شرح حديث (عليكم بالإثمد، فإنه منبتة للشعر)
من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتعلق بالصحة والجمال حديثٌ نبوي شريف رواه الصحابي الجليل ابن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عليكم بالإثمد، فإنه منبتة للشعر، مُجِلَّةٌ للبصر” (رواه الترمذي وأحمد).
هذا الحديث النبوي يشير إلى فوائد استخدام الإثمد، وهي مادة طبيعية معروفة منذ القدم بأنها تعزز صحة الشعر وتساهم في تجميله. والحديث الشريف ليس مجرد توصية طبية بل يحمل في طياته إرشادات نبوية قيمة تبين الاهتمام بصحة الإنسان من خلال استخدام المواد الطبيعية. ولذا في هذا المقال، سنقوم بتوضيح معنى الحديث، تفسيره، وكذلك دلالاته الصحية والجمالية في ضوء الطب الحديث.
1. معنى الإثمِد
الإثمد هو نوع من المعادن الطبيعية التي تُستخرج من المناجم وتعرف باسم “الكحل الإثمد”. ويعد من أقدم أنواع الكحل التي استخدمها البشر، فقد كان له دورٌ كبير في العناية بالعيون والشعر في العديد من الثقافات القديمة. يتكون الإثمد من معدن سلفيد الأنتيمون (Antimony sulfide) وهو نوع من الأحجار الكريمة التي تتميز بلونها الأسود أو الرمادي الداكن.
يتميز الإثمد بخصائص تجميلية وطبية عديدة، وقد استخدم منذ عصور ما قبل الإسلام في علاج العديد من الأمراض، وكان له دور بارز في العناية بالعيون والشعر. وقد كان الكحل الإثمد شائعًا في العصور الإسلامية بين النساء والرجال على حد سواء.
2. تفسير الحديث النبوي الشريف
الحديث النبوي الشريف “عليكم بالإثمد، فإنه منبتة للشعر، مُجِلَّةٌ للبصر” يحمل في معناه دعوة للمسلمين لاستخدام مادة الإثمد (الكحل الإثمد) لما لها من فوائد صحية وجمالية. وفي الحديث نجد عدة جوانب هامة يجب التطرق إليها:
2.1. “عليكم بالإثمد”
توجيه النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الحديث يشير إلى أهمية استخدام هذه المادة. وهو يشير إلى أنه أمر مستحب بل ومفيد. وهذا الأمر في الحديث النبوي يدل على فضل الإثمد وفائدته للمسلم.
2.2. “منبتة للشعر”
هذه الجملة توضح فائدة الإثمد في تحفيز نمو الشعر. وفعلاً، لقد أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن الكحل الإثمد له خصائص مضادة للالتهابات ويحتوي على معادن تساعد في تغذية بصيلات الشعر وتعزيز نموه. ومن المعروف أن نقص المعادن والفيتامينات قد يؤدي إلى تساقط الشعر وضعفه، لذا فإن الإثمد يساهم في تغذية بصيلات الشعر وتحفيز نموه بشكل طبيعي.
2.3. “مُجِلَّةٌ للبصر”
كلمة “مجلة” تعني تحسين أو تنقية. أي أن الإثمد لا يقتصر فقط على فوائده للشعر، بل يساعد أيضًا في تحسين صحة العين. لقد أشارت الأبحاث الحديثة إلى أن استخدام الكحل الإثمد له تأثير إيجابي في حماية العين من الملوثات والأمراض، بالإضافة إلى أنه يساعد في تقوية البصر.
3. فوائد الإثمد على الشعر
3.1. تحفيز نمو الشعر
من أشهر الفوائد التي ترتبط باستخدام الإثمد هي قدرته على تحفيز نمو الشعر. حيث يساعد الإثمد في تقوية بصيلات الشعر وتنشيط الدورة الدموية في فروة الرأس، مما يعزز النمو الطبيعي للشعر ويقلل من تساقطه. وفقًا لبعض الدراسات، فإن المعادن الموجودة في الإثمد تعمل على تنشيط الأنسجة المحيطة بالبصيلات مما يعزز من قدرة الشعر على النمو بشكل أسرع وأكثر كثافة.
3.2. علاج تساقط الشعر
تساقط الشعر مشكلة شائعة يواجهها الكثير من الناس بسبب عدة عوامل مثل التوتر، التغذية غير المتوازنة، أو العوامل الوراثية. يمكن للإثمد أن يلعب دورًا مهمًا في تقليل تساقط الشعر من خلال تحفيز الدورة الدموية في فروة الرأس وتقوية بصيلات الشعر. لذلك، يعتبر الكحل الإثمد علاجًا طبيعيًا للتساقط.
3.3. تحسين مظهر الشعر
يعمل الإثمد على تحسين مظهر الشعر بشكل عام، فهو يساعد في إعادة الحيوية واللمعان للشعر الباهت والتالف. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يساهم في إعطاء الشعر قوة ومرونة، مما يقلل من تقصفه وتلفه.
4. فوائد الإثمد للبصر
4.1. حماية العين من الملوثات
من أبرز الفوائد التي أشار إليها الحديث النبوي هي تحسين صحة العين. فالعديد من الدراسات تشير إلى أن الكحل الإثمد يحتوي على مواد مضادة للبكتيريا والجراثيم، مما يساعد في حماية العين من العدوى والتهيج الناتج عن التعرض للملوثات البيئية مثل الغبار أو الدخان.
4.2. تحسين الرؤية
الكحل الإثمد له دور في تنشيط الأوعية الدموية حول العين مما يحسن تدفق الدم إليها ويعزز عملية التوزيع الغذائي بشكل أفضل للأنسجة المحيطة بالعين. كما يعمل على تقوية البصر وتقليل الجفاف الذي قد يؤثر على صحة العين في ظل التغيرات البيئية أو الإصابة بالعدوى.
4.3. الوقاية من بعض أمراض العين
من خلال استخدام الكحل الإثمد بشكل معتدل، يمكن الحد من بعض الأمراض الشائعة التي تصيب العين مثل التهاب العين أو التهيج الناتج عن استخدام مستحضرات تجميل غير مناسبة. كما يعتبر الإثمد من العلاجات التقليدية التي استخدمها أطباء العيون في العصور القديمة لتقوية العين والحد من التهابات الجفن.
5. استخدام الإثمد في الطب الحديث
بالرغم من أن الكحل الإثمد كان يستخدم منذ آلاف السنين في الثقافات القديمة، إلا أن الطب الحديث قد أضاف طبقة جديدة من الفهم حول فوائده. فعلى الرغم من كون الإثمد يعتبر علاجًا تقليديًا في كثير من الثقافات، فإن العلماء والأطباء قد أقروا بدوره المفيد في عدة مجالات، سواء في علاج تساقط الشعر أو حماية العين.
على الرغم من أن هناك من يرى أن استخدام الكحل الإثمد بشكل مفرط قد يؤدي إلى بعض المشاكل الصحية بسبب احتوائه على مادة الأنتيمون التي قد تكون سامة إذا استخدمت بكميات كبيرة، فإن الاستخدام المعتدل له يُعتبر آمنًا.
6. كيفية استخدام الإثمد
إذا كنت ترغب في الاستفادة من فوائد الإثمد، سواء للشعر أو للعيون، فإليك بعض الطرق التقليدية لاستخدامه:
-
الكحل الإثمد للعيون:
يتم استخدامه بوضعه على الجفن السفلي بطريقة بسيطة وآمنة. ويمكن استخدامه بشكل يومي ولكن يجب مراعاة أن يكون في حدود الكميات الموصى بها لتجنب أي مضاعفات. -
استخدامه للشعر:
يمكن خلط مسحوق الإثمد مع بعض الزيوت الطبيعية مثل زيت الزيتون أو زيت جوز الهند ثم تدليك الخليط على فروة الرأس لتحفيز الدورة الدموية وتعزيز نمو الشعر. يمكن أيضًا خلطه مع ماء دافئ ثم وضعه على الشعر لتقويته.
7. خلاصة القول
توصية رسول الله صلى الله عليه وسلم باستخدام الإثمد في الحديث الشريف “عليكم بالإثمد، فإنه منبتة للشعر، مُجِلَّةٌ للبصر” تحمل في طياتها فوائد عظيمة تجمع بين الجمال والصحة. فعلى الرغم من أن الحديث قد أُوحي في زمن بعيد، إلا أن الحديث عن الإثمد يظل ذا قيمة كبيرة في العصر الحديث، سواء من الناحية الطبية أو الجمالية.
يظل الإثمد من المواد الطبيعية التي أثبتت فعاليتها في تحسين صحة الشعر وتعزيز جماله، كما له فوائد رائعة في حماية العينين وتحسين قدراتهما. وعليه، فإن هذا الحديث النبوي يعتبر دليلاً على اهتمام الإسلام بصحة الفرد، ويوضح كيفية الاستفادة من الطبيعة لتجميل وتداوي الجسم.
