علاج نقص اللعاب في الفم

علاج نقص اللعاب في الفم

يُعد اللعاب عنصراً أساسياً في صحة الفم والجهاز الهضمي، حيث يؤدي أدواراً متعددة تتراوح بين ترطيب الفم وتسهيل المضغ والبلع، إلى المساعدة في الهضم الأولي للأطعمة وحماية الأسنان والأنسجة الفموية من الالتهابات والبكتيريا. وعندما يقل إفراز اللعاب، تظهر حالة طبية تُعرف بجفاف الفم (Xerostomia)، وهي مشكلة تؤثر بشكل سلبي على جودة حياة المصاب، وتزيد من خطر الإصابة بالتسوس، والتهابات اللثة، وصعوبة التحدث أو البلع. هذا المقال يتناول أسباب نقص اللعاب، مضاعفاته، طرق التشخيص، والعلاجات الفعالة المتوفرة طبياً وطبيعياً.

مفهوم نقص اللعاب وأهميته الحيوية

اللعاب هو سائل شفاف تنتجه الغدد اللعابية، ويتكون أساساً من الماء بنسبة 98%، إضافة إلى مكونات أخرى مثل الإنزيمات، والأملاح، والبروتينات، والأجسام المناعية. ويبلغ متوسط إفراز اللعاب اليومي لدى الشخص الطبيعي ما بين 0.5 إلى 1.5 لتر. وعند انخفاض هذا الإفراز إلى مستويات دون الطبيعية، تظهر أعراض متعددة أهمها الشعور المستمر بالجفاف في الفم، وصعوبة التذوق أو التحدث، وتفاقم مشاكل الأسنان.

الأسباب الطبية لنقص اللعاب في الفم

1. الأدوية

تُعد الأدوية من أبرز الأسباب لنقص إفراز اللعاب، حيث تؤدي أكثر من 600 دواء إلى جفاف الفم كأثر جانبي، ومن أبرزها:

• مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات

• مضادات الهيستامين

• مدرات البول

• أدوية ارتفاع ضغط الدم

• أدوية الباركنسون

• أدوية العلاج الكيميائي

2. الأمراض المزمنة

• متلازمة شوغرن: مرض مناعي مزمن يهاجم الغدد اللعابية والدمعية، ويتسبب بجفاف في الفم والعينين.

• السكري: ارتفاع مستويات السكر في الدم يؤثر على تروية الغدد اللعابية.

• القصور الكلوي أو الكبدي

• السرطان والعلاج الإشعاعي في منطقة الرأس والرقبة: يؤدي الإشعاع إلى تدمير الأنسجة الغدية المسؤولة عن إنتاج اللعاب.

3. التقدم في العمر

مع التقدم في السن، يقل نشاط الغدد اللعابية كما يزداد تعاطي الأدوية المؤثرة على إفراز اللعاب، ما يزيد من احتمالية الإصابة بجفاف الفم.

4. التنفس عن طريق الفم

خصوصًا أثناء النوم، ما يؤدي إلى تبخر اللعاب وعدم تجديده.

5. نقص التغذية

خصوصًا نقص فيتامين A وفيتامين B12 والزنك.

المضاعفات الصحية لنقص اللعاب

• تسوس الأسنان السريع

• التهاب اللثة والفم الفطري (داء المبيضات الفموي)

• صعوبة في المضغ والبلع والنطق

• التهاب اللسان وتشقق الشفاه

• اضطراب حاسة التذوق

• رائحة الفم الكريهة

• مشاكل في الجهاز الهضمي نتيجة اضطراب المضغ المبدئي للطعام

طرق تشخيص نقص اللعاب

يعتمد الطبيب المختص على الفحص السريري بالإضافة إلى تقييم التاريخ الطبي للمريض والأدوية المستعملة. وتتضمن وسائل التشخيص:

• اختبار تدفق اللعاب: قياس كمية اللعاب المنتجة خلال وقت معين.

• تحاليل الدم: للبحث عن أمراض مثل السكري أو متلازمة شوغرن.

• خزعة من الغدة اللعابية: في حالات الاشتباه بأمراض مناعية.

• اختبارات التصوير (السونار، الرنين المغناطيسي): لتقييم سلامة الغدد اللعابية.

العلاج الطبي لنقص اللعاب

1. معالجة السبب الأساسي

• تعديل أو تغيير الدواء المسبب للجفاف بالتنسيق مع الطبيب.

• علاج مرض السكري أو متلازمة شوغرن بشكل متكامل.

2. الأدوية المحفزة لإفراز اللعاب

• بيلوكاربين (Pilocarpine): يُستخدم لتحفيز الغدد اللعابية، وخصوصاً في حالات متلازمة شوغرن.

• سيفيميلين (Cevimeline): دواء مشابه من حيث الفعالية.

3. بدائل اللعاب

تتوفر على شكل:

• بخاخات فموية مرطبة

• جل لعابي صناعي

• أقراص مص تُحفز إفراز اللعاب
  تُستخدم هذه البدائل لتخفيف الأعراض وليس لعلاج السبب.

4. علاج التهابات الفم الثانوية

مثل داء المبيضات الفموي، يتم علاجه بمضادات الفطريات الموضعية أو الفموية حسب شدة الحالة.

العلاجات الطبيعية والوقائية لنقص اللعاب

1. زيادة الترطيب وشرب السوائل

الحفاظ على شرب كميات كافية من الماء يومياً بمعدل لا يقل عن 2 لتر يساعد في دعم إفراز اللعاب.

2. مضغ العلكة الخالية من السكر

مضغ العلكة يحفز الغدد اللعابية على العمل، خصوصاً تلك التي تحتوي على زيليتول، وهو آمن ويفيد في الوقاية من التسوس.

3. الاهتمام بالنظافة الفموية

• استخدام معجون أسنان مخصص لجفاف الفم

• تنظيف اللسان

• استخدام غسول فم خالٍ من الكحول

4. تعديل نمط التغذية

• تجنب الأطعمة المالحة والمقلية والحمضية

• تناول الفواكه الطازجة مثل التفاح والأناناس والبرتقال لأنها تحفز إفراز اللعاب

• تناول أطعمة غنية بفيتامين B المركب والزنك

5. التقليل من الكافيين والتدخين

الكافيين والنيكوتين من المواد التي تقلل من إنتاج اللعاب وتزيد من جفاف الفم.

6. التحكم في التنفس

تعلم تقنيات التنفس من الأنف بدلاً من الفم لتقليل تبخر اللعاب أثناء النوم.

جدول يوضح أبرز العلاجات وفعاليتها

التوصيات الوقائية لتجنب تكرار الحالة

• مراجعة الأدوية بشكل دوري مع الطبيب

• إجراء الفحوصات الدورية للأمراض المزمنة

• الحفاظ على ترطيب الجسم والفم

• استخدام جهاز ترطيب الهواء داخل الغرف

• الالتزام بروتين يومي للعناية بصحة الفم والأسنان

خاتمة علمية

يُعد نقص اللعاب من الاضطرابات الشائعة التي قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل مضاعفات صحية ونفسية جسيمة إذا لم تُعالج بشكل سليم. يرتبط هذا النقص بعدة عوامل تشمل الأدوية، والأمراض المزمنة، والتقدم في العمر، ويستوجب خطة علاج شاملة تشمل تعديل الأسباب، استخدام محفزات أو بدائل للعاب، إلى جانب الالتزام بنمط حياة صحي يدعم وظيفة الغدد اللعابية. ويبقى التشخيص المبكر والتدخل العلاجي السليم الركيزة الأساسية لمنع التدهور وتحسين جودة حياة المريض.

المراجع

1. Villa, A., et al. (2015). “Diagnosis and management of xerostomia and hyposalivation.” Therapeutic Advances in Oral and Maxillofacial Surgery.

2. Ship, J.A. (2002). “Diagnosis and management of salivary gland disorders.” Oral and Maxillofacial Surgery Clinics of North America.