فطريات الأظافر عند الأطفال: الأسباب، الأعراض، طرق الوقاية والعلاج

تُعدّ فطريات الأظافر (Onychomycosis) من الأمراض الجلدية الشائعة التي تصيب الأطفال كما الكبار، إلا أن مظاهرها لدى الأطفال قد تكون أقل شيوعًا وأقل وضوحًا، مما يؤدي إلى تأخر في التشخيص والتدخل العلاجي. تسبب هذه العدوى مجموعة من التغيرات الشكلية والوظيفية في الأظافر، قد تؤثر على نوعية حياة الطفل إذا لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح. ومن المهم توجيه الانتباه إلى هذا النوع من الإصابات نظرًا لتأثيراتها المحتملة على المدى الطويل، وسهولة انتقالها، وارتباطها بحالة الصحة العامة والمناعية للطفل.

تعريف فطريات الأظافر

فطريات الأظافر هي عدوى فطرية تصيب صفيحة الظفر أو الجلد المحيط به، وقد تنتج عن أنواع متعددة من الفطريات، من أبرزها الفطريات الجلدية (Dermatophytes)، وكذلك بعض أنواع الخمائر مثل Candida albicans، أو العفن غير الجلدي. تنتشر هذه العدوى في الأظافر نتيجة لتوفر بيئة رطبة ودافئة تساعد على نمو الفطريات، ويمكن أن تؤثر على أظافر القدمين أو اليدين، رغم أن أظافر القدم أكثر عرضة بسبب ضعف التهوية وارتداء الأحذية لفترات طويلة.

مدى شيوع فطريات الأظافر عند الأطفال

تشير الدراسات إلى أن فطريات الأظافر أقل شيوعًا في مرحلة الطفولة مقارنة بالبالغين. إلا أن نسب الإصابة تزداد مع التقدم في العمر، خاصة لدى المراهقين الذين يبدأون بممارسة أنشطة رياضية أو يترددون على المسابح. ومع ذلك، فإن العوامل البيئية، والعادات الصحية، والمناعة تلعب دورًا مهمًا في تحديد مدى تعرض الأطفال لهذه العدوى.

الأسباب والعوامل المساهمة في الإصابة بفطريات الأظافر لدى الأطفال

تتعدد العوامل التي قد تساهم في إصابة الأطفال بعدوى فطرية في الأظافر، ويمكن تصنيفها إلى داخلية وخارجية:

1. العوامل البيئية

• الرطوبة: البيئة الرطبة الدافئة تخلق مناخًا مثاليًا لنمو الفطريات، مثل المشي بدون حذاء في أماكن مبللة كالمسابح أو الحمامات العامة.

• الأحذية المغلقة غير المهواة: ارتداء الأحذية لفترات طويلة دون تهوية، خاصة الأحذية المصنوعة من مواد صناعية لا تسمح بمرور الهواء.

• العدوى من أفراد الأسرة: قد ينتقل الفطر من شخص لآخر عن طريق مشاركة الأدوات الشخصية كالمقص، المناشف، أو حتى الاحتكاك المباشر.

2. العوامل المناعية والداخلية

• ضعف المناعة: الأطفال الذين يعانون من نقص المناعة لأي سبب، سواء كان خلقيًا أو مكتسبًا، يكونون أكثر عرضة للإصابة.

• أمراض مزمنة: مثل السكري أو اضطرابات الغدة الدرقية، والتي تغير من طبيعة الجلد والأظافر وتزيد من فرص الإصابة.

• استخدام المضادات الحيوية أو الكورتيزون لفترات طويلة: قد يخل بتوازن الفلورا الجلدية، مهيئًا الظفر لحدوث عدوى فطرية.

3. العوامل السلوكية

• قص الأظافر بشكل غير صحيح: يؤدي إلى تقشر الجلد أو جرح حول الظفر ما يشكل مدخلًا للفطريات.

• قضم الأظافر: عادة شائعة بين الأطفال تسهل دخول الفطريات إلى الطبقة العميقة للظفر.

أعراض فطريات الأظافر عند الأطفال

تتسم فطريات الأظافر بمجموعة من الأعراض التي تظهر تدريجيًا، وقد يخطئ البعض في تفسيرها على أنها تغيرات بسيطة في لون الأظافر أو نتيجة لعبث الطفل بها. فيما يلي أبرز الأعراض:

• تغير لون الأظافر: يصبح الظفر مائلًا إلى الأصفر، الأبيض أو حتى البني.

• سماكة الظفر: يصبح أكثر سُمكًا من الطبيعي، وقد يكون مصحوبًا بتقصف.

• تشقق أو تقشر حافة الظفر: يتكسر الظفر بسهولة وقد يظهر عليه شروخ.

• انفصال الظفر عن الجلد: في حالات متقدمة قد ينفصل الظفر عن سريره (onycholysis).

• رائحة كريهة: في بعض الأحيان، يرافق العدوى رائحة غير محببة.

• ألم عند اللمس أو الضغط: خاصة إذا كانت العدوى منتشرة ومهملة.

• تغير شكل نمو الظفر: يصبح نمو الظفر غير منتظم، وقد يتوقف نموه مؤقتًا.

تشخيص فطريات الأظافر عند الأطفال

يبدأ التشخيص من الفحص السريري، حيث يُقيم الطبيب التغيرات الشكلية للظفر، لكنه لا يكتفي بذلك لتأكيد الإصابة الفطرية. تشمل الوسائل التشخيصية المتقدمة:

• الفحص المجهري: يتم أخذ عينة من الظفر المصاب وفحصها تحت المجهر باستخدام مادة كيميائية (KOH) للكشف عن وجود الفطريات.

• زراعة الفطريات: تُزرع العينة في وسط نمو فطري لتحديد النوع الدقيق للفطر، وهو فحص يتطلب وقتًا أطول (من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع).

• التحليل الجزيئي PCR: وهو فحص أكثر تطورًا لتحديد الفطريات بدقة عبر تقنيات الحمض النووي.

الفرق بين فطريات الأظافر وأمراض أخرى مشابهة

من المهم التفريق بين فطريات الأظافر وحالات مرضية أخرى قد تُسبب أعراضًا مشابهة، مثل:

مضاعفات فطريات الأظافر غير المعالجة

تجاهل أو تأخر علاج فطريات الأظافر عند الأطفال قد يؤدي إلى نتائج صحية وجمالية سلبية، ومنها:

• انتشار العدوى إلى أظافر أخرى: تبدأ العدوى في ظفر واحد لكنها قد تنتقل تدريجيًا إلى باقي الأظافر.

• انتقال الفطر إلى الجلد: مثل الإصابة بقدم الرياضي أو سعفة الجسم.

• تشوه دائم في الظفر: قد يؤدي إلى ضرر في نمو الظفر وتشوّهه المستمر.

• ألم مزمن وصعوبة في ارتداء الأحذية: خصوصًا عند الأطفال النشيطين أو الرياضيين.

• العدوى الثانوية: بسبب دخول بكتيريا إلى المنطقة المصابة، مما يؤدي إلى خراج أو التهاب شديد.

علاج فطريات الأظافر عند الأطفال

العلاج يعتمد على درجة الإصابة، عمر الطفل، ونوع الفطر. تتنوع الخيارات العلاجية بين الموضعية والدوائية، وقد يُستخدم العلاج الجراحي في حالات نادرة.

1. العلاجات الموضعية

• مضادات الفطريات الموضعية مثل طلاء الأظافر الذي يحتوي على amorolfine أو ciclopirox.

• يجب أن يستمر العلاج لفترة طويلة (3–6 أشهر)، ويتطلب صبرًا ومتابعة دقيقة.

2. العلاجات الدوائية (الفموية)

• في حالات الإصابة الشديدة أو المتعددة.

• تشمل أدوية مثل تيربينافين (Terbinafine) أو إيتراكونازول (Itraconazole)، ويُحدد الطبيب الجرعة حسب وزن الطفل وعمره.

• يجب مراقبة وظائف الكبد أثناء استخدام هذه الأدوية بسبب تأثيراتها الجانبية.

3. العلاج بالليزر

• تقنية حديثة يتم فيها استخدام شعاع ليزر خاص للقضاء على الفطريات دون التأثير على الأنسجة السليمة.

• قد يتطلب جلسات متعددة، وتُعد خيارًا للأهالي الرافضين لاستخدام الأدوية الفموية.

4. إزالة الظفر

• تُستخدم كحل أخير في حالات التشوه الكامل أو العدوى المزمنة المقاومة للعلاج.

• قد تتم جراحيًا أو باستخدام أدوية موضعية تساعد على إزالة الظفر دون تدخل جراحي مباشر.

الوقاية من فطريات الأظافر لدى الأطفال

تمثل الوقاية الخط الدفاعي الأول لمنع تكرار الإصابة، وتتضمن عدة محاور:

• الحفاظ على نظافة القدمين واليدين: غسلها وتجفيفها جيدًا، خاصة بين الأصابع.

• تغيير الجوارب يوميًا: واستخدام جوارب قطنية قابلة للتهوية.

• الابتعاد عن الأحذية الضيقة أو غير المهواة.

• تجنب المشي حافي القدمين في الأماكن العامة الرطبة مثل المسابح وغرف تبديل الملابس.

• تعقيم أدوات تقليم الأظافر وعدم مشاركتها مع الآخرين.

• التوعية بعدم قضم الأظافر أو اللعب بالظفر المصاب.

• مراقبة الأظافر دوريًا للكشف المبكر عن أي تغيرات.

نمط الحياة والتغذية في دعم صحة الأظافر

يلعب النظام الغذائي دورًا مهمًا في دعم صحة الأظافر والوقاية من الفطريات. تشمل العناصر الأساسية المفيدة:

• الزنك: يعزز تجدد خلايا الجلد والظفر، وموجود في البيض والبقوليات.

• الحديد: يمنع هشاشة الأظافر، ويوجد في السبانخ واللحوم الحمراء.

• البيوتين: فيتامين B7 يقوي بنية الأظافر، ويوجد في المكسرات وصفار البيض.

• فيتامين D: يدعم المناعة ويقلل فرص الإصابة بالفطريات.

خلاصة

فطريات الأظافر عند الأطفال تمثل حالة طبية تحتاج إلى وعي وتدخل مبكر للحد من مضاعفاتها الجسدية والنفسية. وعلى الرغم من أن الحالات قد تكون بسيطة في بدايتها، إلا أن الإهمال في العلاج أو الوقاية قد يؤدي إلى تشوهات دائمة وانتقال العدوى إلى أفراد آخرين من العائلة. الوقاية والتشخيص السريع يشكلان العامل الأهم في السيطرة على هذه الحالة.

المصادر:

1. Gupta AK, Versteeg SG, Shear NH. Onychomycosis in Children: Epidemiology, Diagnosis, and Management. Pediatr Dermatol. 2017;34(3):255–260.

2. Elewski BE, Rich P, Pollak R, et al. Update on Onychomycosis: Diagnosis and Treatment Recommendations for Children. J Am Acad Dermatol. 2018;79(5):883–894.