فوائد فيتامين ب6 للحامل

فيتامين ب6 للحامل: فوائده، مصادره، الجرعات الموصى بها وتأثيراته الجانبية

يُعد فيتامين ب6 (البيريدوكسين) من العناصر الغذائية الأساسية التي تلعب دورًا محوريًا في دعم العمليات الحيوية في الجسم، وخصوصًا خلال فترة الحمل، حيث تزداد الحاجة إليه لضمان صحة الأم وسلامة تطور الجنين. إن أهمية هذا الفيتامين تتجلى في مساهمته في التمثيل الغذائي للبروتينات، إنتاج النواقل العصبية، وتنظيم مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى دوره الكبير في تقليل الأعراض المزعجة المرتبطة بالحمل، مثل الغثيان والقيء. ولذلك، يعد هذا العنصر من المكملات الشائعة التي توصف للحوامل في المراحل المبكرة من الحمل.

ينتمي فيتامين ب6 إلى مجموعة فيتامينات “ب المركبة”، وهو فيتامين قابل للذوبان في الماء، ما يعني أن الجسم لا يخزنه بكميات كبيرة، بل يتم التخلص من الزائد منه عبر البول، مما يجعل من الضروري تناوله بانتظام من خلال النظام الغذائي أو المكملات. ونظرًا لأهميته المتزايدة خلال الحمل، فإن دراسة تأثيراته واستخداماته وآثاره الجانبية ضرورية لفهم أفضل لمكانته ضمن الرعاية الصحية للحامل.

أهمية فيتامين ب6 خلال فترة الحمل

1. الحد من غثيان الحمل والقيء

يُعتبر فيتامين ب6 من أول العلاجات التي توصف للغثيان الصباحي الذي تعاني منه نسبة كبيرة من النساء في بداية الحمل. أظهرت العديد من الدراسات أن تناول مكملات فيتامين ب6 يقلل من تكرار وشدة الغثيان بشكل ملحوظ، دون أن يُسبب تأثيرات جانبية على صحة الجنين.

2. دعم نمو الدماغ والجهاز العصبي للجنين

يدخل فيتامين ب6 في تركيب النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، وهو ضروري لتكوين الجهاز العصبي المركزي للجنين. نقصه في مراحل التكوين الأولى قد يؤدي إلى اضطرابات في النمو العصبي أو السلوكي لاحقًا.

3. تحسين المزاج وتنظيم الهرمونات

نظرًا لتأثيره على النواقل العصبية، فإن فيتامين ب6 قد يساعد في تخفيف أعراض التوتر والاكتئاب الخفيف أثناء الحمل. كما يلعب دورًا في التوازن الهرموني، ما يساهم في تقليل التقلبات المزاجية المرتبطة بالحمل.

4. الوقاية من فقر الدم

يساهم فيتامين ب6 في إنتاج الهيموغلوبين، البروتين المسؤول عن نقل الأكسجين في الدم، وبالتالي فإن نقصه قد يؤدي إلى فقر الدم، وهي مشكلة شائعة بين الحوامل.

5. المساعدة في تنظيم مستويات السكر في الدم

يساهم فيتامين ب6 في تنظيم عمليات التمثيل الغذائي للكربوهيدرات، وبالتالي يساعد على استقرار مستويات السكر في الدم، وهو أمر حيوي خصوصًا لدى الحوامل المصابات بسكري الحمل أو المعرضات له.

الجرعات اليومية الموصى بها من فيتامين ب6 للحامل

يختلف الاحتياج اليومي من فيتامين ب6 تبعًا لمرحلة الحمل والعوامل الفردية مثل التغذية العامة ومستوى النشاط البدني، لكن التوصيات العامة وفقًا للمعهد الأمريكي للطب (IOM) تُحدد كما يلي:

وفي حال وُجدت أعراض شديدة للغثيان أو مشاكل عصبية، قد يوصي الطبيب بجرعات علاجية تتراوح بين 10 إلى 25 ملغ ثلاث مرات يوميًا، مع مراقبة دقيقة لتفادي تجاوز الحد الأقصى الآمن الذي يُقدر بـ 100 ملغ يوميًا للبالغين.

مصادر فيتامين ب6 الغذائية

يمكن الحصول على فيتامين ب6 من مصادر غذائية متعددة، حيث يوجد في كل من الأطعمة الحيوانية والنباتية، مما يجعله سهل التوافر بالنسبة لمعظم النساء الحوامل اللاتي يتبعن نظامًا غذائيًا متوازنًا. ومن أبرز هذه المصادر:

• الأطعمة الحيوانية:

  • الكبد (وخاصة كبد البقر والدجاج)

  • اللحوم الحمراء والدجاج

  • الأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون

  • البيض

• الأطعمة النباتية:

  • الحبوب الكاملة مثل الشوفان والقمح

  • الموز

  • البطاطا

  • السبانخ والخضروات الورقية

  • البقوليات (العدس، الحمص، الفاصولياء)

  • الأفوكادو

  • المكسرات مثل الجوز والبندق

• الأطعمة المدعمة:

  • بعض حبوب الإفطار المدعمة بفيتامينات ب

  • الخبز الكامل

وبالرغم من توفره في الغذاء، إلا أن بعض الحوامل قد يحتجن إلى مكملات لضمان الوصول إلى الكمية الكافية، خصوصًا في حال وجود غثيان حاد أو سوء امتصاص أو نظام غذائي غير متوازن.

الآثار الجانبية والمخاطر المحتملة من تناول فيتامين ب6

بما أن فيتامين ب6 من الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، فإن خطر التسمم منه منخفض نسبيًا عند استخدامه ضمن الجرعات الموصى بها. إلا أن تناول جرعات عالية (خاصة لفترات طويلة تتجاوز عدة أشهر) قد يُسبب بعض التأثيرات الجانبية، أهمها:

• الاعتلال العصبي المحيطي: من أبرز الأعراض الناتجة عن تناول جرعات زائدة (أكثر من 200 ملغ/اليوم لفترة طويلة)، وتشمل تنميلًا في الأطراف وضعفًا عضليًا واضطرابات في الإحساس.

• حساسية الجلد: ظهور طفح جلدي أو حساسية ضوئية عند بعض الحالات.

• الدوخة أو الصداع: عند الجرعات المرتفعة، وقد تزول الأعراض فور إيقاف المكمل.

لذلك، يجب تناول فيتامين ب6 تحت إشراف طبي، خاصة عند الحاجة لاستخدام مكملات علاجية.

نقص فيتامين ب6 عند الحامل: الأسباب والمخاطر

الأسباب المحتملة للنقص

• النظام الغذائي الفقير بالبروتين والخضروات.

• القيء المستمر والغثيان الحاد، خاصة في الثلث الأول من الحمل.

• تناول بعض الأدوية مثل الأيزونيازيد أو الهيدرازين أو حبوب منع الحمل سابقًا.

• الإصابة باضطرابات الكبد أو الكلى التي تؤثر على امتصاص الفيتامين.

الأعراض المرتبطة بنقصه

• إرهاق وضعف عام.

• تغيرات مزاجية مثل القلق والاكتئاب.

• تهيج الجلد وتشققات حول الفم.

• ضعف المناعة.

• فقر دم.

نقص هذا الفيتامين خلال الحمل لا يؤثر فقط على صحة الأم، بل قد يؤدي أيضًا إلى تأثيرات سلبية على نمو الجنين، وخاصة نمو دماغه وجهازه العصبي.

فيتامين ب6 والمكملات متعددة الفيتامينات للحامل

غالبًا ما تحتوي مكملات الفيتامينات المتعددة الخاصة بالحمل على الكمية اليومية الموصى بها من فيتامين ب6، إلى جانب عناصر أخرى مثل حمض الفوليك، الحديد، الكالسيوم، وفيتامين د. لذلك، يجب على الحامل استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل إضافي من البيريدوكسين بشكل منفصل، لتفادي التكرار غير المقصود في الجرعات.

التمييز بين استخدام فيتامين ب6 وحده أو مع مضادات الهيستامين لعلاج الغثيان

يُستخدم فيتامين ب6 في بعض الأحيان مع دواء الدوكسيلامين (مضاد هيستامين) لتقليل أعراض الغثيان، وهذا الدمج موثوق وفعّال وآمن نسبيًا خلال الحمل، ويُباع تحت أسماء تجارية طبية محددة بوصفة من الطبيب. هذا العلاج يُوصى به خصوصًا للحالات الشديدة من الغثيان المستعصي، ويوصف بجرعات محددة لا يجب تجاوزها.

هل هناك تداخلات دوائية مع فيتامين ب6؟

رغم أن فيتامين ب6 آمن غالبًا، إلا أن له بعض التداخلات مع أدوية معينة، نذكر منها:

• أدوية باركنسون مثل ليفودوبا، حيث قد يقلل فيتامين ب6 من فعالية الدواء إذا لم يؤخذ مع مثبطات DDC.

• الأدوية المضادة للصرع، مثل الفينيتوين، التي قد تتأثر بمستوى فيتامين ب6 في الدم.

• العلاج الكيميائي وبعض المضادات الحيوية التي قد تزيد من استهلاك الجسم لفيتامين ب6.

دور فيتامين ب6 في الوقاية من مضاعفات الحمل

إضافة إلى ما سبق، تشير بعض الأبحاث إلى أن فيتامين ب6 قد يلعب دورًا مساعدًا في تقليل خطر حدوث مضاعفات الحمل، مثل:

• ارتفاع ضغط الدم الحملي.

• تسمم الحمل.

• تقلصات الساق الليلية المؤلمة.

• الولادة المبكرة.

ومع ذلك، فإن هذه الفوائد لا تزال تحت الدراسة، وتحتاج إلى مزيد من التجارب السريرية لتأكيدها.

الخلاصة

فيتامين ب6 هو عنصر غذائي حيوي للمرأة الحامل، نظرًا لدوره الأساسي في تكوين الدماغ والجهاز العصبي للجنين، إلى جانب مساهمته في تقليل الغثيان وتحسين الحالة المزاجية وتعزيز المناعة. يُعد آمنًا عند استخدامه ضمن الجرعات الموصى بها، ويوجد بكثرة في العديد من الأغذية اليومية. وفي حالات خاصة، قد يُوصى بتناول مكملات منه تحت إشراف طبي مباشر.

المراجع العلمية:

1. Institute of Medicine (US) Food and Nutrition Board. Dietary Reference Intakes for Thiamin, Riboflavin, Niacin, Vitamin B6, Folate, Vitamin B12, Pantothenic Acid, Biotin, and Choline. National Academies Press, 1998.

2. ACOG Practice Bulletin No. 189: Nausea and Vomiting of Pregnancy. Obstetrics & Gynecology, Jan 2018.