فضائل السور والآيات القرآنية

السور والآيات الفاضلة في القرآن الكريم: فضائلها ومعانيها

القرآن الكريم هو كلام الله المعجز، المنزل على نبيّه محمد ﷺ، وهو مصدر الهداية والتشريع، وكتابٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد عظّمه الله سبحانه وتعالى ورفع من قدره، وجعل لبعض سوره وآياته فضائل عظيمة، تميزت بأجر خاص أو تأثير روحي أو غاية تشريعية مخصوصة. وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تبين فضل سور وآيات معينة، مما يجعل معرفتها وتدبّرها والسعي إلى قراءتها من أبواب الخير والنجاة.

في هذا المقال سيتم تناول أشهر السور والآيات الفاضلة، مع شرح لفضائلها، وأهم ما جاء بشأنها من نصوص صحيحة، وكذلك تحليل للأثر الإيماني والمعنوي لتلك السور والآيات، ليكون المقال مرجعاً وافياً لكل باحث في علوم القرآن أو مهتم بتزكية النفس عبر كتاب الله عز وجل.

سورة الفاتحة: أمّ الكتاب وأعظم سور القرآن

الفضائل:

ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ قوله: “والذي نفسي بيده، ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها، وإنها السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته” [رواه الترمذي].

سورة الفاتحة تحتوي على جوهر العقيدة الإسلامية: توحيد الله، الاستعانة به، طلب الهداية، الثناء على الله، والتضرع إليه. كما أن صلاتنا لا تُقبل إلا بها، فهي شرط لصحة كل ركعة في الصلاة.

آية الكرسي: أعظم آية في القرآن

الآية (255) من سورة البقرة

قال رسول الله ﷺ: “يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟” قال: قلت: “الله لا إله إلا هو الحي القيوم…”، فضرب في صدري وقال: “ليهنك العلم أبا المنذر” [رواه مسلم].

آية الكرسي تجمع بين التوحيد، والعظمة، والإحاطة، والقيومية، وعدم النعاس والنوم، وهذا يجعلها من أكثر الآيات تحصينًا، وقد أوصى النبي ﷺ بقراءتها بعد كل صلاة، وعند النوم.

خواتيم سورة البقرة: كنز من تحت العرش

الآيتان 285-286

ورد في الحديث الصحيح: “من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه” [رواه البخاري ومسلم].

هاتان الآيتان اشتملتا على خلاصة العقيدة والتسليم المطلق لله، وطلب المغفرة، والدعاء برفع التكليف الثقيل، والتوكل على الله، ولهما مكانة عظيمة وفضل من قرأهما ليلاً.

سورة الإخلاص: ثلث القرآن

قال رسول الله ﷺ: “أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟” فاستثقلوا ذلك، فقال: “قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن” [رواه مسلم].

تتضمن السورة التوحيد الخالص لله عز وجل، وتنزيهه عن الشريك والمثيل، وتكرارها في الأذكار اليومية وفي الصلاة يؤكد على عظمتها.

سورة الكهف: نور من الجمعة إلى الجمعة

قال رسول الله ﷺ: “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين” [رواه الحاكم].

وتُعدّ هذه السورة من أعظم سور الوقاية من الفتن، وخاصة فتنة المسيح الدجال، كما جاء في الحديث الصحيح: “فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف” [رواه مسلم].

سورة يس: قلب القرآن

عن النبي ﷺ: “إن لكل شيء قلبًا، وقلب القرآن يس، ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات” [رواه الترمذي].

وتُقرأ هذه السورة كثيرًا عند المرضى والاحتضار لما فيها من التذكير بالبعث والنشور، وقصة أصحاب القرية، وتعظيم قدرة الله في إحياء الموتى.

سورة الملك: المنجية من عذاب القبر

قال ﷺ: “سورة تبارك هي المانعة، هي المنجية تنجيه من عذاب القبر” [رواه الترمذي].

هذه السورة تتحدث عن خلق الموت والحياة، وبيان قدرة الله، وعقوبة الكافرين، وقد أوصى العلماء بقراءتها كل ليلة لتحصيل الأمان في القبر.

سورة الإسراء والصفات: رقية وحصانة

في الحديث الصحيح، قال النبي ﷺ: “من قرأ عند نومه (سورة بني إسرائيل) و(سورة الزمر) لم يمت حتى يدرك الفجر” [رواه الديلمي].

وقد ورد عن السلف أن سورة الصفات تحفظ من الجن والشياطين، وكانوا يكثرون من قراءتها لهذا الغرض.

سورة الزلزلة: تعدل نصف القرآن

قال رسول الله ﷺ: “إذا زلزلت تعدل نصف القرآن” [رواه الترمذي].

في هذه السورة البسيطة والعظيمة في الوقت نفسه تذكير شديد بيوم القيامة، وزلزال الأرض، ووزن الأعمال، وهي سريعة الوقع في القلب.

سورة الكافرون: تعدل ربع القرآن

قال ﷺ: “قل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن” [رواه الترمذي].

هذه السورة تؤكد على البراءة من الشرك، وتوحيد الله، والثبات على الموقف العقائدي من دون مداهنة أو مساومة.

سورة الفلق وسورة الناس: المعوذتان

ورد عن النبي ﷺ: “قل أعوذ برب الفلق” و”قل أعوذ برب الناس” ما تعوذ متعوذ بمثلهن” [رواه مسلم].

هاتان السورتان تجمعان بين الاستعاذة من الشرور الظاهرة والباطنة، ومن شر الإنس والجن، ومن الوساوس والسحر، ولذلك أوصى النبي ﷺ بقراءتهما كل صباح ومساء، وعند النوم، وبعد كل صلاة.

سورة البقرة: لا تستطيعها البطلة

قال ﷺ: “اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة” [رواه مسلم]، والبطلة هم السحرة.

سورة البقرة أطول سور القرآن، وتحتوي على تشريعات كثيرة، وتاريخ بني إسرائيل، وأساسيات المعاملات، وعقيدة التوحيد، وتُعد حصناً عظيماً لكل بيت يُتلى فيه القرآن.

فضل بعض الآيات المفردة الأخرى

الحكمة من تفضيل بعض السور والآيات

تفضيل بعض السور والآيات لا يعني الانتقاص من باقي القرآن الكريم، فكل القرآن كريم ومبارك، ولكن الله سبحانه وتعالى، لحكمته، جعل لبعض الآيات أو السور أثراً خاصاً، أو مناسبة فريدة، أو ثواباً مضاعفاً، وهذا يعين المؤمن على تنويع تلاوته، والتمسك ببعض السور في الأذكار اليومية، والحصانة الروحية والنفسية، والتقرب من الله بأسلوب أكثر تأثيراً على القلب.

أثر السور الفاضلة في تزكية النفس

• تعزيز العقيدة والتوحيد: مثل سورة الإخلاص والكافرون.

• الطمأنينة والسكينة: كما في خواتيم سورة البقرة وآية الكرسي.

• تحقيق البركة في البيت: كما في سورة البقرة.

• الشفاء والتحصين: كما في المعوذتين.

• الاستعداد للآخرة والتذكير بالموت: كما في سورة يس وسورة الملك.

أهمية قراءة السور والآيات الفاضلة بانتظام

الالتزام بقراءة هذه السور والآيات وفقاً للسنة النبوية ليس مجرد عادة، بل عبادة مؤثرة في حياة المسلم، تحمل في طياتها أجراً عظيماً، وراحة للنفس، وبركة في الوقت، وحصانة من الشرور، وهي كذلك من وسائل حفظ الدين وتقوية الإيمان، وتثبيت القلب على طاعة الله.

المراجع:

1. صحيح البخاري، الإمام البخاري.

2. صحيح مسلم، الإمام مسلم.