في العالم الأدبي العربي، يتألق كتاب “فاوست” الذي خطه الكاتب الكبير جوهان فولفغانغ فون جوته، المعروف بجيته، ويأتي هذا الكتاب بتفاصيل مشوقة ومعانٍ عميقة تتناول جوانب مختلفة من الإنسان ودوافعه الداخلية. إنه رحلة استكشافية في أعماق النفس البشرية، حيث يظهر الإنسان ككائن يسعى دوماً إلى المزيد، إلى الكمال الذي يبدو وكأنه هدف لا ينتهي.
تتجلى قوة الكتاب في تصوير شخصية فاوست، الذي يُعد نموذجًا حيًا لهذا الدافع الإنساني. يبدأ فاوست رحلته في سبيل الكمال باستخدام وسائل تتجاوز حدود الطبيعة، وهي التي تُعرف بمصطلح السحر بأبعاده المتعددة. السحر في هذا السياق يظهر كتحدي للقوى الإلهية، حيث يُحاول الإنسان تجاوز النظام الذي وُضع له، ويستعين بقوى تتمرد على الألوهية، كشياطين وجن وكل ما ينتمي إلى عالم الخوارق.
شخصية فاوست، التي تاريخها يعود إلى أواخر القرن الخامس عشر، تعيش في عالم مليء بالسحر والشياطين، حيث يُظهر مهاراتها واستفادتها من تعلم فن السحر في مدينة كراكونيا. يُظهر الكتاب رحلة فاوست بأسلوب سردي مشوق، حيث يكشف عن مغامراته وتفاصيل حياته المثيرة. يكون فاوست متشردًا مغامرًا يتحدى العالم، ويتحدث بألفاظ غريبة، ما يُبرز الغموض والتشويق الذي يكتنف شخصيته.
في البندقية، يأتي لحظة فاصلة حينما يقرر فاوست أن يعرض مشهدًا فريدًا، مدعيًا أنه سيطير في الهواء بمعونة الشيطان. وهنا يكمن الجدل والتشويق، حيث يسقط فاوست بثقل من السماء إلى الأرض، وعلى الرغم من أنه كاد يفنى، إلا أنه يظل حيًا، ما يضفي على الحبكة مزيدًا من التعقيد والإثارة.
تجسد هذه المسرحية ليس فقط شخصية فاوست كشخصية تاريخية، بل كشخصية أسطورية تتجاوز حدود الزمان والمكان. ينسج جيته حولها حكايات وخيالات، ويحاكيها الكتّاب الروائيون الذين استلهموا منها ليخلقوا قصصًا جديدة. إن فهم القارئ لهذه الأسطورة يحمل معاني عميقة تتعلق بالوجود الإنساني، حيث يُحث على التفكير في الدوافع وراء رغبة الإنسان في تحقيق المزيد من القوة والكمال.
صدرت هذه المسرحية في عام 2007 عن دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع، وهي تحمل صفحات تصل إلى 600 صفحة من الفخامة والتأمل. الغلاف الجذاب يعكس جمال الروح الفنية لهذا العمل الأدبي. تصنف المسرحية ضمن فئة الأدب والخيال، وبشكل أدق، تتندرج تحت فئة المسرحيات، ما يجعلها قطعة أدبية فريدة ومميزة في عالم الأدب العربي.