فصائل الدم وأنواعها الأساسية

عدد فصائل الدم عند الإنسان

الدم هو سائل الحياة الذي يدور في الأوعية الدموية ليصل إلى كافة أجزاء الجسم، ناقلاً الأوكسجين والمواد الغذائية إلى الخلايا، ويعمل على إزالة الفضلات والسموم من الأنسجة. كما يشترك الدم في العديد من العمليات الحيوية الهامة مثل الدفاع عن الجسم ضد الأمراض والالتهابات، وتنظيم درجة الحرارة. وعلى الرغم من أهمية الدم الكبيرة في جسم الإنسان، إلا أن أحد الجوانب المهمة التي تحدد العديد من وظائفه هو فصائل الدم.

تتعدد فصائل الدم عند الإنسان وفقاً لتركيبة مستضدات موجودة على سطح خلايا الدم الحمراء. وتُصنف هذه الفصائل بناءً على أنظمة معينة، أبرزها نظام “ABO” ونظام “RH”، وهما النظامان اللذان يحددان بشكل رئيسي نوع فصيلة الدم لدى الشخص. في هذا المقال، سنتناول عدد فصائل الدم عند الإنسان بشكل موسع، ونتطرق إلى كيفية تصنيفها، وأهميتها في الحياة اليومية، وأسباب اختلاف الفصائل بين الأفراد.

1. نظام ABO وتصنيف فصائل الدم

أحد أشهر الأنظمة المعتمدة لتصنيف فصائل الدم عند الإنسان هو نظام “ABO”، الذي يعتمد على وجود أو غياب مستضدات معينة على سطح خلايا الدم الحمراء. يوجد في هذا النظام أربعة فصائل رئيسية هي:

فصيلة الدم A

فصيلة الدم A هي واحدة من أكثر الفصائل شيوعًا في معظم أنحاء العالم. الأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم A لديهم مستضدات من نوع A على سطح خلايا الدم الحمراء، بينما في البلازما لديهم أجسام مضادة من نوع anti-B، مما يعني أن جسمهم لا يقبل دمًا يحتوي على مستضدات B. لهذا السبب، يمكن للأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم A أن يتلقوا دمًا من فصيلة الدم A وفصيلة الدم O فقط.

فصيلة الدم B

فصيلة الدم B، على عكس فصيلة الدم A، تحتوي خلايا الدم الحمراء للأشخاص الحاملين لهذه الفصيلة على مستضدات من نوع B. أما في البلازما، فيحتوي الدم على أجسام مضادة من نوع anti-A. وبناءً على ذلك، يمكن للأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم B أن يتلقوا دمًا من فصيلة الدم B وفصيلة الدم O فقط.

فصيلة الدم AB

فصيلة الدم AB هي الفصيلة الوحيدة التي تحتوي على مستضدات من النوع A والنوع B على سطح خلايا الدم الحمراء. هذا يجعل الأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم AB في وضع فريد، حيث يمكنهم استقبال الدم من أي فصيلة أخرى (A, B, AB, O). لذلك، تُسمى هذه الفصيلة بـ “المتلقي العام”، لكن يجب أن يتوافق الدم المنقول معهم من حيث نوع Rh كما سيتم شرحه لاحقًا.

فصيلة الدم O

فصيلة الدم O تُعتبر الفصيلة “المعطية العامة”، حيث أن خلايا الدم الحمراء لدى الأشخاص الذين يحملون هذه الفصيلة لا تحتوي على أي مستضدات من النوع A أو B. ولكن لديهم أجسام مضادة من النوع anti-A و anti-B في البلازما. وبالتالي، يمكن للذين يحملون فصيلة الدم O التبرع بالدم لأي شخص، لكنهم يستطيعون استقبال الدم فقط من الأشخاص الذين يحملون نفس فصيلتهم أو من فصيلة الدم O.

2. نظام Rh ووجود العامل الريزيسي (Rh)

إلى جانب نظام ABO، يعتبر العامل الريزيسي أو ما يعرف بـ “Rh” جزءًا رئيسيًا في تحديد فصيلة الدم. العامل الريزيسي هو مستضد آخر موجود على سطح خلايا الدم الحمراء. إذا كان هذا المستضد موجودًا في خلايا الدم الحمراء، فإن الفصيلة تصنف على أنها “موجبة” (Rh+)، وإذا لم يكن موجودًا، فإن الفصيلة تصنف على أنها “سلبية” (Rh-).

على سبيل المثال:

• فصيلة الدم A+ تعني أن الشخص يحمل مستضدات A على سطح خلايا الدم الحمراء ولديه العامل الريزيسي.

• فصيلة الدم A- تعني أن الشخص يحمل مستضدات A ولكنه لا يحمل العامل الريزيسي.

3. أهمية فصائل الدم في الحياة الطبية

تعتبر فصائل الدم أمرًا بالغ الأهمية في العديد من السياقات الطبية. في الحالات الطارئة مثل العمليات الجراحية أو الحوادث التي تتطلب نقل دم، يُعد التأكد من توافق فصيلة الدم بين المتبرع والمستقبل أمرًا حيويًا للحفاظ على حياة المريض. عدم التوافق بين فصائل الدم قد يؤدي إلى رد فعل مناعي حاد، حيث يقوم الجهاز المناعي للمستقبل بمهاجمة خلايا الدم المتبرع بها، مما قد يتسبب في تلف الأنسجة أو الوفاة.

في بعض الحالات، مثل الحمل، تلعب فصائل الدم أيضًا دورًا مهمًا. إذا كانت الأم تحمل فصيلة دم سلبية (Rh-) وكان الجنين يحمل فصيلة دم موجبة (Rh+)، فقد يحدث ما يسمى بـ “التحسس الريزيسي”، وهو حالة تتسبب في مهاجمة جهاز المناعة للأجسام الغريبة في دم الجنين. وفي هذه الحالات، يمكن استخدام أدوية خاصة لتجنب هذه المضاعفات.

4. توزيع فصائل الدم حول العالم

تختلف نسب توزيع فصائل الدم حسب المناطق الجغرافية والعوامل الوراثية. فمثلاً:

• فصيلة الدم O هي الأكثر شيوعًا على مستوى العالم، ويُقدر أن حوالي 45% من البشر يحملون هذه الفصيلة.

• فصيلة الدم A تعتبر الثانية من حيث الشيوع، وتُقدر نسبتها بنحو 40% في بعض المناطق.

• فصيلة الدم B أقل شيوعًا، وتُقدر نسبتها بنحو 10-20% في العديد من الشعوب.

• فصيلة الدم AB هي الأقل شيوعًا بين جميع الفصائل، حيث يقدر انتشارها بحوالي 5% فقط من سكان العالم.

5. تأثير فصيلة الدم على الصحة

تشير بعض الدراسات إلى أن فصيلة الدم قد تلعب دورًا في استجابة الجسم لبعض الأمراض أو العدوى. على سبيل المثال:

• الأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم A أو AB قد يكونون أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض مثل الأمراض القلبية.

• فصيلة الدم O، من جهة أخرى، قد توفر حماية أفضل ضد بعض أنواع السرطان والملاريا.

على الرغم من أن هذه الدراسات غير حاسمة تمامًا، إلا أن هناك اهتمامًا متزايدًا في البحث العلمي حول كيفية تأثير فصيلة الدم على الصحة العامة والمناعة.

6. كيفية تحديد فصيلة الدم

يتم تحديد فصيلة الدم من خلال اختبارات مخبرية بسيطة تعتمد على التفاعل بين خلايا الدم الحمراء والأجسام المضادة المحددة. في هذه الاختبارات، يتم إضافة أجسام مضادة من نوع A وB إلى عينة من الدم وملاحظة التفاعل. بناءً على النتائج، يتم تصنيف فصيلة الدم إلى واحدة من الفصائل الأربع (A, B, AB, O)، كما يتم تحديد ما إذا كان العامل الريزيسي موجبًا أو سالبًا.

الخلاصة

فصائل الدم هي تصنيفات مهمة للغاية في الطب والحياة اليومية، حيث تؤثر في القرارات الطبية المتعلقة بنقل الدم والعلاج. يصنف الدم وفقًا لنظامين رئيسيين هما نظام ABO ونظام Rh، وكل فصيلة دم تحمل خصائص مميزة تحدد كيفية تفاعل الدم مع الأفراد الآخرين. إن معرفة فصيلة الدم ضرورية للحفاظ على صحة الأفراد، خاصة في الحالات الطبية الطارئة مثل التبرع بالدم أو العمليات الجراحية. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر فصائل الدم أداة لفهم الاختلافات الوراثية بين البشر، حيث تختلف نسب توزيع الفصائل حسب المنطقة الجغرافية والعرقية.