فوائد المشاريع الجانبية للموظفين

أهمية المشاريع الجانبية التي يطلقها الموظفون وتأثيرها على الشركات

في العصر الحديث، لم تعد العلاقة بين الموظف والشركة مقتصرة على نطاق الوظيفة التقليدية التي تؤدي مهامها ضمن إطار محدد. فقد ظهرت ظاهرة المشاريع الجانبية التي يطلقها الموظفون، والتي أصبحت تشكل جزءاً متنامياً في الحياة المهنية للكثيرين. هذه المشاريع ليست مجرد نشاطات خارج نطاق العمل الرسمي، بل هي فرصة للنمو الشخصي والمهني، ولها انعكاسات مهمة على الشركات التي يعمل بها هؤلاء الموظفون. في هذا المقال، سنناقش بشيء من التفصيل الفوائد التي يمكن أن تعود على الشركات من وجود مشاريع جانبية لدى موظفيها، ونتطرق إلى التحديات المحتملة وكيف يمكن إدارتها لتحقيق أفضل النتائج.

تعريف المشاريع الجانبية وأنواعها

المشاريع الجانبية هي أعمال أو نشاطات تجارية أو إبداعية يبدأها الموظفون بجانب عملهم الأساسي داخل الشركة. قد تكون هذه المشاريع مرتبطة مباشرة بتخصص الموظف أو بعيدة عنه، وقد تكون فردية أو جماعية، بدوام جزئي أو موسمي. تشمل المشاريع الجانبية مجموعة واسعة من المجالات مثل:

• تطوير التطبيقات أو البرمجيات

• الأعمال الحرفية أو الفنية

• تقديم خدمات استشارية أو تدريبية

• التسويق الرقمي أو التجارة الإلكترونية

• الكتابة والنشر الإلكتروني

• مشاريع ابتكارية في مجالات متخصصة

تتسم المشاريع الجانبية بكونها غالباً نتاج شغف الموظف تجاه موضوع معين، ورغبة في استثمار مهاراته وخبراته بطريقة مستقلة.

الفوائد المباشرة للشركات من المشاريع الجانبية للموظفين

1. تعزيز الابتكار والإبداع داخل الشركة

يعمل الموظفون الذين يديرون مشاريع جانبية على تطوير مهاراتهم بشكل مستمر، وينخرطون في تجارب جديدة تتطلب التفكير خارج الصندوق. هذا النشاط الخارجي يغذي مهارات الابتكار لديهم، ويزيد من قدرتهم على إيجاد حلول خلاقة داخل بيئة العمل. الشركات التي تشجع موظفيها على تطوير مشاريع جانبية تستفيد بشكل مباشر من تلك الأفكار الجديدة التي قد يتم دمجها في منتجاتها أو خدماتها.

2. اكتساب مهارات جديدة وتحسين الأداء الوظيفي

المشاريع الجانبية تدفع الموظف لاكتساب مهارات تقنية وإدارية جديدة، مثل إدارة الوقت، التسويق، التواصل، والتخطيط المالي. هذه المهارات تعود بالنفع على الشركة عند تطبيقها في العمل الرسمي، مما يحسن من جودة الأداء والإنتاجية.

3. تعزيز الولاء والرضا الوظيفي

عندما تشعر الشركات بالدعم لتطلعات موظفيها خارج نطاق الوظيفة، يزداد مستوى الرضا والولاء. الموظف الذي يجد مساحة لتطوير ذاته خارج إطار العمل يصبح أكثر ارتباطاً بالشركة ويقل احتمال استقالته أو تغييره لمكان العمل.

4. توفير فرص للشركة للاستفادة من الأفكار والتقنيات الجديدة

غالباً ما يتم اختبار أفكار ومشاريع جديدة في المشاريع الجانبية قبل تعميمها في السوق. وجود موظفين يطورون مثل هذه المشاريع يعني إمكانية وصول الشركة إلى معرفة مباشرة بالتوجهات الحديثة في مجالات مختلفة، مما يمكنها من أن تكون سباقة في اعتمادها.

5. تحسين صورة الشركة وجذب المواهب

الشركات التي تشجع المشاريع الجانبية تظهر بمظهر المؤسسات الداعمة للابتكار والتنمية الذاتية، ما يجعلها أكثر جاذبية للموظفين الموهوبين الذين يبحثون عن بيئة عمل تحفزهم على النمو.

التأثيرات غير المباشرة للمشاريع الجانبية على الشركات

1. تحسين العلاقات الداخلية وتعزيز ثقافة التعاون

قد تتحول المشاريع الجانبية أحياناً إلى تعاون بين موظفين مختلفين داخل الشركة، مما يعزز التواصل بين الأقسام ويخلق بيئة عمل أكثر ودية وتفاعلية. هذه المشاريع الجماعية تشجع على تبادل المعرفة والخبرات، وتنمية روح الفريق.

2. تقليل الضغوط النفسية والإجهاد

العمل في مشروع جانبي يمثل متنفساً للموظف بعيداً عن ضغوط الوظيفة الأساسية. هذا التنوع في النشاط يمكن أن يقلل من الإرهاق المهني ويعزز الصحة النفسية، مما ينعكس إيجابياً على التزام الموظف وجودة أدائه.

التحديات التي قد تواجه الشركات بسبب المشاريع الجانبية وكيفية التعامل معها

1. تعارض المصالح والوقت

من أبرز التحديات هو إمكانية حدوث تعارض في المصالح بين المشروع الجانبي ومصلحة الشركة، خصوصاً إذا كان المشروع في نفس مجال عمل الشركة أو يستهلك وقتاً طويلاً من الموظف يؤثر على أدائه.

للحد من هذا الخطر، يجب وضع سياسات واضحة تضمن عدم تأثير المشاريع الجانبية على التزامات الموظفين تجاه الشركة. كما يمكن أن تُشجع الشركات الموظفين على الإفصاح عن مشاريعهم الجانبية للحصول على تقييم موضوعي وتحديد ما إذا كانت تتعارض مع مصالح الشركة أم لا.

2. مخاطر سرية المعلومات

قد تثير المشاريع الجانبية قلق الشركات بشأن تسرب المعلومات أو استخدام الموارد الخاصة بالشركة بشكل غير مشروع. لذلك، من الضروري تطبيق اتفاقيات واضحة تتعلق بسرية المعلومات وحقوق الملكية الفكرية.

3. استنزاف طاقة الموظف

العمل على مشروع جانبي يتطلب جهداً إضافياً، وقد يؤدي إلى استنزاف طاقة الموظف وتأثير ذلك على أدائه في العمل الرئيسي. لذلك، يجب أن يكون هناك توازن واضح بين الوقت والجهد المبذول في العمل الرسمي والمشروع الجانبي، وينبغي على الشركات مراقبة حالة موظفيها والعمل على توفير بيئة تدعم هذا التوازن.

استراتيجيات لدعم وتشجيع المشاريع الجانبية داخل الشركات

1. توفير بيئة مرنة

إعطاء الموظفين مرونة في ساعات العمل أو العمل عن بعد يمكن أن يسهل عليهم إدارة مشاريعهم الجانبية دون التأثير على التزاماتهم في الشركة.

2. تقديم برامج دعم وتمويل

بعض الشركات تقدم برامج تمويل أو دعم فني أو إرشادي للمشاريع الجانبية التي لا تتعارض مع مصالحها، بهدف تحفيز الابتكار والنمو المشترك.

3. بناء ثقافة تحفز التعلم والتطوير المستمر

من خلال إقامة ورش عمل، ودورات تدريبية، ومنتديات تبادل المعرفة، يمكن للشركات أن تخلق بيئة تدعم روح المبادرة وتشجع الموظفين على إطلاق مشاريعهم الجانبية.

مقارنة بين الشركات التي تدعم المشاريع الجانبية وتلك التي تحظرها

الخلاصة

إن وجود مشاريع جانبية يديرها الموظفون يمثل فرصة استراتيجية للشركات التي ترغب في النمو والابتكار. هذه المشاريع تساهم في تطوير مهارات الموظفين وتحفيزهم على التفكير الإبداعي، مما ينعكس إيجاباً على جودة أداء العمل الرسمي داخل الشركة. رغم التحديات التي قد تنشأ مثل تعارض المصالح أو استنزاف الطاقة، يمكن إدارتها بنجاح عبر وضع سياسات واضحة ودعم بيئة العمل المرنة. الشركات التي تدعم المشاريع الجانبية تتميز بقدرتها على الاحتفاظ بالمواهب وجذبها، كما تعزز من صورتها كشركات مبتكرة ومتطورة، مما يفتح أمامها آفاقاً أوسع للنمو والتنافسية في الأسواق. بناءً على ذلك، يمكن اعتبار المشاريع الجانبية للموظفين أحد الأصول الهامة التي تضيف قيمة ملموسة لكل من الموظف والشركة على حد سواء.

المصادر والمراجع

• Allen, T. D., Golden, T. D., & Shockley, K. M. (2015). How effective is telecommuting? Assessing the status of our scientific findings. Psychological Science in the Public Interest, 16(2), 40–68.

• De Stefano, V. (2016). The rise of the “just-in-time workforce”: On-demand work, crowdwork, and labor protection in the “gig-economy”. Comparative Labor Law & Policy Journal, 37(3), 471-504.