فضل الترديد مع الأذان

عنوان المقال: الترديد مع الأذان

مقدمة

يُعد الأذان شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وهو النداء الذي يعلو فوق minarets المساجد خمس مرات في اليوم ليذكّر المسلمين بدخول وقت الصلاة، ويدعوهم إلى الإقبال على عبادة الله. ومن السنن المهجورة أو التي قلّت ممارستها في بعض المجتمعات المعاصرة، الترديد مع المؤذن. هذه السنة المباركة ثبتت في الحديث الصحيح ولها آثار عظيمة على النفس، والإيمان، والترابط الروحي بين المسلم وربه. في هذا المقال، يتم تناول هذه السنة تناولًا موسعًا، مع التركيز على أصلها الشرعي، وأهميتها، وكيفية تطبيقها، وثمراتها، إضافة إلى ما يتعلق بها من آداب وشروط.

أولاً: تعريف الترديد مع الأذان

الترديد مع الأذان هو أن يكرر المسلم ما يقوله المؤذن أثناء الأذان، إلا في موضع “حي على الصلاة” و”حي على الفلاح”، حيث يقول بدلاً منهما: “لا حول ولا قوة إلا بالله”، وفقاً لما ورد في الأحاديث الصحيحة. وهذا الترديد يعد عبادةً مستقلةً يُثاب عليها المسلم، ويُستحب أن يؤديها وهو منصت بخشوع.

ثانياً: الدليل الشرعي على الترديد مع الأذان

جاءت مشروعية الترديد مع الأذان في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن”

(رواه البخاري ومسلم).

كما جاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:

“إذا قال المؤذن: الله أكبر، الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر، الله أكبر… ثم قال: لا إله إلا الله، من قلبه دخل الجنة”

(رواه مسلم).

تدل هذه النصوص على أن الترديد مع الأذان سنة مؤكدة، يُثاب فاعلها، وينال بها أجرًا عظيمًا، وقد أشار العلماء إلى أن في هذا الترديد مشاركة في إعلان شعيرة التوحيد، وتجديد للنية، وزيادة في الإيمان.

ثالثاً: كيفية الترديد مع الأذان بالتفصيل

عند سماع الأذان، يُسن للمسلم أن يردّد ما يقوله المؤذن بدقة كما يلي:

ثم بعد انتهاء الأذان، يُستحب أن يُصلي على النبي ﷺ، ثم يدعو بالدعاء المأثور:

“اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته”

(رواه البخاري).

وهذا الدعاء هو من الأدعية التي يُرجى معها الشفاعة يوم القيامة.

رابعاً: فضل الترديد مع الأذان

1. نيل الشفاعة النبوية:

الترديد مع الأذان، متبوعًا بالصلاة على النبي والدعاء، سبب لنيل شفاعة النبي ﷺ، كما في الحديث:

“من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة…، حلت له شفاعتي يوم القيامة”.

2. دخول الجنة:

ورد في حديث مسلم أن من قال مثل ما يقول المؤذن من قلبه دخل الجنة.

3. كتابة الأجر العظيم:

يُعد الترديد عبادةً لا تحتاج إلى جهد ولا وقت، ومع ذلك يُكتب بها أجر كبير، ويُضاعف بها الذكر.

4. الطمأنينة القلبية والخشوع:

عند تكرار كلمات الأذان، خصوصاً في لحظات السكون، يشعر الإنسان بخشوع عظيم وارتباط روحي بالله تعالى.

خامساً: آداب الترديد مع الأذان

1. الطهارة:

رغم أن الترديد لا يشترط له الوضوء، إلا أنه من الأدب أن يكون المسلم على طهارة، خاصة إذا أعقبه دعاء.

2. التوجه للقبلة:

ليس واجباً، لكنه من الأدب المستحب.

3. عدم التحدث أو الانشغال:

يُستحب التفرغ عند سماع الأذان، وترك ما في اليد من أعمال، وإنصات القلب قبل اللسان.

4. الاستماع بإنصات وخشوع:

لا يكون الترديد مجرد كلمات، بل ينبغي أن يصاحبه حضور قلب واستشعار معاني الأذان.

سادساً: الترديد مع الأذان في أماكن مختلفة

• في المنزل:
  
  يمكن للمسلم الترديد مع الأذان إذا سمعه من خلال مكبرات الصوت أو القنوات الفضائية.

• في المسجد:
  
  من الأفضل أن يردّد سرا، ولا يعلو صوته لئلا يشوش على غيره.

• في العمل أو السوق:
  
  حتى وإن كان في وسط انشغالات، يسن الترديد ما لم يكن في مجلس فيه لهو أو ضجيج، ويُراعى أدب المكان.

• في المواصلات أو الهاتف:
  
  إذا سمع الأذان أثناء القيادة أو المكالمات، جاز له الترديد بحسب قدرته، ولو بقلبه.

سابعاً: أقوال العلماء في حكم الترديد

– ابن حجر العسقلاني:

قال في “فتح الباري”: “الأحاديث صريحة في استحباب الترديد مع المؤذن، وهو قول الجمهور”.

– النووي:

ذكر أن الترديد مع الأذان سنة مؤكدة، وفيه فوائد عديدة، منها تعظيم شعار الإسلام، وربط النفس بالصلاة.

– ابن باز:

قال: “الترديد مع المؤذن مشروع، ومن أسباب الشفاعة للنبي ﷺ يوم القيامة”.

ثامناً: علاقة الترديد بزيادة الإيمان وتهذيب النفس

الالتزام بسنة الترديد مع الأذان ينعكس مباشرة على الجانب الروحي للمسلم، ويؤثر إيجاباً في سلوكه وأخلاقه. فالمسلم الذي يستشعر هذا النداء يومياً خمس مرات، ويردده بخشوع، يكون أكثر التزاماً بصلاته، وأشد صلة بربه. كما أن هذا الترديد يرسّخ معاني التوحيد، ويدرب النفس على الانقياد والطاعة، ويهذب القلب ليكون أكثر طمأنينةً وثقة بالله.

تاسعاً: الفرق بين الترديد مع الأذان والإقامة

الترديد سنة مع الأذان فقط، وليس مع الإقامة. عند الإقامة يُستحب للمستمع أن يصمت، ويتهيأ للدخول في الصلاة، وقد ورد عن النبي ﷺ أنه أمر بذلك. فلا يُردّد ألفاظ الإقامة، بل ينتبه ويستعد للدخول في الصلاة بخشوع وسكينة.

عاشراً: أهمية التذكير بهذه السنة في المجتمع

في ظل انشغالات الحياة وتسارع الوقت، يحتاج المجتمع المسلم إلى إحياء السنن المهجورة، ومنها سنة الترديد مع الأذان. يمكن للمربين والمعلمين وأئمة المساجد أن يذكّروا الناس بها في خطب الجمعة والدروس اليومية. كما أن وسائل الإعلام الإسلامية ومواقع التواصل تمثل فرصة عظيمة لنشر هذه السنة وتحفيز الناس على تطبيقها.

خاتمة: أثر الترديد في تكوين الهوية الإسلامية

يُعد الترديد مع الأذان من الشعائر التي تربط الفرد بهويته الدينية، وتجعل المسلم في حالة تواصل مستمر مع نداء الله. هو عمل يسير لكنه يعمّق معنى العبودية، ويجدد العلاقة مع الله تعالى، ويعيد للصلاة مكانتها في قلب المسلم. لذلك فإن الحفاظ على هذه السنة هو خطوة نحو ترسيخ الإيمان، والالتزام بشرع الله، وبناء مجتمع متدين مرتبط بروح الإسلام.

المراجع:

1. صحيح البخاري، كتاب الأذان

2. صحيح مسلم، كتاب الصلاة