علاج سرطان المريء وطرق الوقاية

سرطان المريء: التشخيص والعلاج

يُعتبر سرطان المريء من أنواع السرطان التي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الإصابة في العديد من البلدان، لا سيما في مناطق معينة من العالم مثل الصين، شرق أوروبا، وبعض البلدان الأمريكية. ويعد المريء الأنبوب العضلي الذي يربط الفم بالمعدة، ويتميز بوجود نوعين رئيسيين من السرطان يمكن أن يصيبا هذا العضو: سرطان الخلايا الحرشفية، وسرطان الغدد. كل نوع من هذين النوعين له خصائصه، وأسبابه، وطرق علاجه الخاصة. بالرغم من تطور العلاجات الطبية في السنوات الأخيرة، إلا أن شفاء المريض من سرطان المريء يعتمد على عدة عوامل، من بينها مرحلة السرطان عند التشخيص، ونوع السرطان، وحالة المريض الصحية العامة.

ما هو سرطان المريء؟

سرطان المريء هو نوع من السرطان الذي يتكون في أنسجة المريء. يبدأ غالبًا في الخلايا المبطنة لجدار المريء ويبدأ بالنمو بشكل غير طبيعي. على الرغم من أنه يمكن أن يحدث في أي جزء من المريء، إلا أن سرطان المريء غالبًا ما يصيب الجزء السفلي منه بالقرب من المعدة. ويتطور السرطان في هذه المنطقة ببطء، ويعتمد العلاج على مرحلة الإصابة والموقع الدقيق للورم.

الأنواع الرئيسية لسرطان المريء

1. سرطان الخلايا الحرشفية

يعتبر هذا النوع هو الأكثر شيوعًا في معظم أنحاء العالم. يتميز هذا السرطان بظهور خلايا غير طبيعية في الخلايا الحرشفية التي تشكل بطانة المريء. يحدث بشكل رئيسي في الجزء العلوي والوسطى من المريء.

2. سرطان الغدد

هذا النوع من السرطان يختلف عن السرطان الحرشفي في أنه يبدأ في خلايا الغدد المنتجة للمخاط في المريء. يُعتقد أن سرطان الغدد يرتبط ارتباطًا وثيقًا مع الارتجاع المعدي المريئي المزمن (GERD) الذي يؤدي إلى التهيج المستمر والقرحة، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان.

أسباب وعوامل خطر سرطان المريء

سرطان المريء قد يكون ناتجًا عن مجموعة من العوامل الجينية والبيئية التي تزيد من احتمالية الإصابة بهذا المرض. أهم هذه العوامل تشمل:

1. التدخين
   يعتبر التدخين من أكبر العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء، حيث أن المواد السامة الموجودة في السجائر تؤدي إلى تلف الخلايا في المريء مما يسرع من ظهور السرطان.

2. شرب الكحول
   شرب الكحول بشكل مفرط يعد من العوامل الخطيرة التي قد تساهم في الإصابة بسرطان المريء. يرتبط الكحول بتدمير الخلايا في المريء ويزيد من مخاطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان.

3. الارتجاع المعدي المريئي (GERD)
   يعتبر ارتجاع الحمض المزمن من المعدة إلى المريء أحد العوامل الرئيسية التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء. عند استمرار هذا الارتجاع لفترة طويلة، قد يؤدي إلى تغيرات في الخلايا تُسمى “مريء باريت”، وهي حالة قد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.

4. السمنة
   الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان المريء، خاصة في حال وجود تاريخ عائلي لهذا المرض.

5. العمر والجنس
   عادةً ما يصاب الرجال بسرطان المريء أكثر من النساء، ويميل المرض إلى الظهور في الأعمار المتقدمة، خاصة بعد سن الخمسين.

6. عوامل جينية
   قد تلعب العوامل الوراثية دورًا في زيادة المخاطر. يمكن أن يُلاحظ في بعض الحالات العائلية أن أفراد الأسرة معرضون أكثر للإصابة بسرطان المريء.

أعراض سرطان المريء

سرطان المريء في مراحله المبكرة قد لا يظهر بأعراض واضحة، وهو ما يجعل التشخيص المبكر صعبًا. إلا أن الأعراض التي قد تشير إلى وجود سرطان المريء تشمل:

• صعوبة في البلع (عسر البلع) وزيادة تدريجية في صعوبة البلع مع الوقت.

• ألم في الصدر أو الحلق.

• فقدان الوزن غير المبرر.

• صعوبة في تناول الطعام، أو شعور بأن الطعام يعلق في المريء.

• حرقة المعدة المستمرة.

• السعال المزمن أو بحة في الصوت.

إذا كانت هذه الأعراض مصحوبة بتغيرات ملحوظة في نمط الحياة أو تؤثر على الراحة اليومية، يجب على الشخص التوجه إلى الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة.

تشخيص سرطان المريء

لتشخيص سرطان المريء، يقوم الأطباء بعدة اختبارات تبدأ عادةً مع فحص السرطان السريري واختبارات التصوير التي تشمل:

1. تنظير المريء (Endoscopy)
   يتم إدخال أنبوب مرن مجهز بكاميرا عبر الحلق لفحص المريء. يمكن أن يساعد هذا الفحص في تحديد وجود أي نمو غير طبيعي في المريء.

2. التصوير بالأشعة السينية (X-ray)
   يُستخدم التصوير بالأشعة السينية بعد تناول مادة الباريوم لرؤية المريء بشكل أكثر وضوحًا. هذا يساعد في اكتشاف أي انسدادات أو تغييرات في الشكل الطبيعي للمريء.

3. الخزعة (Biopsy)
   في حال اكتشاف أي نوع من الأورام خلال التنظير، يتم أخذ عينة من النسيج لفحصها مخبريًا وتحديد إذا ما كانت خبيثة (سرطانية) أم لا.

4. التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
   تستخدم هذه الفحوصات لتحديد مدى انتشار السرطان إلى الأنسجة المحيطة أو الأعضاء الأخرى.

5. اختبار الموجات فوق الصوتية (Endoscopic ultrasound)
   يتيح هذا الاختبار للطبيب تقييم حجم الورم وعمق انتشاره.

علاج سرطان المريء

يتم تحديد علاج سرطان المريء بناءً على المرحلة التي وصل إليها السرطان ونوعه، بالإضافة إلى حالة المريض الصحية العامة. العلاج يشمل مجموعة من الخيارات التي يمكن أن تتكامل مع بعضها:

1. الجراحة

في الحالات التي يتم فيها اكتشاف السرطان في مرحلة مبكرة، قد يكون العلاج الجراحي هو الخيار الأفضل. يتم من خلاله إزالة الورم أو حتى الجزء المصاب من المريء. في بعض الحالات المتقدمة، قد يتم إجراء عملية استئصال كاملة للمريء.

2. العلاج الإشعاعي

يمكن أن يُستخدم العلاج الإشعاعي لتقليص الورم قبل الجراحة أو بعد الجراحة لمنع نمو السرطان مرة أخرى. في بعض الحالات، قد يكون العلاج الإشعاعي هو الخيار الرئيسي إذا لم يكن العلاج الجراحي ممكنًا.

3. العلاج الكيميائي

العلاج الكيميائي يشمل استخدام أدوية قوية لقتل الخلايا السرطانية أو منع نموها. يتم استخدام العلاج الكيميائي في مرحلة متقدمة من المرض أو بعد الجراحة لمنع عودة السرطان. في بعض الحالات، يتم دمجه مع العلاج الإشعاعي لتقديم أفضل النتائج.

4. العلاج الدوائي المستهدف

في السنوات الأخيرة، بدأ العلاج الدوائي المستهدف في إظهار نتائج واعدة في علاج سرطان المريء. يعتمد هذا النوع من العلاج على أدوية تستهدف خلايا السرطان تحديدًا، مما يقلل من تأثير العلاج على الخلايا السليمة.

5. العلاج المناعي

يشمل هذا العلاج استخدام أدوية تعزز من قدرة جهاز المناعة في الجسم لمحاربة الخلايا السرطانية. هذا النوع من العلاج يعد أحدث ما تم التوصل إليه في مكافحة السرطان وقد أظهر نتائج إيجابية في بعض الحالات.

التوقعات المستقبلية لمرضى سرطان المريء

تتوقف توقعات مريض سرطان المريء على مرحلة المرض في وقت التشخيص. كلما كان التشخيص مبكرًا، كانت فرص الشفاء أفضل. بالرغم من أن معدل الشفاء لسرطان المريء يعد منخفضًا مقارنةً بأنواع أخرى من السرطانات، إلا أن التقدم الطبي في العلاجات قد ساهم في تحسين نتائج العلاج. تتراوح معدلات البقاء على قيد الحياة بعد خمس سنوات للمرضى المصابين بسرطان المريء بين 20% و40%، حسب المرحلة التي تم اكتشاف السرطان فيها.

الخلاصة

سرطان المريء من الأمراض الخطيرة التي تتطلب تشخيصًا مبكرًا وعلاجًا متعدد الجوانب لزيادة فرص الشفاء. تعتمد طرق العلاج على مرحلة السرطان ونوعه وحالة المريض العامة. مع التقدم الطبي المستمر، بات بإمكان الأطباء تقديم خيارات علاجية أكثر تنوعًا وفعالية، مما يمنح الأمل للمصابين بهذا المرض.