علاج التهاب اللثة: دليل شامل للوقاية والعلاج الفعّال

يُعد التهاب اللثة من أبرز مشاكل الفم شيوعًا، ويُصنف ضمن أمراض دواعم السن التي تؤثر بشكل مباشر على صحة اللثة والعظام الداعمة للأسنان. وعلى الرغم من أنه قد يبدو في البداية بسيطًا، إلا أن تجاهله يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها فقدان الأسنان. تتعدد الأسباب المؤدية إلى هذا الالتهاب، وتتفاوت العلاجات بناءً على شدّته. يقدم هذا المقال الموسع مراجعة طبية وعلمية مفصلة حول التهاب اللثة، أسبابه، أنواعه، أعراضه، وطرق علاجه الوقائية والدوائية، بالإضافة إلى الأساليب الطبيعية المُثبتة فعاليّتها.

تعريف التهاب اللثة

التهاب اللثة (Gingivitis) هو شكل شائع من أمراض اللثة يتسم باحمرار، تورم، ونزيف اللثة خاصة عند تنظيف الأسنان. ينجم هذا الالتهاب غالبًا عن تراكم اللويحة الجرثومية (Plaque) على خط اللثة، والتي تُعتبر مزيجًا من البكتيريا والمخاط وبقايا الطعام. ومع مرور الوقت، إذا لم تُزال هذه الطبقة بشكل دوري، فإنها تتصلب لتُشكّل الجير، مما يزيد من شدة الالتهاب وقد يؤدي إلى تدمير الأنسجة والعظام المحيطة بالأسنان.

أسباب التهاب اللثة

تتعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى التهاب اللثة، ويُعتبر فهم هذه الأسباب أمرًا محوريًا لتطبيق العلاج المناسب. ومن أبرز هذه الأسباب:

1. تراكم اللويحة السنية (Plaque)
   
   السبب الرئيسي والأكثر شيوعًا، ويحدث بسبب عدم تنظيف الأسنان بانتظام.

2. التدخين
   
   يقلل من قدرة أنسجة اللثة على الشفاء ويزيد من تراكم البلاك.

3. التغيرات الهرمونية
   
   خاصة خلال فترات الحمل، البلوغ، أو انقطاع الطمث، حيث تصبح اللثة أكثر حساسية للعوامل الخارجية.

4. الأمراض المزمنة
   
   مثل السكري، الذي يؤثر على الجهاز المناعي وقدرة الجسم على مكافحة العدوى.

5. نقص الفيتامينات
   
   خصوصًا فيتامين C الضروري لصحة اللثة ونمو الأنسجة.

6. الأدوية
   
   بعض الأدوية مثل مضادات الصرع أو أدوية القلب قد تسبب نموًا غير طبيعي في أنسجة اللثة.

7. سوء التغذية
   
   النظام الغذائي الفقير بالعناصر الضرورية مثل الكالسيوم والفوسفور.

8. تركيبات الأسنان السيئة أو حشوات غير مناسبة
   
   تؤدي إلى صعوبة التنظيف وتراكم البكتيريا.

أنواع التهاب اللثة

ينقسم التهاب اللثة إلى عدة أنواع بناءً على السبب أو شدة الإصابة:

• التهاب اللثة الناجم عن البلاك
  
  الشكل الأكثر شيوعًا، سببه المباشر هو تراكم البلاك السني.

• التهاب اللثة الناتج عن الأدوية
  
  مثل الأدوية المثبطة للمناعة أو بعض مضادات ارتفاع ضغط الدم.

• التهاب اللثة الهرموني
  
  يحدث أثناء الحمل أو الدورة الشهرية بسبب تقلب مستويات الهرمونات.

• التهاب اللثة الناتج عن العدوى
  
  سواء كانت فيروسية أو فطرية مثل المبيضات الفموية.

• التهاب اللثة الحاد التقرحي الناخر (ANUG)
  
  نوع نادر لكنه مؤلم، يسبب تقرحات ونخر في أنسجة اللثة.

أعراض التهاب اللثة

تظهر أعراض التهاب اللثة بشكل تدريجي وتشمل العلامات التالية:

• احمرار اللثة

• تورم واضح في منطقة اللثة

• نزيف عند تفريش الأسنان أو استخدام الخيط

• رائحة فم كريهة مستمرة

• تراجع اللثة عن الأسنان

• حساسية في اللثة عند المضغ أو اللمس

في الحالات المتقدمة قد تظهر أعراض أكثر خطورة مثل تخلخل الأسنان أو ظهور جيوب لثوية.

تشخيص التهاب اللثة

يتم تشخيص التهاب اللثة عادة من قبل طبيب الأسنان عبر الفحص السريري الذي يتضمن:

• تقييم الحالة العامة للثة

• استخدام مسبار لقياس عمق الجيوب اللثوية

• فحص وجود النزيف أو الجير

• إجراء أشعة سينية لتقييم صحة العظام المحيطة

يعتمد التشخيص أيضًا على السيرة المرضية للمريض والعوامل المرافقة مثل وجود أمراض مزمنة.

علاج التهاب اللثة

أولاً: العناية الفموية اليومية

تمثل العناية المنزلية المنتظمة العمود الفقري للوقاية والعلاج:

• تنظيف الأسنان مرتين يوميًا على الأقل باستخدام فرشاة أسنان ناعمة ومعجون يحتوي على الفلورايد.

• استخدام خيط الأسنان مرة يوميًا لإزالة البلاك من بين الأسنان وتحت خط اللثة.

• استعمال غسولات فموية مضادة للبكتيريا مثل الكلورهيكسيدين.

• استبدال فرشاة الأسنان كل 3 أشهر أو عند تلف الشعيرات.

ثانيًا: العلاج الطبي والمهني

1. تنظيف احترافي للأسنان

يقوم طبيب الأسنان بإزالة الجير والبلاك المتراكم باستخدام أدوات خاصة، وتُعرف هذه العملية بالتنظيف العميق أو “Scaling and Root Planing”.

2. استخدام المضادات الحيوية الموضعية أو الجهازية

في حالات الالتهاب الحاد أو العدوى، تُستخدم المضادات الحيوية للسيطرة على البكتيريا، وقد تكون على شكل:

• غسول فموي مضاد للبكتيريا

• جل موضعي يُوضع في الجيوب اللثوية

• كبسولات أو أقراص عن طريق الفم مثل الأموكسيسيلين أو الميترونيدازول

3. الجراحة اللثوية

عندما لا تكون العلاجات التحفظية كافية، قد يتطلب الأمر جراحة لتقليل الجيوب وتنظيف الجذور أو حتى ترقيع اللثة المتراجعة.

ثالثًا: العلاجات الطبيعية والداعمة

الطب البديل يُساهم في تحسين حالة اللثة ودعم العلاج الطبي، ومن أبرز الطرق الطبيعية:

• المضمضة بزيت جوز الهند أو زيت السمسم (Oil Pulling)
  
  تُقلل من تراكم البكتيريا وتحسن من رائحة الفم.

• استخدام ماء الملح الدافئ
  
  له خصائص مضادة للالتهاب ويساعد على تهدئة اللثة.

• جل الألوفيرا (الصبار)
  
  يُستخدم موضعيًا لتقليل الالتهاب وتسريع الشفاء.

• الشاي الأخضر
  
  يحتوي على مضادات أكسدة تُساعد على تقليل الالتهابات وتحسين صحة الفم.

النظام الغذائي ودوره في العلاج

يلعب النظام الغذائي دورًا مهمًا في دعم صحة اللثة، ويجب التركيز على الأطعمة التالية:

• الخضروات الورقية (كالسبانخ والبقدونس): غنية بالفيتامينات والمعادن.

• الحمضيات (البرتقال، الكيوي): تحتوي على فيتامين C الضروري للثة.

• الألبان: تحتوي على الكالسيوم الضروري لصحة العظام والأسنان.

• المكسرات والبذور: مصادر جيدة للدهون الصحية والمغذيات.

• الماء: ضروري لترطيب الفم وغسل البكتيريا.

جدول يوضح الفرق بين التهاب اللثة وأمراض دواعم السن

الوقاية من التهاب اللثة

للوقاية من التهاب اللثة يجب اعتماد أسلوب حياة صحي ومتوازن، ويشمل ذلك:

• تنظيف الأسنان بانتظام.

• زيارة طبيب الأسنان مرتين في السنة على الأقل.

• تجنّب التدخين تمامًا.

• ضبط مستويات السكر في الدم لمرضى السكري.

• تناول المكملات الغذائية عند الحاجة بعد استشارة الطبيب.

• شرب كميات كافية من الماء.

• استخدام غسول الفم بانتظام.

المضاعفات المحتملة عند إهمال التهاب اللثة

عند عدم علاج التهاب اللثة، قد تتطور الحالة إلى أمراض دواعم السن، والتي بدورها تؤدي إلى:

• تخلخل الأسنان وفقدانها.

• تكوّن خراجات في اللثة.

• انتقال العدوى إلى مجرى الدم.

• التأثير على الحمل وزيادة خطر الولادة المبكرة.

• تفاقم أمراض القلب والشرايين.

الخلاصة

يشكل التهاب اللثة مرحلة أولى قابلة للعلاج والوقاية من أمراض اللثة الأكثر خطورة. يعتمد نجاح العلاج بشكل أساسي على العناية اليومية المستمرة والمتابعة الدورية مع طبيب الأسنان. الجمع بين النظافة الفموية السليمة والعلاج الطبي إن لزم، يُعيد التوازن للبيئة الفموية ويمنع تطور الأعراض. كما أن اعتماد نظام غذائي صحي والابتعاد عن الممارسات الضارة يُسهم في تعزيز صحة اللثة على المدى الطويل. تتطلب الوقاية والعلاج الفعّال إدراك الفرد لمسؤوليته في الحفاظ على صحة فمه، إذ تبدأ الوقاية من المنزل وتنتهي عند كرسي طبيب الأسنان.

المراجع:

1. American Dental Association (ADA). “Gingivitis.”

2. Mayo Clinic. “Gingivitis: Symptoms and Causes.”