فضل قراءة آية الكرسي قبل النوم

آية الكرسي هي من أعظم آيات القرآن الكريم التي تحمل معاني التوحيد الخالص لله تعالى، وتبرز قدرته وسلطانه وعلمه الذي يحيط بكل شيء. وقد وردت نصوص شرعية متعددة تؤكد فضل هذه الآية وعظمتها في حياة المسلم اليومية، خصوصًا عند قراءتها قبل النوم، لما لها من أثر عظيم في حفظ المسلم من الشرور وطمأنينة القلب والسكينة النفسية. قراءة آية الكرسي قبل النوم من السنن النبوية الثابتة التي أوصى بها النبي محمد ﷺ لما تحققه من فوائد دنيوية وأخروية. يتناول هذا المقال تفصيل هذه الفوائد وبيان أثرها في حياة المسلم بناءً على ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

تعريف آية الكرسي

آية الكرسي هي الآية رقم (255) من سورة البقرة، وتعد من أعظم آيات القرآن الكريم. نص الآية كما ورد في كتاب الله تعالى:

“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”

تحمل هذه الآية معانٍ عظيمة تؤكد وحدانية الله، وكمال قدرته، وعلمه الذي لا يحد، واستقلاله بذاته عن جميع المخلوقات.

فضل آية الكرسي في السنة النبوية

وردت أحاديث نبوية صحيحة تؤكد عظمة هذه الآية وفضل قراءتها، ومنها الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال له:

“إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح.”

يتضح من هذا الحديث أن قراءة آية الكرسي قبل النوم تجعل المسلم في حفظ الله ورعايته، ويبعد الله عنه الشياطين حتى يصبح، وهذه من أعظم النعم التي ينالها المؤمن بالمداومة على هذه السنة.

الحماية من الشيطان

من أبرز فوائد قراءة آية الكرسي قبل النوم أنها تحمي المسلم من وساوس الشياطين وأذاهم طوال الليل، حيث أن الشياطين يتربصون بالإنسان في كل وقت، وخاصة أثناء النوم حيث يكون الإنسان في حالة ضعف ولا يستطيع الدفاع عن نفسه. ولكن بقراءة آية الكرسي، يسلّط الله ملائكته على حراسة العبد حتى الصباح فلا يمسه شيطان ولا يصيبه أذى. هذه الحماية الإلهية تمنح الإنسان شعورًا بالأمان النفسي العميق خلال نومه.

الشعور بالطمأنينة والسكينة

النوم هو وقت يحتاج فيه الإنسان إلى الراحة الجسدية والاطمئنان القلبي، وقراءة آية الكرسي قبل النوم تحقق للمسلم هذا المقصد المهم، إذ أن تكرار كلمات الآية والتأمل في معانيها العظيمة يغرس في النفس طمأنينة عميقة بأن الله هو الحافظ وهو القوي الذي لا يغفل ولا ينام، مما يعزز الإيمان ويبعث على الاسترخاء التام والسكينة.

تحقيق معاني التوحيد واليقين

آية الكرسي من أكثر الآيات التي تعمق التوحيد الخالص في قلب المسلم، حيث تؤكد أن الله لا شريك له في ملكه، وهو القائم على كل شيء ولا يحتاج إلى أحد. عندما يقرأ المسلم هذه الآية قبل النوم يرسّخ في قلبه هذه المعاني العظيمة التي تعزز صلته بالله وتزيد من قوة توكله عليه. إن اليقين بأن الله وحده هو الحافظ وأنه لا يغفل ولا ينام يزرع في القلب ثقة مطلقة تسهم في راحة البال وصفاء النفس.

التأمل في أسماء الله الحسنى

تحمل آية الكرسي بين كلماتها ذكر عدد من أسماء الله الحسنى مثل: “الحي”، “القيوم”، “العلي”، “العظيم”، وهي أسماء تعكس صفات الكمال المطلق لله تعالى. عندما يتأمل المسلم هذه الأسماء أثناء القراءة يتولد لديه إدراك عميق بعظمة الخالق وجلاله مما ينعكس على سلوكه ويزيد من تقواه.

المداومة على سنة النبي ﷺ

قراءة آية الكرسي قبل النوم من السنن التي كان النبي محمد ﷺ يوصي بها أصحابه ويواظب عليها، واتباع سنة النبي ﷺ هو باب عظيم لنيل محبة الله ورضوانه، كما ورد في قوله تعالى:

“قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ” [آل عمران: 31]

فالمداومة على قراءة آية الكرسي قبل النوم هو من العمل الصالح الذي يقرب العبد إلى ربه ويجعله مستحقًا لرحمته.

الوقاية من الكوابيس والأحلام المزعجة

كثير من المسلمين يعانون من القلق الليلي والكوابيس التي تزعجهم أثناء النوم. قراءة آية الكرسي قبل النوم تساعد في تحصين النفس من هذه الأمور، حيث أن الشياطين لا تقترب من المسلم الذي يقرأها، وبالتالي تقل بشكل كبير احتمالية التعرض للأحلام المزعجة والكوابيس. وهذا يعطي المسلم نومًا هادئًا ومتواصلاً دون اضطرابات.

التأثير على الصحة النفسية

المداومة على قراءة آية الكرسي قبل النوم لها تأثير مباشر على الصحة النفسية، فالطمأنينة التي تغمر القلب نتيجة هذا العمل الصالح تسهم في تقليل معدلات القلق والتوتر وتحسن جودة النوم. كما أن الشعور بأن الإنسان تحت حماية الله يعزز شعوره بالأمان النفسي مما ينعكس إيجابًا على صحته الجسدية والذهنية على المدى الطويل.

ترسيخ العقيدة في النفوس

قراءة آية الكرسي تذكر المسلم بأن الله هو الحي القيوم الذي لا يغفل عن عباده. هذا التذكير المستمر يعزز في القلب عقيدة التوحيد ويبعد عن المسلم الشرك الخفي والاعتماد على الأسباب فقط. كما أن قراءة هذه الآية قبل النوم تعمق في وجدان المسلم أن الله سبحانه هو المدبر لكل أمر وهو الذي يملك السموات والأرض.

فوائد متعددة في الدنيا والآخرة

قراءة آية الكرسي قبل النوم ليست ذات فوائد دنيوية فحسب، بل هي سبب لنيل الأجر والثواب عند الله. فهي تحفظ الإنسان من الشيطان وتكتب له الحسنات وتكون سببًا في طهارة النفس وعلو الدرجة عند الله تعالى. كما أن ذكر الله قبل النوم يُعد من حسن الخاتمة اليومية التي يختتم بها المسلم يومه بالذكر والطاعة مما يجعله في دائرة العناية الإلهية المستمرة.

دور آية الكرسي في برنامج الأذكار اليومية

آية الكرسي تعد جزءًا رئيسيًا من أذكار المسلم اليومية، إذ يُسن قراءتها بعد كل صلاة مكتوبة لما لها من فضل عظيم في الحفظ والبركة. كما يُسن قراءتها في أذكار الصباح والمساء وفي أوقات الحاجة للتحصين والوقاية. قراءة آية الكرسي قبل النوم تكمل هذا البرنامج الإيماني اليومي الذي يربط المسلم بالله طوال الوقت ويجعله دائمًا في معيته.

فضلها في بُعد الشيطان عن المنزل

ورد عن الصحابة والسلف الصالح أن قراءة آية الكرسي في المنزل تجلب البركة وتطرد الشياطين. فإذا كان المسلم يقرأها قبل نومه باستمرار، فإنها تكون سببًا في طرد الشياطين من محيطه ومن بيته بشكل عام، مما يجعل بيئة المسلم نقية وصالحة للذكر والطاعة.

أثرها على تربية الأبناء

من المهم أن يحرص الآباء والأمهات على تعليم أبنائهم قراءة آية الكرسي قبل النوم منذ الصغر، لما لها من أثر تربوي وإيماني عميق. غرس هذه العادة في نفوس الأبناء يجعلهم ينشأون على محبة القرآن والاعتماد على الله، ويزيد من تعلقهم بالسنن النبوية ويحميهم من مخاطر الوساوس والكوابيس في سنوات الطفولة المبكرة.

دورها في تعزيز الروحانية

الحرص على قراءة آية الكرسي قبل النوم يوميًا ينمي الجانب الروحي للمسلم ويجعله أكثر قربًا من الله تعالى. هذه المداومة تجعل المسلم أكثر إدراكًا لضعفه وحاجته المستمرة إلى الله في كل لحظة. إن الشعور بأن الحفظ والراحة لا يتحققان إلا بأمر الله، يعزز الجانب الروحي ويمنح القلب قوة إيمانية لا تضعف أمام تحديات الحياة.

مقارنة علمية بين أثر الذكر والنوم المريح

أظهرت الدراسات النفسية أن قراءة الأذكار قبل النوم، ومنها آية الكرسي، يساعد على تهدئة الجهاز العصبي ويقلل من إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، مما يهيئ الجسم للدخول في حالة استرخاء عميق. كما أن تكرار الآيات والأذكار يمنح الدماغ إشارات بالهدوء والأمان، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على جودة النوم ويقلل من الأرق.

الجدول التالي يوضح مقارنة بين النوم مع قراءة آية الكرسي والنوم بدونها:

خلاصة فوائد قراءة آية الكرسي قبل النوم

• الحماية من الشيطان حتى الصباح.

• الشعور بالطمأنينة والسكون النفسي.

• تحقيق سنة النبي محمد ﷺ.

• الوقاية من الكوابيس والأحلام المزعجة.

• تقوية العقيدة والتوحيد في القلب.

• تعزيز الروحانية والصلة بالله.

• تحسين الصحة النفسية وجودة النوم.

• طرد الشياطين من المنزل.

• التأثير الإيجابي على تربية الأبناء.

• تحصيل الأجر والثواب المستمر.

إن التمسك بهذه السنة النبوية اليومية البسيطة في ظاهرها، العظيمة في أثرها، يعكس مدى رحمة الله بعباده، حيث يسّر لهم أسباب الحماية والطمأنينة وجعلها في عمل يسير لا يحتاج جهدًا كبيرًا، ولكنه يحمل في طياته فضلًا عظيمًا وأثرًا ممتدًا في حياة المسلم في الدنيا والآخرة.

المصادر

• صحيح البخاري، كتاب الوكالة، حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

• تفسير ابن كثير لسورة البقرة آية 255.