فوائد نبتة فليو الطبية

فوائد نبتة فليو

تُعدّ نبتة فليو، والتي تُعرف علمياً باسم Mentha pulegium، واحدة من النباتات العطرية التي تنتمي إلى فصيلة النعناعيات (Lamiaceae)، وهي من النباتات البرية الشائعة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تنمو على ضفاف الأنهار والمناطق الرطبة. وتُعرف بأسماء متعددة في البلاد العربية، مثل “النعناع البري” أو “النعناع الفليو” أو “النعناع الفارسي”، وتم استخدامها منذ قرون طويلة في الطب الشعبي لعلاج العديد من الأمراض نظرًا لخواصها العطرية والطبية المميزة.

تتميز نبتة فليو برائحتها النفاذة القوية، وطعمها المر قليلاً، وتحتوي على مجموعة من المركبات الكيميائية النشطة التي تجعلها ذات قيمة عالية في الطب النباتي التقليدي والحديث. من أبرز هذه المركبات: البوليغون (Pulegone)، المنتول (Menthol)، الليمونين، والفلانونويدات، وهي مركبات ذات خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات والفيروسات ومضادة للالتهابات ومطهرة ومضادة للأكسدة.

أولًا: التركيب الكيميائي لنبتة فليو

تعود معظم فوائد فليو الطبية إلى محتواها العالي من مركب البوليغون، إلا أن هذا المركب يجب استخدامه بحذر، لأن الجرعات العالية منه قد تكون سامة للكبد والجهاز العصبي، وهو ما يجعل استهلاكها محصوراً بكميات معتدلة وتحت إشراف طبي في بعض الحالات.

ثانيًا: الفوائد الصحية والطبية لنبتة فليو

1. تعزيز صحة الجهاز التنفسي

يُستخدم فليو في علاج التهابات الجهاز التنفسي العلوي مثل الزكام، التهاب الحلق، والأنفلونزا. يُعتقد أن خصائصه الطاردة للبلغم والمضادة للفيروسات تساعد في تنظيف الشعب الهوائية وتسهيل التنفس. كما أن بخار زيته الطيار يعمل كموسع للشعب الهوائية ويُستخدم في بعض الأحيان في جلسات الاستنشاق لعلاج التهاب الجيوب الأنفية.

2. تنظيم الدورة الشهرية وتخفيف أعراضها

من أكثر الاستخدامات شيوعاً لنبتة فليو في الطب الشعبي هو تحفيز الدورة الشهرية عند النساء، خصوصاً في حالات اضطرابات الطمث أو تأخره. المركب الأساسي فيها، البوليغون، يُحفّز انقباض عضلات الرحم، مما يؤدي إلى تسريع نزول الدم. ولهذا السبب يجب على الحوامل تجنب استخدامه تماماً، لما قد يسببه من خطر الإجهاض.

3. مضاد للتشنجات المعوية

تمتلك نبتة فليو خواصاً مضادة للتشنج، مما يجعلها مفيدة في حالات المغص المعوي، والقولون العصبي، والتقلصات الهضمية. كما تساهم في تحسين عملية الهضم وتخفيف الانتفاخات بفضل خصائصها الطاردة للغازات، وتهدئة جدران الأمعاء وتقليل التقلصات الناتجة عن الاضطرابات الهضمية.

4. طرد الديدان المعوية

تُستخدم فليو تقليديًا كمادة طاردة للديدان المعوية لدى الأطفال والبالغين. ويُعتقد أن المواد الفعالة في أوراق النبتة قادرة على قتل الطفيليات المعوية أو إخراجها من الجهاز الهضمي بفضل خصائصها المطهرة.

5. دعم صحة الكبد

على الرغم من التحذيرات المتعلقة بتناول فليو بجرعات مفرطة، إلا أن الاستخدام المنضبط لها يساعد في تنظيف الكبد من السموم. تحتوي على مضادات أكسدة تساعد على تحفيز الكبد لأداء وظائفه بكفاءة أعلى. ومع ذلك، يجب تجنب الإفراط في تناولها لأن بعض مكوناتها قد تكون سامة للكبد بجرعات عالية.

6. مكافحة الالتهابات والعدوى

يحتوي زيت فليو على خصائص قوية مضادة للبكتيريا والفطريات، ما يجعله فعالًا في علاج الجروح والقروح الجلدية عند استخدامه موضعيًا. وقد أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى فعالية مستخلصات النبتة في مقاومة البكتيريا العنقودية والمكورات العقدية، وهي من البكتيريا الشائعة المسببة للعدوى.

7. تخفيف آلام الرأس والصداع

يمكن استخدام زيت فليو أو مستخلصه موضعيًا على الجبهة والرقبة لتخفيف آلام الصداع الناتج عن التوتر أو الإرهاق العصبي، وذلك بفضل تأثيره المنعش والمهدئ على الجهاز العصبي المركزي.

ثالثًا: استخدامات فليو في الطب التقليدي

• في المغرب والجزائر: يُستخدم مغلي فليو ضمن الأعشاب التي تدخل في علاج البرد والانفلونزا، وغالباً ما يتم تناوله ساخناً مع العسل.

• في الطب التونسي التقليدي: يُضاف إلى مشروبات مهدئة لعلاج الأرق والمغص وتشنجات الدورة الشهرية.

• في الأندلس القديمة: استُخدم فليو في صناعة المراهم العطرية والزيوت العلاجية لتسكين الآلام الروماتيزمية والعضلية.

رابعًا: طرق استخدام نبتة فليو

1. مغلي فليو

يُحضّر من خلال غلي ملعقة صغيرة من أوراق النبتة المجففة في كوب ماء لمدة 5–10 دقائق، ويُشرب دافئًا. يُفضل عدم تجاوز كوبين يوميًا.

2. زيت فليو الطيار

يُستخدم موضعيًا لتخفيف الآلام والتشنجات. يمكن تدليكه على مناطق الألم أو استخدامه كبخور لعلاج مشاكل التنفس، مع ضرورة تخفيفه بزيت حامل مثل زيت الزيتون أو زيت جوز الهند.

3. مسحوق الأوراق

يُجفف فليو ويُطحن إلى مسحوق ناعم يمكن إضافته بكميات صغيرة إلى بعض الوصفات الطبية التقليدية أو خلطه مع العسل.

خامسًا: التحذيرات والآثار الجانبية

رغم الفوائد الطبية الكثيرة لنبتة فليو، إلا أن هناك احتياطات مهمة يجب الالتزام بها عند استخدامها:

• سُمية البوليغون: هذه المادة قد تكون سامة للكبد والكلى والجهاز العصبي في حال تناول كميات كبيرة أو استخدام زيت فليو المركز بدون تخفيف.

• الحمل: يُمنع تمامًا استخدام فليو للنساء الحوامل بسبب تأثيره القوي على عضلات الرحم واحتمال التسبب في الإجهاض.

• الأطفال: لا يُنصح بإعطاء الأطفال الصغار مغلي أو زيت فليو نظرًا لارتفاع تركيز المواد الفعالة فيه.

• الاستخدام الطويل: الاستخدام المتكرر والمستمر للنبتة دون فترات توقف قد يؤدي إلى تراكم السموم في الجسم.

سادسًا: الاستخدامات غير الطبية

1. طارد للحشرات

يُستخدم زيت فليو كمادة طبيعية لطرد الحشرات مثل البعوض والبراغيث. حيث أن رائحته النفاذة غير محببة لهذه الكائنات، ويُعد بديلاً طبيعياً للمواد الكيميائية الطاردة.

2. في الطهي

رغم طعمه المر، يُضاف فليو إلى بعض الأطباق المحلية كمادة منكهة، خاصة في المناطق الريفية بالمغرب العربي، حيث يُستخدم لتطييب الشاي.

3. في مستحضرات التجميل

يُستخرج من فليو زيت عطري يدخل في صناعة بعض أنواع العطور والمستحضرات العطرية بفضل رائحته المنعشة والمنبهة.

سابعًا: دراسات علمية حديثة

أشارت دراسة نُشرت في مجلة Journal of Ethnopharmacology إلى أن مستخلصات نبتة فليو أظهرت نشاطًا ملحوظًا كمضاد للبكتيريا والفيروسات، خاصة ضد المكورات العنقودية الذهبية. كما بيّنت الدراسة أن الجرعات الصغيرة من مستخلص فليو آمنة على الخلايا الكبدية، بينما الجرعات العالية قد تؤدي إلى تأثيرات سُمية.

كما أظهرت دراسة أُجريت في جامعة ابن زهر بالمغرب أن مغلي فليو يساهم في تسريع الشفاء من نزلات البرد عندما يُستخدم كمشروب دافئ مصحوباً بالراحة والتغذية المناسبة.

المراجع:

• Abdelouahab, N. et al. (2014). “Toxicological and therapeutic properties of Mentha pulegium L. essential oil: A review”. Journal of Ethnopharmacology.

• Bencheikh, R. et al. (2020). “Traditional uses and pharmacological properties of Mentha pulegium in Moroccan medicine”. African Journal of Traditional, Complementary and Alternative Medicines.