فرق صعوبات التعلم واضطراباته

الفرق بين صعوبات التعلم واضطرابات التعلم

تعد قضية صعوبات التعلم واضطرابات التعلم من المواضيع المهمة التي تثير اهتمام المعلمين، والأخصائيين النفسيين، والأطباء النفسيين، وأولياء الأمور. على الرغم من استخدام المصطلحين أحيانًا بشكل متبادل، إلا أن هناك فرقًا واضحًا بين صعوبات التعلم واضطرابات التعلم. من الضروري أن نفهم هذا الفرق للتمكن من تحديد النوع المناسب من الدعم الذي يحتاجه الأطفال أو الأفراد المصابون بهذه المشكلات.

أولاً: تعريف صعوبات التعلم

صعوبات التعلم هي مصطلح عام يشير إلى مجموعة من المشكلات التي يواجهها الأفراد في التعلم، والتي لا تعود إلى نقص الذكاء أو تأخر النمو العقلي، بل تتعلق بالصعوبات التي تواجه الأفراد في استيعاب المعلومات أو استخدامها بطريقة فعالة. يمكن أن تظهر صعوبات التعلم في مجالات معينة مثل القراءة، الكتابة، الرياضيات، أو حتى في العمليات المعرفية مثل التفكير التحليلي أو الذاكرة.

تشمل صعوبات التعلم بعض الأنواع التي قد تكون مرتبطة بموارد عقلية محدودة أو أساليب تعلم غير فعّالة. ولكن ما يميز هذه الصعوبات هو أن الأفراد المصابين بها يمتلكون عادةً قدرات عقلية جيدة أو عادية، غير أنهم يواجهون صعوبة في تطبيق هذه القدرات بشكل طبيعي في المجالات التعليمية.

ثانيًا: تعريف اضطرابات التعلم

اضطرابات التعلم، من ناحية أخرى، تشير إلى حالات طبية معترف بها في مجال التشخيص النفسي أو العصبي. هذه الاضطرابات تمثل مجموعة من المشاكل أو الاضطرابات العصبية التي تؤثر على قدرة الشخص على تلقي، معالجة، أو تطبيق المعلومات بشكل طبيعي. وبالتالي، اضطرابات التعلم أكثر تحديدًا ويمكن أن تكون مرتبطة بمشاكل في الدماغ أو في بعض العمليات العصبية التي تؤثر على الفهم، التركيز، أو حتى القدرة على التواصل الفعّال.

من بين أشهر اضطرابات التعلم نذكر:

• الديسلكسيا (عسر القراءة): اضطراب يؤثر على القدرة على قراءة الكلمات بشكل صحيح أو فهم النصوص المكتوبة.

• الديسكالكوليا (عسر الرياضيات): اضطراب يؤثر على القدرة على فهم الأرقام أو إجراء العمليات الحسابية.

• الديسجرافيا (عسر الكتابة): اضطراب يؤثر على القدرة على الكتابة بشكل دقيق أو منظم.

وبالرغم من أن اضطرابات التعلم تؤثر بشكل ملحوظ على قدرة الأفراد على التعلم، إلا أنهم عادةً ما يمتلكون القدرة العقلية المناسبة في مجالات أخرى.

الفرق الرئيسي بين صعوبات التعلم واضطرابات التعلم

1. السبب والعوامل المؤثرة:

   • صعوبات التعلم: غالبًا ما ترتبط صعوبات التعلم بأساليب تعلم غير فعّالة أو بيئات تعليمية غير ملائمة. قد يكون السبب في صعوبة التعلم متمثلًا في قلة الخبرات أو وجود تحديات بيئية تؤثر على طريقة تعلم الشخص.

   • اضطرابات التعلم: في المقابل، يكون السبب في اضطرابات التعلم هو حالة عصبية أو بيولوجية، وقد يكون هناك تفاعل غير طبيعي في الدماغ يعوق قدرة الشخص على معالجة المعلومات بفعالية. يمكن أن يكون للوراثة، المشاكل العصبية، أو التلف الدماغي دور في نشوء اضطرابات التعلم.

2. الاستجابة للتعليم:

   • صعوبات التعلم: يمكن أن تكون استجابة الشخص المصاب بصعوبة التعلم للطرق التعليمية التقليدية متفاوتة. قد يساعد تعديل أساليب التدريس أو توفير بيئة تعليمية مختلفة على تحسين الأداء، حيث يمكن أن يتعلم الأفراد باستخدام استراتيجيات تعلم بديلة.

   • اضطرابات التعلم: يصعب على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات التعلم الاستجابة بنفس الطريقة التي يستجيب بها الأفراد الآخرون. مثلًا، لا يمكن علاج اضطراب عسر القراءة بسهولة باستخدام أساليب تعليمية تقليدية، بل يحتاج إلى تدخلات علاجية متخصصة.

3. التشخيص والعلاج:

   • صعوبات التعلم: لا تحتاج صعوبات التعلم إلى تشخيص رسمي دائمًا، حيث يمكن أن يتم تحديدها عبر ملاحظات المعلم وتقييمات الأداء. العلاج يتمثل في تعديل أساليب التدريس أو استخدام استراتيجيات مخصصة لتلبية احتياجات المتعلم.

   • اضطرابات التعلم: تشخيص اضطرابات التعلم يتطلب تقييمًا نفسيًا أو عصبيًا شاملًا من قبل أخصائي مختص. العلاج يعتمد على نوع الاضطراب ويشمل عادةً تدخلات تربوية وعلاجية طويلة الأمد، وقد يتطلب أيضًا تدخلاً دوائيًا في بعض الحالات.

4. التأثير على الحياة اليومية:

   • صعوبات التعلم: رغم أن صعوبات التعلم يمكن أن تؤثر على التحصيل الأكاديمي في مجالات معينة، إلا أن الأشخاص المصابين بها يمكنهم عادةً أداء الأنشطة اليومية بشكل طبيعي.

   • اضطرابات التعلم: اضطرابات التعلم تؤثر بشكل أكبر على الحياة اليومية، وقد تساهم في ظهور مشكلات في التواصل أو في فهم التعليمات أو استيعاب النصوص. يمكن أن تؤثر هذه الاضطرابات على القدرة الوظيفية للفرد في مجالات أخرى من الحياة.

الأمثلة الشائعة على صعوبات التعلم واضطرابات التعلم

صعوبات التعلم:

1. الصعوبة في التركيز: بعض الأطفال يعانون من صعوبة في التركيز على المهمة المطروحة أمامهم، مما يؤثر على أدائهم الأكاديمي.

2. الصعوبة في الفهم السمعي أو البصري: قد يعاني الأطفال من صعوبة في فهم المعلومات المعروضة بطريقة سمعية أو بصرية.

3. التخزين المؤقت للمعلومات: يعاني بعض الأطفال من صعوبة في تخزين المعلومات بشكل مؤقت، مما يجعل من الصعب عليهم استرجاعها لاحقًا.

اضطرابات التعلم:

1. الديسلكسيا: اضطراب في قراءة الكلمات والفهم السليم للنصوص المكتوبة.

2. الديسكالكوليا: صعوبة كبيرة في إجراء العمليات الحسابية أو فهم المفاهيم الرياضية.

3. الديسجرافيا: صعوبة في الكتابة، سواء من حيث تنظيم الأفكار أو الكتابة اليدوية نفسها.

التشخيص والعلاج

• تشخيص صعوبات التعلم: يعتمد التشخيص على الملاحظة المستمرة لمستوى تحصيل الطفل الدراسي مقارنة بمستوى أقرانه. يمكن أن يتم التقييم من قبل معلمين متخصصين أو مستشارين تربويين، وفي بعض الأحيان قد يتطلب الأمر استشارة مختصين في التربية الخاصة لتقديم حلول مناسبة.

• تشخيص اضطرابات التعلم: يحتاج التشخيص إلى تقييم شامل يقوم به أطباء نفسيون أو مختصون في علم الأعصاب. قد يتطلب الأمر اختبارات علمية تتعلق بوظائف الدماغ أو إشرافًا طبيًا مستمرًا.

الاستراتيجيات التعليمية للتعامل مع صعوبات التعلم واضطرابات التعلم

• استراتيجيات التعامل مع صعوبات التعلم:

  • التدريس المرن: يمكن تكييف المناهج لتلبية احتياجات الطلاب من خلال استخدام أساليب متعددة مثل التدريس البصري أو الحركي.

  • التعلم التعاوني: تشجيع الطلاب على التعاون مع بعضهم البعض، مما يمكنهم من تعلم الطرق المختلفة لحل المشكلات.

  • التوجيه الفردي: تقديم الدعم الفردي للمحتاجين من الطلاب يساعد في سد الفجوة الأكاديمية.

• استراتيجيات التعامل مع اضطرابات التعلم:

  • التدخل المبكر: يعد التدخل المبكر أمرًا حيويًا لعلاج اضطرابات التعلم، حيث يمكن للمعالجين النفسيين استخدام استراتيجيات علاجية متخصصة.

  • العلاج التربوي المكثف: يشمل التدخلات التربوية المتخصصة مثل برامج القراءة العلاجية، أو التدريبات الخاصة بالمهارات الحركية.

  • التكنولوجيا المساعدة: استخدام أدوات وتقنيات تكنولوجية مثل برامج الكمبيوتر التي تساعد في تحسين المهارات المعرفية والحركية.

الخاتمة

يجب أن يكون الفرق بين صعوبات التعلم واضطرابات التعلم واضحًا من خلال تشخيص دقيق ومعالجة ملائمة، حيث إن الأشخاص الذين يعانون من صعوبات التعلم يمكن أن يستفيدوا بشكل كبير من التدخلات التعليمية، بينما يحتاج الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات التعلم إلى رعاية وعلاج خاص يشمل مزيجًا من التدخلات النفسية، العصبية، والتربوية.