عدد سكان نيجيريا 2025

عدد سكان نيجيريا

تُعد نيجيريا من أبرز الدول الإفريقية من حيث عدد السكان والتأثير الديموغرافي، إذ تحتل مكانة مرموقة في القارة السمراء سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي. ويُعتبر التعداد السكاني لنيجيريا مؤشراً مهماً في فهم ديناميكيات التحول السكاني في القارة الإفريقية وتطورات الاقتصاد النيجيري والبنية الاجتماعية للبلاد. تشهد نيجيريا نمواً سكانياً متسارعاً يؤثر في مختلف مناحي الحياة، بما في ذلك التعليم والصحة والبنية التحتية وسوق العمل، ويجعل منها واحدة من أهم مناطق الدراسة الديموغرافية في القرن الحادي والعشرين.

التوزيع الجغرافي وعدد السكان الحالي

وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي لعام 2025، يبلغ عدد سكان نيجيريا أكثر من 226 مليون نسمة، مما يجعلها الدولة الأكثر سكاناً في إفريقيا، والسابعة عالمياً من حيث عدد السكان، ومن المتوقع أن تتجاوز الولايات المتحدة بحلول عام 2050 إذا استمر معدل النمو السكاني المرتفع فيها. وتتمركز الكثافة السكانية في نيجيريا بشكل رئيسي في المناطق الجنوبية والغربية، لا سيما في ولاية لاغوس التي تُعد المركز الاقتصادي الرئيسي للبلاد، والتي تحتضن عدداً ضخماً من السكان يقدّر بأكثر من 20 مليون نسمة.

يتوزع السكان بين المدن الكبرى مثل لاغوس، وأبوجا العاصمة الاتحادية، وكانو في الشمال، إضافة إلى عدد كبير من القرى والمجتمعات الريفية التي لا تزال تحافظ على نمط حياة زراعي تقليدي. وتُظهر الإحصاءات أن النسبة الكبرى من السكان تتركز في المناطق الحضرية، مع تسارع مستمر في معدلات التحضر.

معدل النمو السكاني والهرم العمري

تتميز نيجيريا بمعدل نمو سكاني مرتفع يُقدّر بـ 2.6% سنوياً، وهو من أعلى المعدلات في العالم، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع معدلات الخصوبة التي تبلغ حوالي 5.3 مولود لكل امرأة. كما أن متوسط العمر للسكان منخفض نسبياً، حيث يبلغ حوالي 18.1 سنة فقط، مما يعني أن نيجيريا دولة شابة جداً، حيث أن ما يزيد عن 60% من السكان دون سن الخامسة والعشرين.

ويظهر الهرم السكاني لنيجيريا قاعدة عريضة تعكس النسبة العالية للأطفال والشباب، ما يشير إلى تحديات مستقبلية كبيرة في قطاعات التعليم، والرعاية الصحية، وتوفير فرص العمل، وفي نفس الوقت يُعد ذلك ميزة ديموغرافية إذا ما استُثمرت بشكل صحيح، لأن الكتلة الشبابية يمكن أن تشكل قوة إنتاجية هائلة تدفع بالنمو الاقتصادي والتنمية البشرية.

العوامل المؤثرة في التركيبة السكانية

يتأثر عدد السكان في نيجيريا بعدة عوامل رئيسية من بينها:

• الخصوبة العالية: تستمر العائلات النيجيرية، خاصة في المناطق الريفية والشمالية، في إنجاب عدد كبير من الأطفال بسبب القيم الثقافية والدينية، وكذلك نتيجة قلة الوعي حول وسائل تنظيم الأسرة.

• الهجرة الداخلية: تسهم النزاعات العرقية، وعدم الاستقرار الأمني، والفرص الاقتصادية المتفاوتة بين الولايات، في تحفيز حركة النزوح الداخلي، مما يؤدي إلى ضغط سكاني متزايد على المدن الكبرى.

• تحسن الرعاية الصحية: على الرغم من التحديات الصحية المتعددة، شهدت البلاد تحسناً نسبياً في مؤشرات البقاء على قيد الحياة، وانخفاض معدل وفيات الأطفال مقارنة بالعقود السابقة، ما أدى إلى استمرار نمو السكان.

• انخفاض معدلات الهجرة الخارجية: بالمقارنة مع بعض الدول الإفريقية الأخرى، فإن نسبة المهاجرين من نيجيريا إلى الخارج لا تزال منخفضة نسبياً، مما يعزز من الاستقرار السكاني داخل البلاد.

التوزيع العرقي واللغوي للسكان

يُعتبر المجتمع النيجيري من أكثر المجتمعات تنوعاً على مستوى العالم، حيث يتألف من أكثر من 250 مجموعة عرقية رئيسية، تتصدرها ثلاث مجموعات كبرى:

• الهوسا والفولاني: يتركزون في الشمال، ويشكّلون حوالي 29% من السكان.

• اليوُروبا: يقطنون في الجنوب الغربي، ويمثلون حوالي 21%.

• الإيبو: يتمركزون في الجنوب الشرقي، ويشكلون حوالي 18%.

بالإضافة إلى هذه المجموعات، توجد العديد من القوميات الأخرى التي تسكن في مناطق متفرقة، مثل الإيجاو، الكانوري، التيف، والإيدو. وتستخدم هذه القوميات لغاتها المحلية، ولكن اللغة الرسمية للدولة هي اللغة الإنجليزية، التي تُستخدم في التعليم، والحكومة، والإعلام، والمعاملات الرسمية.

يُضاف إلى ذلك أن الدين يُشكل محوراً أساسياً في التوزيع الاجتماعي والثقافي للسكان، حيث يدين حوالي 50% من السكان بالإسلام، ويتركزون في الشمال، بينما يدين حوالي 40% بالمسيحية، ويتمركزون في الجنوب، في حين أن حوالي 10% يتبعون ديانات تقليدية إفريقية أو لا ينتمون إلى ديانات رسمية.

التأثيرات الاقتصادية للنمو السكاني

يشكل التعداد السكاني الضخم في نيجيريا تحديات جسيمة على المستوى الاقتصادي. فعلى الرغم من كون نيجيريا من أكبر الاقتصادات الإفريقية، إلا أن الموارد المتاحة لا تزال عاجزة عن تلبية متطلبات هذا العدد الهائل من السكان. ويُسجّل أكثر من 40% من النيجيريين تحت خط الفقر، مع تفاوت كبير في توزيع الثروة بين المناطق المختلفة.

ويؤثر النمو السكاني على القطاعات التالية:

• التعليم: تزداد الحاجة إلى بناء المزيد من المدارس، وتدريب المعلمين، وتوفير المناهج الحديثة، لمواكبة العدد الهائل من الأطفال في سن الدراسة.

• الصحة: تعاني البلاد من نقص في عدد المستشفيات، والمراكز الصحية، والأطباء، مما يؤدي إلى ضعف الرعاية الصحية، وانتشار الأمراض.

• البنية التحتية: الضغط الهائل على البنية التحتية الحضرية من ماء وكهرباء ومواصلات يُشكل تحدياً مزعجاً أمام السلطات الحكومية.

ومع ذلك، فإن عدد السكان الهائل يُنظر إليه أيضاً على أنه فرصة كبيرة، حيث يمكن استثمار الطاقة البشرية في دعم الاقتصاد من خلال التعليم، وريادة الأعمال، والزراعة، والصناعات التحويلية، وتقنية المعلومات.

مقارنة سكانية مع بعض الدول

يوضح الجدول التالي مقارنة عدد سكان نيجيريا مع بعض الدول الكبرى في عام 2025:

تُظهر هذه المقارنة أن نيجيريا ليست فقط الدولة الإفريقية الأولى من حيث عدد السكان، بل تتجاوز أيضاً العديد من الدول في الشرق الأوسط وأوروبا، ما يجعلها ذات أهمية ديموغرافية متزايدة على الساحة الدولية.

التحديات المستقبلية والتوقعات

بحلول عام 2050، يتوقع أن يصل عدد سكان نيجيريا إلى أكثر من 377 مليون نسمة، لتصبح في المرتبة الثالثة عالميًا بعد الهند والصين. ويترتب على هذا النمو السريع مجموعة من التحديات الحيوية، مثل:

• تعزيز الأمن الغذائي.

• توسيع قطاع التعليم وتطوير مناهجه.

• تحسين مستوى الخدمات الصحية.

• توفير مساكن لائقة.

• إدارة الموارد البيئية بشكل مستدام.

تواجه الدولة أيضاً تحديات في مجال الحوكمة والسياسات السكانية، بما يشمل تطوير استراتيجيات فعالة لتنظيم الأسرة، وتحقيق تنمية اقتصادية عادلة، وتقليل التفاوتات الاجتماعية.

الخلاصة

عدد سكان نيجيريا يعكس ثقلًا ديموغرافيًا هائلًا في إفريقيا والعالم، ويؤثر بشكل مباشر على خطط التنمية المستدامة، والأمن الإقليمي، والتوازنات الاقتصادية. ومع استمرار النمو السكاني، تبرز الحاجة إلى سياسات شاملة تعالج القضايا السكانية من منظور تنموي متكامل. فبينما يُمثّل هذا العدد الكبير من السكان تحديًا حقيقياً، إلا أنه يحمل أيضًا إمكانيات عظيمة إذا ما أُديرت بشكل فعّال وعادل.

المصادر

• World Bank Population Data, 2025.

• United Nations Population Division, World Population Prospects 2024.