Facial Nerve) والهياكل المجاورة.
قنوات الإفراز
تتصل الغدد النكافية بالفم عبر قناة ستنسن (Stensen’s Duct)، وهي قناة إفرازية تنقل اللعاب إلى الفم، تحديدًا عند المنطقة المقابلة للضرس الثاني العلوي.
وظيفة الغدد النكافية
إنتاج اللعاب
الغدد النكافية مسؤولة عن إنتاج حوالي 25% من إجمالي اللعاب اليومي. يحتوي اللعاب الذي تنتجه على:
- إنزيم الأميليز: يساعد في هضم الكربوهيدرات.
- المواد المخاطية: تساهم في ترطيب الفم وتسهيل البلع.
- الأجسام المضادة: تلعب دورًا في الدفاع المناعي ضد الميكروبات.
الترطيب وحماية الفم
تعمل إفرازات الغدد النكافية على:
- ترطيب الأنسجة داخل الفم.
- الحفاظ على توازن درجة الحموضة في الفم.
- حماية الأسنان من التسوس.
دورها في الجهاز المناعي
يحتوي اللعاب على البروتينات المناعية مثل الليزوزيم التي تقتل البكتيريا وتحمي الفم والحلق من العدوى.
الأمراض المرتبطة بالغدد النكافية
1. التهاب الغدد النكافية
- الأسباب: يمكن أن يحدث الالتهاب نتيجة عدوى فيروسية (مثل النكاف)، عدوى بكتيرية، أو انسداد قناة الغدة.
- الأعراض:
- ألم وتورم في المنطقة أمام الأذن.
- صعوبة في المضغ أو البلع.
- جفاف الفم.
- حمى وإعياء.
2. الأورام النكافية
- الأورام الحميدة: مثل الورم الغدي متعدد الأشكال (Pleomorphic Adenoma).
- الأورام الخبيثة: مثل السرطان الغدّي (Adenocarcinoma) أو سرطان الغدد الليمفاوية.
- الأعراض:
- كتلة أو تورم غير مؤلم في البداية.
- نمو سريع أو ألم مع تقدم الحالة.
- ضعف في عضلات الوجه إذا تأثر العصب الوجهي.
3. متلازمة شوغرن
مرض مناعي ذاتي يسبب جفاف الفم نتيجة مهاجمة الجهاز المناعي للغدد اللعابية.
- الأعراض:
- جفاف الفم والعينين.
- صعوبة في البلع.
- تشقق الشفاه.
4. حصى الغدد النكافية
- الأسباب: تكوّن رواسب معدنية داخل قنوات الغدة.
- الأعراض:
- ألم شديد أثناء تناول الطعام.
- تورم الغدة.
طرق التشخيص
1. الفحص السريري
- الطبيب يفحص المنطقة المحيطة بالغدد النكافية بحثًا عن أي تورم أو ألم.
2. التصوير الطبي
- الموجات فوق الصوتية: للكشف عن الحصى أو الأورام.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يوفر صورًا تفصيلية للغدة.
- الأشعة السينية: تُستخدم لتحديد وجود الحصى.
3. الخزعة
- تُجرى عند الاشتباه بوجود أورام لتحديد طبيعتها (حميدة أو خبيثة).
العلاج
1. علاج الالتهابات
- المضادات الحيوية: لعلاج الالتهاب البكتيري.
- مضادات الالتهاب: لتخفيف الألم والتورم.
2. إزالة الحصى
- يمكن إزالة الحصى يدويًا أو جراحيًا إذا كانت كبيرة.
3. العلاج الجراحي للأورام
- إزالة الورم مع الحفاظ على سلامة العصب الوجهي.
- العلاج الإشعاعي أو الكيميائي في الحالات الخبيثة.
4. إدارة متلازمة شوغرن
- استخدام بدائل اللعاب والأدوية المضادة للالتهاب.
- الحرص على ترطيب الفم وشرب الكثير من السوائل.
الوقاية
- الحفاظ على نظافة الفم: تنظيف الأسنان بانتظام يساعد في منع العدوى.
- شرب الماء بكميات كافية: لتجنب جفاف الفم.
- الغذاء الصحي: تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن.
- زيارة طبيب الأسنان بانتظام: لاكتشاف المشاكل مبكرًا.
أهمية الغدد النكافية في الطب
تلعب الغدد النكافية دورًا حيويًا في الأبحاث الطبية حيث تُستخدم دراسة إفرازاتها لفهم وظائف الجهاز المناعي وتطور الأمراض. كما أنها منطقة رئيسية في الجراحة التجميلية والترميمية للوجه.
الخاتمة
الغدد النكافية ليست مجرد عضو صغير في الجسم، بل هي عنصر أساسي للحفاظ على صحة الفم والجهاز الهضمي والجهاز المناعي. التوعية بمشاكلها وطرق الوقاية منها يُعد خطوة أساسية نحو تحسين جودة الحياة. يُنصح دائمًا بالحصول على استشارة طبية عند ظهور أي أعراض غير طبيعية لضمان تشخيص مبكر وعلاج فعال.
المراجع
- National Institute of Dental and Craniofacial Research (NIDCR).
- American Academy of Otolaryngology – Head and Neck Surgery.
- Journal of Oral and Maxillofacial Surgery.
- World Health Organization (WHO).
ملخص
الغدد اللعابية، المعروفة أيضاً باسم الغدد اللعابية الكبيرة أو الباروتيدية، تمثل جزءاً أساسياً من الجهاز الهضمي والتفريغ اللعابي في الجسم البشري. تتواجد هذه الغدد في منطقة الوجه والرقبة، وتتميز بموقعها الاستراتيجي في الجزء الخلفي للفك السفلي، حيث تمتد على جانبي الوجه. يُعتبر الباروتيد الجسم الرئيسي لإفراز اللعاب، الذي يلعب دوراً حيوياً في عملية الهضم.
تتألف الغدد اللعابية من أنسجة متعددة تشمل الأنسجة الغدية والأنسجة الضامة. الأنسجة الغدية تكون مسؤولة عن إنتاج اللعاب، الذي يحتوي على مجموعة معقدة من المركبات الكيميائية والإنزيمات التي تساهم في عملية الهضم الأولى للطعام. بينما تلعب الأنسجة الضامة دوراً هاماً في دعم وتشكيل هيكل الغدة وتوفير الدعم الوظيفي.
تعتبر الباروتيدات معرضة لمجموعة متنوعة من الحالات والمشكلات الطبية، منها التهاب الباروتيد (باروتيديت) الذي يمكن أن يكون ناتجًا عن العدوى الفيروسية أو البكتيرية، ويتسبب في تضخم والتورم في المنطقة المحيطة بهذه الغدد. علاوة على ذلك، يمكن أن تتعرض الباروتيدات للأورام، سواء كانت حميدة أو خبيثة، مما يستدعي تقييمًا دقيقًا ورعاية طبية متخصصة.
من الجدير بالذكر أن إدارة وعلاج الحالات المرتبطة بالباروتيدات يتطلب فحصاً شاملاً للتاريخ الطبي للمريض، وفحوصات تشخيصية متقدمة، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير الطبقي بالكمبيوتر، لفهم الحالة بشكل كامل وتحديد السبب والعلاج المناسب. في النهاية، يبرز الباروتيد كجزء أساسي من الجهاز الهضمي ويستحق اهتمامًا فحصيًا دقيقًا لضمان صحة ووظيفة هذه الغدد اللعابية.