كيف تعرف أنك في علاقة غير آمنة؟ وكيف تتصرف حيالها؟
تعتبر العلاقات الإنسانية من أعظم النعم التي يمكن أن يعيشها الفرد، إلا أنها في بعض الأحيان تتحول إلى مصدر للتوتر النفسي والعاطفي، وقد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية والجسدية. في هذا المقال، سنتناول العلامات التي تشير إلى أنك في علاقة غير آمنة، بالإضافة إلى الطرق المثلى للتعامل مع هذه العلاقة بما يعزز من رفاهيتك النفسية والجسدية.
مفهوم العلاقة غير الآمنة
العلاقة غير الآمنة هي تلك التي تفتقر إلى الثقة المتبادلة، والاحترام المتبادل، والرعاية الصحيّة للعواطف. قد تكون هذه العلاقات مشحونة بالتوتر، أو تحتوي على سلوكيات مسيئة سواء كانت عاطفية أو جسدية. والهدف من العلاقة الآمنة هو تقديم الدعم العاطفي والنفسي لشريك الحياة، والتمتع بالسلام الداخلي، بينما العلاقة غير الآمنة تفتقر إلى هذه المبادئ الأساسية.
العلامات التي تشير إلى أنك في علاقة غير آمنة
-
غياب الثقة المتبادلة
الثقة هي أساس أي علاقة ناجحة، وإذا شعرت بأنك لا تستطيع أن تثق بشريكك أو أنه لا يثق بك، فهذا يعد من أولى الإشارات على أن العلاقة غير آمنة. قد تكون هناك أكاذيب متكررة، أو خيانة للثقة، أو تجسس على حسابات بعضكما البعض. إذا كانت هذه الحالة مستمرة، فإنها تؤدي إلى تآكل العلاقة على المدى الطويل. -
التلاعب العاطفي
التلاعب العاطفي هو عندما يستخدم الشخص مشاعر الآخر لمصلحته الخاصة. قد يشعر الشخص الذي يتعرض للتلاعب بأنه مذنب أو ضعيف أو غير كفء حتى عندما لا يكون قد ارتكب أي خطأ. يشمل التلاعب العاطفي العديد من الأساليب مثل: اللعب على مشاعر الذنب، إلقاء اللوم، أو تقليل قيمة الشخص الآخر. هذه السلوكيات تجعل الشخص يشعر بعدم الأمان العاطفي. -
الإساءة النفسية أو الجسدية
من أخطر العلامات على العلاقة غير الآمنة هي الإساءة النفسية أو الجسدية. قد تتخذ الإساءة النفسية أشكالاً مثل الشتائم المستمرة، السخرية، الإهانة، أو تهديد الاستقلالية. أما الإساءة الجسدية، فتشمل الضرب، الدفع، أو أي نوع آخر من الاعتداء الجسدي. في أي من الحالتين، تكون العلاقة غير صحية وتعرض الشخص لمخاطر صحية خطيرة. -
العزلة الاجتماعية
في العلاقة غير الآمنة، قد يشعر الشخص بالعزلة أو قد يتم الضغط عليه لقطع علاقاته الاجتماعية مع الأصدقاء والعائلة. قد يُطلب منه قضاء كل وقته مع الشريك أو أن يُترك وحيدًا بعيدًا عن الدعم الاجتماعي. هذا النوع من العزلة يضعف الشخص ويزيد من تبعيته للشريك المسيطر. -
عدم احترام الحدود الشخصية
إذا كان شريكك يتجاوز حدودك الشخصية بشكل متكرر، مثل تدخله في حياتك الخاصة أو إجبارك على القيام بأشياء لا ترغب بها، فهذا يشير إلى علاقة غير آمنة. في العلاقات الصحية، يتم احترام الحدود الشخصية لكل طرف، ويشعر كل طرف بالراحة في التعبير عن رغباته ومشاعره دون خوف من الرفض أو السخرية. -
العنف اللفظي أو السخرية المستمرة
العنف اللفظي يشمل التهديدات، والشتائم، والإهانات. أما السخرية المستمرة فهي نوع آخر من العنف الذي يُستخدم لتقليل من قيمة الشخص الآخر وجعله يشعر بالضعف أو الحرج. لا يمكن تجاهل مثل هذه السلوكيات، فهي تشير إلى عدم احترام الشخص الآخر. -
الانعزال عن الذات
في العلاقات غير الآمنة، قد يشعر الشخص بفقدان هويته الشخصية. قد يضطر إلى التضحية بأهدافه وأحلامه أو التكيف مع مواقف وأحداث قد تكون بعيدة عن قيمه الأساسية فقط للحفاظ على العلاقة. هذا الانفصال عن الذات هو مؤشر على أن الشخص في علاقة تضر بصحته النفسية والعاطفية. -
التحكم والسيطرة
عندما يفرض أحد الأطراف سيطرته على الآخر من خلال اتخاذ القرارات بشكل أحادي، سواء كانت هذه القرارات تتعلق بحياة الشخص المهنية أو الاجتماعية أو الشخصية، فإن العلاقة تصبح غير آمنة. يمكن أن تظهر هذه السيطرة من خلال فرض القيود على حرية الحركة، أو تحديد الأوقات التي يمكن أن تقضيها مع الأصدقاء أو العائلة.
كيف تتعامل مع العلاقة غير الآمنة؟
1. التعرف على المشاكل
أول خطوة نحو التعامل مع العلاقة غير الآمنة هي الاعتراف بالمشاكل التي تواجهها. قد يكون من الصعب أن تعترف لنفسك بأنك في علاقة غير صحية، ولكن الوعي بالمشاكل هو الخطوة الأولى نحو التغيير. حاول أن تقيّم سلوكيات الشريك والمواقف التي تجد فيها نفسك غير مرتاح، وابدأ في تحديد إذا كانت هذه السلوكيات مرفوضة بالنسبة لك أم لا.
2. إعادة تقييم العلاقة
بمجرد التعرف على العلامات السلبية في العلاقة، يجب أن تبدأ في إعادة تقييم العلاقة ككل. هل تستحق هذه العلاقة الاستمرار؟ هل تؤثر سلبًا على رفاهيتك النفسية والجسدية؟ قد تحتاج إلى طرح هذه الأسئلة على نفسك لتحديد ما إذا كانت العلاقة قابلة للتحسن أم أنه من الأفضل إنهائها.
3. التحدث مع شريكك بصراحة
إذا كنت تشعر أن هناك فرصة لتحسين العلاقة، فإن التحدث مع الشريك هو خطوة ضرورية. يجب أن يكون هذا الحديث صريحًا ومباشرًا. عبر عن مشاعرك ومخاوفك بطريقة هادئة وواضحة. قد يكون الشريك غير مدرك لتأثير تصرفاته عليك، ولذلك يمكن أن يساعد الحوار في تحسين الوضع.
4. اللجوء إلى الدعم الخارجي
إذا كان الوضع معقدًا ولا يمكنك حله بمفردك، فقد تحتاج إلى الاستعانة بمستشار عائلي أو نفسي. يمكن أن يقدم المستشار الإرشاد والمساعدة في فهم الديناميكيات السامة في العلاقة وتوجيهك نحو الحلول المناسبة. الدعم من الأصدقاء والعائلة أيضًا يعد مهمًا، حيث يمكن أن يقدموا لك الدعم العاطفي والإرشادات الحكيمة.
5. وضع الحدود وتحديد الأولويات
يجب أن تكون قادرًا على وضع حدود واضحة لشريكك. هذه الحدود قد تتعلق بكيفية التعامل معك، أو ما هو مقبول وما هو غير مقبول في العلاقة. إذا كنت تشعر أن الشريك لا يحترم هذه الحدود أو يحاول تجاوزها، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة التفكير في علاقتك به.
6. اتخاذ خطوة عملية إذا لزم الأمر
في حالات العنف الجسدي أو النفسي، قد تكون الحاجة إلى اتخاذ خطوة عملية ضرورية. قد يتطلب الأمر إنهاء العلاقة فورًا، سواء كان ذلك عن طريق الانفصال الجسدي أو العاطفي. في بعض الحالات، قد تحتاج إلى حماية نفسك باتخاذ تدابير قانونية مثل تقديم بلاغ ضد الإساءة أو العنف.
7. الاستثمار في الذات
عندما تجد نفسك في علاقة غير آمنة، من المهم أن تعيد الاستثمار في نفسك. قد تشمل هذه الخطوة العودة إلى هواياتك أو اهتماماتك السابقة، والاهتمام بصحتك النفسية والجسدية، والبحث عن أنشطة تدعم رفاهيتك. تذكر أن تكون أنت أول من يعزز نفسه ويشعر بالسلام الداخلي.
الخاتمة
تستحق كل شخص أن يعيش في علاقة صحية وآمنة حيث يكون الحب والاحترام هما الأساس. إذا كنت في علاقة غير آمنة، فإن اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية نفسك ضروري. لا تدع خوفك أو شعورك بالذنب يمنعك من اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحتك ورفاهيتك. العلاقات الصحية تبنى على الثقة المتبادلة، والاحترام، والرغبة في دعم نمو كل طرف.
