فوائد النوم على الظهر

فوائد النوم على الظهر

النوم هو وظيفة بيولوجية حيوية أساسية لاستمرارية الحياة وتجدد الطاقة الجسدية والعقلية، وتؤثر طريقة النوم بشكل مباشر على جودة هذه الوظيفة وعلى صحة الإنسان بشكل عام. ومن بين الوضعيات الشائعة للنوم، يُعد النوم على الظهر واحداً من أكثر الوضعيات التي يحظى بها الجسم بالدعم المتوازن، وقد أشارت دراسات متعددة إلى أن هذه الوضعية تمتلك فوائد صحية ونفسية وهيكلية تتعدى الراحة المؤقتة، إذ تؤثر في العمود الفقري، التنفس، الجلد، الدورة الدموية، وحتى الأداء الذهني. في هذا المقال الموسع سيتم تناول مختلف الأبعاد والفوائد التي يوفرها النوم على الظهر من الناحية الفسيولوجية والوقائية والتجميلية، بالإضافة إلى تقديم إشارات إلى الدراسات التي تدعم تلك الفوائد.

أولاً: دعم الهيكل العظمي واستقامة العمود الفقري

يعتبر النوم على الظهر الوضعية المثالية للحفاظ على استقامة العمود الفقري، حيث تتيح هذه الوضعية توزيعاً متوازناً للوزن على جميع مناطق الجسم، مما يقلل الضغط على الفقرات القطنية والعنقية والظهرية. وعندما تكون الوسادة المستخدمة داعمة للرقبة وتحتوي على انحناءة خفيفة تتناسب مع شكل الرقبة، فإن هذا يعزز من المحاذاة الطبيعية للعمود الفقري ويمنع حدوث انحناءات غير طبيعية قد تؤدي إلى آلام مزمنة في المستقبل.

ثانياً: الوقاية من التجاعيد ومشاكل البشرة

من الفوائد الجمالية للنوم على الظهر أنه يقلل من الاحتكاك المباشر بين الوجه والوسادة، ما يمنع الضغط المتكرر على الجلد والذي يُعد من العوامل المساهمة في ظهور التجاعيد. في وضعيات النوم الأخرى، مثل النوم على الجنب أو على البطن، يتعرض جانب من الوجه للضغط المستمر، وهو ما قد يؤدي إلى تكسّر الكولاجين وفقدان مرونة الجلد بمرور الوقت. النوم على الظهر يحافظ على توزع السوائل بطريقة متوازنة في الوجه، مما يقلل من الانتفاخات تحت العينين ويحافظ على مظهر شاب للبشرة.

ثالثاً: تحسين الدورة الدموية وتخفيف الضغط عن الأعضاء الداخلية

يساهم النوم على الظهر في تعزيز تدفق الدم إلى مختلف أنحاء الجسم بشكل متوازن، خاصة عندما تكون الساقان ممدودتين في خط مستقيم واليدين إلى الجانبين أو على الصدر. ويخف الضغط عن أعضاء داخلية مثل الكبد، الرئتين، والمعدة، مما يساعد في تحسين أدائها أثناء النوم. كما أن هذه الوضعية تقلل من احتمالية ارتداد الحمض المعدي إلى المريء، وهو ما يحدث بشكل شائع أثناء النوم على الجانب الأيمن أو البطن.

رابعاً: تعزيز التنفس الطبيعي وتقليل الشخير

من أكثر الفوائد المميزة لوضعية النوم على الظهر هو تحسين نمط التنفس أثناء النوم. عندما ينام الشخص على ظهره، فإن المجاري التنفسية تبقى أكثر انفتاحاً مقارنةً بوضعيات أخرى، ما يساهم في تسهيل دخول الهواء وخروجه بشكل طبيعي. هذه الوضعية تقلل من انضغاط الحجاب الحاجز أو انغلاق القصبة الهوائية. ولكن من المهم الإشارة إلى أن بعض الأشخاص الذين يعانون من انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم (Obstructive Sleep Apnea) قد يجدون أن النوم على الظهر يزيد من أعراضهم، ما يستدعي استشارة طبية متخصصة.

خامساً: تقليل الضغط على المفاصل

عند النوم على الظهر، تكون المفاصل في وضع استرخاء كامل، خاصة مفاصل الكتفين والوركين والركبتين. في وضعيات مثل النوم على الجنب، تتعرض هذه المفاصل لضغط غير متساوٍ، مما قد يسبب آلاماً مزمنة على المدى الطويل. أما في وضعية الظهر، فالأطراف العلوية والسفلية تكون في وضع محايد، ما يقلل الاحتكاك والضغط، ويعزز من قدرة المفاصل على الراحة والتجدد.

سادساً: تحسين صحة الجهاز الهضمي

النوم على الظهر، خصوصاً عندما تكون الرأس مرفوعة قليلاً باستخدام وسادة مناسبة، يساهم في تقليل احتمالية الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي. هذه الوضعية تمنع صعود الحمض من المعدة إلى المريء، كما تعزز حركة الأمعاء بشكل طبيعي، خاصة إذا تم تناول الوجبات قبل فترة كافية من النوم. الوضعيات الأخرى، مثل النوم على الجانب الأيمن، قد تزيد من ارتداد الأحماض بسبب تأثير الجاذبية.

سابعاً: راحة العضلات وتقليل التوتر

يعمل النوم على الظهر على توزيع وزن الجسم بشكل متساوٍ، ما يخفف التوتر عن العضلات، خاصة عضلات الرقبة والظهر والكتفين. هذا يساهم في استرخاء الأنسجة العضلية ويقلل من التشنجات والانقباضات العضلية التي قد تحدث نتيجة وضعيات نوم غير مريحة. ونتيجة لذلك، يستيقظ الشخص بعد نومه في وضعية الظهر بشعور أكثر راحة وانتعاشاً.

ثامناً: تحسين الصحة النفسية وجودة النوم

أثبتت بعض الدراسات أن النوم في وضعية مريحة ومتوازنة مثل وضعية الظهر، يساعد في دخول مراحل النوم العميق بسرعة، ما يعزز من إفراز الهرمونات المرتبطة بالراحة مثل الميلاتونين والسيروتونين. كما أن النوم الجيد يحسن من الحالة المزاجية ويقلل من مستويات القلق والتوتر. وقد لوحظ أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق قد يستفيدون من تعديل وضعية النوم إلى الظهر للحصول على نوم أكثر استقراراً.

تاسعاً: الفوائد للحمل المبكر

في الأشهر الأولى من الحمل، يمكن أن تكون وضعية النوم على الظهر آمنة نسبياً وتساعد على استرخاء الجسم وتقليل الضغط على منطقة الحوض. ومع ذلك، يُنصح لاحقاً، خاصة في الثلث الثالث من الحمل، بتجنب النوم على الظهر نظراً لاحتمال تأثير وزن الرحم على الأوردة الكبرى مثل الوريد الأجوف السفلي، مما قد يعيق الدورة الدموية للأم والجنين.

عاشراً: الوقاية من الإصابات والضغط على الأعصاب

وضعية النوم على الظهر تقلل من فرص حدوث الانضغاط العصبي، حيث إن الأطراف لا تكون مثنية أو مضغوطة. هذا أمر مهم خاصة للأشخاص الذين يعانون من متلازمة النفق الرسغي أو التهابات الأعصاب الطرفية، حيث أن النوم في وضعيات أخرى قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض نتيجة الضغط على الأعصاب. كما تُعتبر هذه الوضعية مفيدة جداً أثناء فترة التعافي بعد العمليات الجراحية أو الإصابات، لأنها توفر استقراراً للجسم وتقلل من حركة الأطراف غير الضرورية أثناء النوم.

جدول يوضح مقارنة فوائد وضعيات النوم المختلفة

متى لا يُنصح بالنوم على الظهر؟

رغم الفوائد الكثيرة التي تقدمها هذه الوضعية، إلا أن بعض الفئات قد تُنصح بتجنبها في حالات معينة، من بينها:

• الأشخاص المصابون بانقطاع النفس النومي الانسدادي: قد تؤدي وضعية النوم على الظهر إلى تفاقم أعراض الانقطاع التنفسي، بسبب ارتخاء عضلات الحلق في هذا الوضع.

• النساء في مراحل الحمل المتقدمة: قد يضغط الجنين في هذه المرحلة على الأوعية الدموية الكبيرة، مما يسبب انخفاضاً في ضغط الدم والشعور بالدوخة أو الغثيان.

• الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في العمود الفقري العنقي: يجب تعديل الوسادة بحيث لا تسبب انحناء الرقبة للخلف بشكل مفرط.

خلاصة فوائد النوم على الظهر

النوم على الظهر يُعد من الوضعيات الصحية المتكاملة التي تجمع بين الراحة الجسدية والوقاية الصحية والجمالية، بشرط توفر الفراش المناسب والداعم والوسادة التي تحافظ على محاذاة الرقبة مع العمود الفقري. يساهم هذا النوع من النوم في تخفيف الآلام العضلية، تحسين الدورة الدموية، تعزيز جودة التنفس، تقليل الضغط على الأعضاء الداخلية، تحسين مظهر البشرة، والوقاية من اضطرابات الهضم والارتجاع الحمضي. إنه خيار مثالي لمعظم الناس، وينبغي النظر فيه كعادة صحية لتعزيز النوم العميق وتجديد الطاقة الجسدية والعقلية.

المراجع:

1. American Academy of Sleep Medicine. (2020). Healthy Sleep Habits and Tips.

2. Mayo Clinic. (2022). Best Sleeping Positions for Health and Comfort.