فضل استلام الركن اليماني
الركن اليماني هو أحد أركان الكعبة المشرفة الأربعة، وهو الركن الذي يقع بين الحجر الأسود والركن الشرقي من الكعبة، ويعتبر من أهم المواضع التي يحث الشرع على استلامها واللمس بها أثناء الطواف حول الكعبة في الحج والعمرة. استلام الركن اليماني له مكانة عظيمة في السنة النبوية وفي السلوك التعبدي للمسلمين، لما له من فضائل عظيمة وأثر روحي وديني بالغ. هذا المقال يتناول بعمق فضل استلام الركن اليماني، ومكانته في الشريعة الإسلامية، والأدلة الشرعية التي تدل على ذلك، بالإضافة إلى أهميته في الطقوس الدينية وأثره في نفوس الحجاج والمعتمرين.
تعريف الركن اليماني وموقعه في الكعبة
الكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين في صلواتهم، وأحد أهم الأماكن المقدسة في الإسلام، وتتكون من أربعة أركان يحددها الشرع وهي: الركن الأسود، الركن اليماني، الركن الشامي، والركن العراقي. يقع الركن اليماني في الجانب الجنوبي الغربي من الكعبة، وهو الركن الذي يتصل بالبيت من الجهة التي تلي الركن الأسود في اتجاه الطواف.
يتميز الركن اليماني عن غيره من أركان الكعبة بكونه ركناً طاهرًا لا يحتوي على الحجر الأسود، لكنه مرتبط بركن الحج الأصغر، فقد ورد في الحديث أن استلامه مكفر للذنوب والآثام، ما يعكس مكانته الروحية الكبرى.
الأدلة الشرعية على فضل استلام الركن اليماني
وردت أحاديث كثيرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم توضح فضل استلام الركن اليماني وأهميته، منها ما رواه عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: «إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف استلم الحجر اليماني» (رواه البخاري ومسلم). وهذا يدل على أن استلام الركن اليماني كان سنة من سنن النبي، ومن تعبد بها اقتدى به.
كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنه ركن لا يحل لمسجد الله لا بمشقة إلا طيب» (رواه الطبراني)، وهذا معناه أن استلام هذا الركن فيه من الخير والبركة ما لا يُحصى، وأن لمس هذا الركن يعتبر من تعظيم المسجد الحرام واتباع سنة النبي.
أيضًا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «الركن اليماني يمين الله، فمن استلمه فقد استلم يمين الله» (رواه البيهقي)، وهو تعبير يدل على عظمة ذلك الركن ومكانته الدينية والروحية.
الحكمة من استلام الركن اليماني
إن استلام الركن اليماني لم يكن مجرد عادة شكلية، بل يحمل معانٍ روحية ودينية مهمة تعكس ارتباط الإنسان بخالقه واتباع سنته، ويمكن تفسير ذلك من عدة نواحٍ:
-
اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم: الاستلام هو فعل مأثور عن النبي، فاتباع السنة من أعظم أسباب القبول والبركة في العبادات.
-
توحيد الله وتمجيد بيته الحرام: استلام الركن اليماني يعبر عن تعظيم الله وبيته، ويمثل تأكيداً على وحدانية الله وتقديس المكان الذي أمر الله أن يُتجه إليه في الصلاة.
-
كفارة الذنوب: أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن استلام الركن اليماني يكفر الذنوب، مما يجعل هذا الفعل بابًا للتوبة والرجوع إلى الله بقلوب صادقة.
-
استحضار الخشوع والتقوى: يحقق استلام الركن اليماني حالة نفسية وروحية لدى المسلم، حيث يشعر بالارتباط العميق بالله وبيته، مما يعزز الخشوع في العبادات.
كيفية استلام الركن اليماني وآدابه
يُستلم الركن اليماني عادة أثناء الطواف حول الكعبة، حيث يبدأ الطواف من الحجر الأسود ويمر بالمراحل التالية. عند الاقتراب من الركن اليماني يستلمه المسلم بيده اليمنى، إمساكاً به أو لمسه بلطف مع الخشوع والتأدب.
هناك آداب خاصة يجب مراعاتها عند استلام الركن اليماني:
-
الاستلام يكون باليد اليمنى، ويفضل اللمس باليد مع التزام الترتيب في الطواف.
-
يجب استلام الركن بحذر واحترام، دون دفع أو تعجل، لأن الكعبة بيت الله الحرام الذي يستحق التعظيم.
-
ينصح بالاستغفار والدعاء عند استلام الركن، وهو وقت مبارك لاستجابة الدعوات.
-
لا يشترط لمس الركن اليماني بشكل قوي أو إجبار الآخرين على ذلك، بل يُستحب بلطف وهدوء.
فضائل استلام الركن اليماني في كتب الفقه
تتحدث كتب الفقه الإسلامي عن فضل استلام الركن اليماني في مناسك الحج والعمرة، مشيرة إلى أن السنة النبوية تدعو إلى هذا الفعل لما فيه من تعظيم لله وتثبيت الإيمان. ويذكر الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم أن استلام الركن اليماني من أفعال الطواف التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص عليها، لما فيها من البركة.
يعتبر استلام الركن اليماني من السنن المؤكدة في الطواف، حيث يؤكد العلماء على أن تركه لا يبطل الطواف، لكنه من الأمور التي يُستحب فعلها اقتداءً بالنبي، ولها أجر عظيم.
الأثر النفسي والروحي لاستلام الركن اليماني
لا يقتصر فضل استلام الركن اليماني على الجانب الشرعي فقط، بل يتعداه إلى التأثير النفسي والروحي في نفس المسلم. إن لمس هذا الركن الشريف يعزز شعور الوحدة مع الله، ويشعر الإنسان بالقرب من بيته الحرام، مما يرفع من درجات الإيمان ويقوي العزيمة على الالتزام بالعبادات.
كما يبعث في النفس السكينة والطمأنينة، إذ يشعر الحاج أو المعتمر بأنه في حضرة الله، وأنه يقترب خطوة من الغفران والرحمة.
استلام الركن اليماني في مناسك الحج والعمرة
في مناسك الحج والعمرة، يكون استلام الركن اليماني من أبرز الخطوات التي يقوم بها المسلم أثناء الطواف، والذي يعتبر الركن الأول بعد الحجر الأسود في اتجاه الطواف. ويحرص الحجاج على استلامه لأن ذلك يتوافق مع سنة النبي، ويزيد من القرب إلى الله.
يُستحب أن يحرص كل مسلم على هذه السنة في كل مرة يطوف فيها بالكعبة، سواء في الحج أو العمرة، لما فيها من أجر وثواب عظيم، وأثر روحاني في تعزيز العبد لعلاقته بربه.
جدول يوضح موقع الركن اليماني وأهميته بين أركان الكعبة
| الركن | الموقع بالنسبة للكعبة | مميزات وفضائل |
|---|---|---|
| الركن الأسود | الركن الجنوبي الشرقي | بداية الطواف وركن مقدس يحتوي على الحجر الأسود |
| الركن اليماني | الركن الجنوبي الغربي | سنة الاستلام، كفارة للذنوب، يمين الله |
| الركن الشامي | الركن الشمالي الغربي | ركن من أركان الكعبة، لا توجد سنة للاستلام خاصة |
| الركن العراقي | الركن الشمالي الشرقي | ركن من أركان الكعبة، بلا سنن استلام |
الخلاصة
يعد استلام الركن اليماني من الأفعال التعبدية التي أوصى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لما في ذلك من أجر وثواب عظيم، وأثر روحي وقلبي عميق. استلام الركن اليماني هو تعظيم لبيت الله الحرام، واتباع لسنة النبي، وكفارة للذنوب، ومظهر من مظاهر التواضع والخشوع أمام الله. يحث الشرع المسلم على هذا الفعل لما فيه من تقوية للإيمان، ورفع لمكانة العبد أمام ربه.
الاهتمام بهذا الركن الشريف في الطواف يزيد من بركة العبادات ويجعلها أكثر قبولاً، ويعزز الصلة الروحية بين العبد وربه. لذلك يجب على كل مسلم أن يحرص على استلام الركن اليماني في كل طواف يقوم به، ليتمم عبادته كما أرادها الله ورسوله.
المصادر والمراجع
-
صحيح البخاري، كتاب الحج، باب استلام الركن اليماني.
-
صحيح مسلم، كتاب الطواف، حديث استلام الركن اليماني.

