9 عوامل تتسبّب في الإصابة بمرض السرطان
السرطان هو إحدى أخطر الأمراض التي تهدد صحة الإنسان في العصر الحديث، حيث يعد من الأسباب الرئيسية للوفاة في مختلف أنحاء العالم. وهو ليس مرضًا واحدًا، بل مجموعة من الأمراض التي تتميز بنمو غير طبيعي للخلايا. قد تبدأ هذه الخلايا في التضاعف بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى تكوّن أورام سرطانية قد تؤثر على الأنسجة المحيطة بها أو تنتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم من خلال الدم أو اللمف. ويعتمد تشخيص السرطان وعلاجه بشكل كبير على نوع السرطان ومرحلة تطوره. لكن السرطان ليس مجرد ظاهرة عشوائية، بل هناك عوامل بيئية ووراثية تؤثر بشكل كبير في احتمالية الإصابة بهذا المرض الخطير.
في هذا المقال، نستعرض 9 عوامل رئيسية قد تساهم في الإصابة بمرض السرطان، مع التركيز على التفسيرات العلمية التي تشرح كيفية تأثير هذه العوامل على الجسم البشري.
1. التدخين
يعد التدخين من أكثر العوامل المؤدية للإصابة بالسرطان، حيث يحتوي دخان السجائر على العديد من المواد الكيميائية السامة والمسرطنة. من بين هذه المواد، نجد الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، والنيتروزامينات، التي يمكن أن تتسبب في تغيير الحمض النووي (DNA) للخلايا في الرئتين والمناطق الأخرى. هذا التغيير في الحمض النووي هو ما يجعل الخلايا تتحول إلى خلايا سرطانية.
التدخين لا يقتصر تأثيره على الرئتين فقط، بل قد يتسبب أيضًا في الإصابة بأنواع أخرى من السرطان، مثل سرطان الفم، الحنجرة، المريء، البنكرياس، والمثانة. تشير الدراسات إلى أن المدخنين يواجهون خطرًا أكبر بكثير من غير المدخنين للإصابة بهذه الأنواع من السرطان، مما يجعل التدخين أحد أبرز العوامل التي تساهم في انتشار هذا المرض.
2. التعرض للأشعة فوق البنفسجية
الأشعة فوق البنفسجية، التي تنبعث من الشمس والمصادر الاصطناعية مثل أسرة التسمير، تُعد من العوامل المسببة الرئيسية لسرطان الجلد. هناك نوعان رئيسيان من الأشعة فوق البنفسجية، هما UVA وUVB. الأشعة UVA تخترق الجلد بشكل أعمق، بينما تتسبب الأشعة UVB في تلف الخلايا السطحية. كلا النوعين يمكن أن يؤدي إلى تلف الحمض النووي للخلايا، مما يرفع من احتمالية نمو الأورام السرطانية.
يتسبب التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية في زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد، بما في ذلك الأنواع الأكثر خطورة مثل الميلانوما. لذلك، يُنصح دائمًا باستخدام واقيات الشمس وارتداء ملابس واقية لتقليل التعرض للأشعة الضارة.
3. العوامل الوراثية
العوامل الوراثية لها دور كبير في تطور العديد من أنواع السرطان. بعض الأفراد يولدون مع طفرات جينية تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأنواع معينة من السرطان. على سبيل المثال، يزيد وجود طفرات في جينَي BRCA1 وBRCA2 من خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض لدى النساء. كذلك، يمكن أن تؤدي الطفرات الجينية إلى أنواع أخرى من السرطان، مثل سرطان القولون أو البروستاتا.
الاستعداد الوراثي للإصابة بالسرطان لا يعني بالضرورة أن الشخص سيصاب به، ولكن زيادة احتمالية الإصابة تبقى قائمة، مما يجعل من المهم إجراء فحوصات دورية للكشف المبكر عن السرطان في الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.
4. النظام الغذائي غير الصحي
النظام الغذائي يلعب دورًا مهمًا في تطور السرطان. الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة، السكريات المكررة، والأطعمة المعالجة قد تزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان القولون، الثدي، والمريء. كما أن قلة تناول الفواكه والخضراوات، التي تحتوي على مضادات أكسدة ومركبات تحارب السرطان، قد يعزز احتمالية نمو الأورام.
تعتبر السمنة أحد العوامل المتصلة ارتباطًا وثيقًا بنظام غذائي غير صحي، حيث تزيد الدهون الزائدة من الالتهابات في الجسم، مما يعزز من نمو الأورام السرطانية. لذلك، يُنصح بتناول نظام غذائي متوازن غني بالألياف والفيتامينات والمعادن، بالإضافة إلى تجنب الأطعمة المعالجة والمشبعة بالدهون.
5. التعرض للمواد الكيميائية
التعرض للعديد من المواد الكيميائية الصناعية يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالسرطان. تشمل هذه المواد البنزين، الأسبستوس، الفثالات، والزرنيخ. العاملين في الصناعات الكيميائية أو الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تحتوي على تلوث صناعي قد يكونون أكثر عرضة لهذه المواد. هذه المواد يمكن أن تضر بالحمض النووي أو تسبب تغيرات في الخلايا مما يرفع من خطر تطور السرطان.
يجب أن يتخذ الأشخاص الذين يعملون في هذه الصناعات احتياطات السلامة اللازمة، مثل ارتداء الملابس الواقية والأقنعة، لتقليل التعرض لهذه المواد السامة.
6. التعرض للفيروسات والبكتيريا
بعض الفيروسات والبكتيريا يمكن أن تسبب السرطان، حيث تساهم في تغيير الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية. على سبيل المثال، فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) هو المسؤول عن معظم حالات سرطان عنق الرحم، ويُعتقد أن فيروس التهاب الكبد الوبائي (HBV) والتهاب الكبد الوبائي (HCV) قد يكون لهما دور في التسبب بسرطان الكبد. كما أن بكتيريا Helicobacter pylori يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان المعدة.
من الضروري الوقاية من هذه العدوى عن طريق اللقاحات (مثل لقاح HPV) والعلاج المناسب للأمراض الفيروسية والبكتيرية.
7. الاضطرابات الهرمونية
الهرمونات تلعب دورًا كبيرًا في تطور بعض أنواع السرطان، خصوصًا في النساء. مستويات مرتفعة من هرمونات مثل الإستروجين قد تؤدي إلى نمو السرطان في بعض الأنسجة، مثل الثدي والمبيض. تستخدم بعض النساء الأدوية التي تحتوي على هرمونات للتعويض عن نقص في هرمون الإستروجين، ما قد يزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
التحكم في مستويات الهرمونات من خلال العلاجات المناسبة أو من خلال اتخاذ نمط حياة صحي يمكن أن يساعد في تقليل هذا الخطر. كما أن فحص الهرمونات بشكل منتظم يمكن أن يكون ذا فائدة في اكتشاف المشاكل مبكرًا.
8. التعرض للتلوث البيئي
التلوث البيئي أحد العوامل المساهمة في انتشار السرطان، حيث تساهم المواد الملوثة في الهواء، الماء، والتربة في زيادة معدل الإصابة بالسرطان. تشمل هذه المواد الملوثة الجسيمات الدقيقة (PM), ثاني أكسيد النيتروجين، وأوكسيد الكبريت، بالإضافة إلى المواد الكيميائية السامة التي يتم تصريفها في البيئة.
الأفراد الذين يعيشون في مناطق ذات تلوث بيئي مرتفع، مثل المناطق الصناعية أو المدن الكبرى، يواجهون خطرًا أكبر للإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان الرئة. تقليل التلوث البيئي من خلال التشريعات والسياسات البيئية يعد أمرًا حاسمًا في حماية الصحة العامة.
9. الشيخوخة
الشيخوخة هي أحد العوامل الطبيعية التي تساهم في تطور السرطان. مع تقدم العمر، يتعرض الجسم للكثير من التغيرات الخلوية التي تزيد من احتمالية حدوث الطفرات الوراثية في الخلايا. هذه الطفرات قد تؤدي إلى تحول الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية. بالإضافة إلى ذلك، يضعف جهاز المناعة مع التقدم في السن، مما يقلل من قدرة الجسم على مقاومة الخلايا السرطانية.
تُعد الشيخوخة عامل خطر غير قابل للتغيير، ولكن تبني نمط حياة صحي والقيام بالفحوصات الدورية يمكن أن يساعد في تقليل التأثيرات السلبية لهذا العامل.
خاتمة
بينما يعد مرض السرطان أحد التحديات الكبرى في مجال الرعاية الصحية، فإن معرفة العوامل التي تساهم في الإصابة به يمكن أن يساعد في الوقاية منه بشكل كبير. من خلال تبني نمط حياة صحي، الحد من التعرض للمواد المسرطنة، واتباع التعليمات الطبية والوقائية، يمكن التقليل من مخاطر الإصابة بهذا المرض الفتاك.
