وزني زاد بعد الحمل والولادة.. ماذا أفعل؟
يُعدُّ اكتساب الوزن بعد الحمل والولادة من الظواهر الطبيعية التي تمر بها العديد من النساء، إذ يمر جسد المرأة بتغيرات هرمونية وفيزيولوجية عميقة خلال فترة الحمل، وعقب الولادة، قد يواجه البعض تحديات في العودة إلى وزنهم السابق أو الشعور بعدم الراحة بسبب الزيادة في الوزن. تُظهر الدراسات أن النساء قد يواجهن صعوبة في فقدان الوزن الزائد بسبب عوامل متعددة تشمل التغيرات الهرمونية، وأسلوب الحياة الجديد المرتبط بالأمومة، والضغط النفسي، فضلاً عن العوامل الوراثية. لذلك، فإن المسار إلى فقدان الوزن بعد الولادة ليس مهمة سهلة، لكنه ليس مستحيلاً إذا تم اتباع نهج متوازن يعتمد على التغذية السليمة، التمرين، والتوازن النفسي.
1. التحديات التي تواجه النساء بعد الحمل
من أبرز التحديات التي تواجه النساء بعد الولادة:
التغيرات الهرمونية:
بعد الحمل، تبدأ مستويات الهرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون في العودة إلى مستوياتها الطبيعية، وهو ما قد يؤدي إلى تغيرات في الوزن. تؤثر هذه الهرمونات في عملية الأيض وتوزيع الدهون في الجسم، مما قد يسهم في زيادة الوزن، بالإضافة إلى احتباس السوائل الذي يحدث بعد الولادة.
نمط الحياة الجديد:
مع قدوم الطفل، ينشأ نمط حياة جديد تمامًا يتطلب الكثير من الوقت والطاقة. قلة النوم، والرضاعة الطبيعية، ومهام الأمومة اليومية قد تترك للأم وقتًا ضئيلًا للاعتناء بنفسها. هذا قد يؤدي إلى تناول الطعام العاطفي أو الالتزام بروتين غذائي غير متوازن، مما يزيد من فرصة زيادة الوزن.
التغيرات في النشاط البدني:
خلال الحمل، قد تقل قدرة المرأة على ممارسة الرياضة بسبب التغيرات الجسدية. وبعد الولادة، قد تواجه الأمهات صعوبة في العودة إلى نشاطهن البدني المنتظم بسبب الإرهاق أو المشاغل اليومية.
التغذية والرضاعة الطبيعية:
العديد من الأمهات قد يواجهن صعوبة في التغلب على العادات الغذائية غير الصحية خلال فترة ما بعد الولادة، خاصة مع الرضاعة الطبيعية التي تتطلب من الأم تناول غذاء غني بالدهون والسعرات الحرارية لتوفير التغذية اللازمة للطفل. إلا أن اتباع نظام غذائي غير متوازن في هذه المرحلة قد يساهم في زيادة الوزن.
2. الأساسيات التي يجب اتباعها بعد الحمل والولادة
التغذية السليمة:
من أهم الجوانب التي تؤثر في فقدان الوزن بعد الحمل هي التغذية. ينبغي أن تعتمد الأمهات على تناول أطعمة غنية بالعناصر الغذائية التي تدعم الصحة العامة، مثل الفواكه والخضروات، والبروتينات الخفيفة (كاللحوم المشوية أو السمك)، والحبوب الكاملة، والدهون الصحية (مثل زيت الزيتون والأفوكادو والمكسرات). بالإضافة إلى ذلك، يجب تجنب الأطعمة المعالجة والدسمة التي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات والدهون المشبعة.
التغذية السليمة هي أساس استعادة الوزن المثالي بعد الولادة. تعتبر الرضاعة الطبيعية أحد العوامل التي يمكن أن تساهم في حرق السعرات الحرارية، ولكن من المهم أن تكون الأم حريصة على تناول وجبات غذائية متوازنة لدعم إمدادات الحليب.
الترطيب الكافي:
شرب الماء بكمية كافية يعد أمرًا حيويًا في عملية فقدان الوزن. يساعد شرب الماء في تقليل الشعور بالجوع ويساهم في تحسين الأيض وتنظيف الجسم من السموم. ومن المعروف أيضًا أن الترطيب الجيد يساهم في تحسين عملية الهضم ويعزز من قدرة الجسم على حرق الدهون بشكل أكثر فعالية.
تنظيم الوجبات:
من الجوانب المهمة أيضًا هو تنظيم الوجبات. يُنصح بتناول وجبات صغيرة ومتوازنة على مدار اليوم بدلاً من تناول ثلاث وجبات كبيرة. يساعد ذلك في تنظيم مستويات السكر في الدم ويساهم في التحكم في الشهية. يُفضل الابتعاد عن الأطعمة التي تسبب الارتفاع السريع في مستويات السكر، مثل الحلوى والمشروبات الغازية.
3. ممارسة الرياضة بعد الولادة
التمارين الرياضية تعد من أكثر الأساليب فعالية لفقدان الوزن بشكل صحي وآمن بعد الحمل. ومع ذلك، يجب أن تبدأ الأمهات بممارسة الرياضة بشكل تدريجي، ويجب ألا تتم بشكل مكثف فورًا بعد الولادة. من الأفضل استشارة الطبيب قبل البدء في أي نشاط رياضي، خاصة إذا كانت الولادة قد حدثت منذ فترة قصيرة أو إذا كانت هناك أي مضاعفات صحية.
التمارين الهوائية:
تعتبر التمارين الهوائية مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة من الخيارات المثالية في البداية، إذ تساعد في تحسين اللياقة البدنية وحرق الدهون دون إجهاد الجسم. يمكن للأم تضمين هذه التمارين في روتينها اليومي بسهولة، خاصة في وجود الطفل الذي يمكن أن يرافقها في نزهات قصيرة.
تمارين تقوية العضلات:
بعد فترة من الولادة، قد تحتاج الأم إلى تقوية عضلات البطن والظهر، خاصة بعد التغيرات الكبيرة التي تحدث في الجسم. تعتبر تمارين تقوية العضلات مثل تمارين اليوغا أو البيلاتس مفيدة في تقوية العضلات الداخلية وتحسين الوضعية الجسدية.
تمارين ما بعد الولادة:
يوجد العديد من التمارين التي يمكن أن تساعد الأمهات على استعادة قوتهم ولياقتهم، مثل تمارين كيجل التي تعمل على تقوية عضلات الحوض، مما يساعد على تحسين صحة المهبل وتقليل أي مشاكل قد تظهر بعد الولادة.
4. الراحة والنوم
قلة النوم أو النوم غير المنتظم تؤثر سلبًا على قدرة الجسم على حرق الدهون وتنظيم الوزن. تشير الدراسات إلى أن الأمهات اللواتي لا يحصلن على قسط كافٍ من النوم قد يواجهن صعوبة أكبر في فقدان الوزن الزائد بسبب التغيرات في الهرمونات المرتبطة بالجوع والشبع، مثل هرموني الغريلين واللبتين. لذلك، من المهم أن تحاول الأم الحصول على قسط كافٍ من الراحة، حتى وإن كان ذلك صعبًا في الأشهر الأولى.
5. الدعم النفسي والمعنوي
من المهم أن تدرك الأم أن فقدان الوزن بعد الحمل يتطلب وقتًا وصبرًا. قد تشعر بعض الأمهات بالضغط الاجتماعي لتبدو مثلما كانت قبل الحمل، لكن من المهم التركيز على الصحة العامة والراحة النفسية بدلاً من ملاحقة مظهر الجسد المثالي بشكل غير واقعي. يساعد الدعم النفسي من الشريك أو الأصدقاء أو العائلة في تعزيز الثقة بالنفس والمثابرة في المسار الصحي لفقدان الوزن.
6. الالتزام والصبر
من أبرز العوامل التي تساعد في فقدان الوزن بعد الحمل هو الالتزام بالنظام الغذائي والتمارين الرياضية، ولكن مع مراعاة أن النتائج قد تكون بطيئة في البداية. على الرغم من وجود العديد من الأساليب المختلفة التي يمكن أن تساهم في فقدان الوزن، إلا أن الصبر هو المفتاح الأساسي في هذه الرحلة. يتعين على الأم أن تكون صادقة مع نفسها وتفهم أن الجسد بحاجة إلى الوقت للعودة إلى حالته الطبيعية.
7. استشارة الأطباء والمختصين
في حال وجود تحديات صحية تتعلق بفقدان الوزن، يُفضل استشارة الأطباء أو المختصين في التغذية. قد يكون من المفيد تحديد خطة طعام مخصصة أو الحصول على إرشادات بشأن الأنشطة الرياضية المناسبة. يمكن للطبيب أيضًا مساعدتك في التأكد من أن التغذية التي تتبعينها تتوافق مع متطلبات الرضاعة الطبيعية إذا كنت تُرضعين.
8. الخاتمة
في النهاية، يجب أن تكون المرأة على دراية بأن فقدان الوزن بعد الحمل هو رحلة فردية، وأن الجسد يحتاج إلى الوقت للتعافي من التغيرات الكبيرة التي حدثت خلال فترة الحمل والولادة. من خلال اتباع نظام غذائي متوازن، ممارسة الرياضة بانتظام، والراحة النفسية، يمكن للأمهات العودة إلى وزنهن الطبيعي بطريقة صحية وآمنة. الأهم من ذلك هو تقبل الجسم كما هو والاعتناء بالصحة العامة، لأن الأمهات يستحقن الاهتمام والرعاية مثلما يعتنين بأطفالهن.
