عدد سكان كوريا
تُعد كوريا من المناطق الحيوية والمثيرة للاهتمام في شرق آسيا، حيث تنقسم إلى دولتين مستقلتين هما: جمهورية كوريا المعروفة بكوريا الجنوبية، وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية المعروفة بكوريا الشمالية. وعلى الرغم من الانقسام السياسي والعسكري، إلا أن الكوريتين تشتركان في التاريخ، اللغة، الثقافة، والهوية العرقية. يبلغ عدد سكان شبه الجزيرة الكورية بمجموع الدولتين ما يزيد عن 76 مليون نسمة، ولكن من الضروري تحليل كل دولة على حدة لفهم التركيبة السكانية، الكثافة، السياسات الديموغرافية، والتحديات السكانية التي تواجه كلا الجانبين.
السكان في كوريا الجنوبية
الإحصائيات السكانية العامة
اعتبارًا من عام 2025، يُقدّر عدد سكان كوريا الجنوبية بنحو 51.9 مليون نسمة، وهي بذلك تحتل المرتبة الثالثة عشرة في آسيا من حيث عدد السكان. يعيش غالبية السكان في المناطق الحضرية، حيث تُعد العاصمة سيول ومحيطها من أكبر التجمعات الحضرية في العالم، إذ يتجاوز عدد سكان منطقة العاصمة وحدها حوالي 25 مليون نسمة.
التركيبة الديموغرافية
يشكل الكوريون العرق الأساسي للسكان بنسبة تفوق 96%، فيما تمثل الأقليات الأجنبية نسبة ضئيلة، أبرزهم الصينيون، الفيتناميون، الأمريكيون، والعمال من جنوب شرق آسيا. وابتداءً من العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ارتفعت نسبة الزيجات المختلطة، لا سيما في المناطق الريفية، وهو ما أدّى إلى تغييرات طفيفة في النسيج الديموغرافي.
معدلات النمو والولادة
كوريا الجنوبية تواجه تحدياً ديموغرافياً حاداً يتمثل في انخفاض معدل المواليد. في عام 2024، بلغ معدل الخصوبة 0.72 طفل لكل امرأة، وهو أدنى معدل خصوبة في العالم. ويعني هذا الانخفاض المستمر في عدد المواليد أن عدد السكان بدأ فعليًا في الانكماش، حيث سجلت البلاد لأول مرة انخفاضًا صافياً في عدد السكان عام 2021.
الشيخوخة السكانية
مع انخفاض معدل المواليد وارتفاع متوسط العمر المتوقع الذي يبلغ حوالي 83.6 عامًا، أصبحت كوريا الجنوبية واحدة من أكثر المجتمعات شيخوخة في العالم. تشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، سيكون أكثر من 40% من السكان فوق سن الـ 65، ما يضع ضغوطاً هائلة على نظام الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.
السكان في كوريا الشمالية
الإحصائيات السكانية العامة
تشير التقديرات الحديثة إلى أن عدد سكان كوريا الشمالية يبلغ حوالي 25.9 مليون نسمة في عام 2025. ومع غياب التعدادات الدقيقة والشفافة بسبب طبيعة النظام السياسي المغلق، تستند معظم البيانات إلى تقديرات من الأمم المتحدة ومنظمات مستقلة.
التركيبة الديموغرافية
يتمتع سكان كوريا الشمالية بتجانس عرقي شبه كامل، حيث يشكل الكوريون نسبة تفوق 99%. وتمنع القوانين الداخلية في البلاد الهجرة بشكل شبه كامل، ما يجعل التركيبة السكانية أكثر ثباتاً من مثيلتها في الجنوب.
معدلات النمو والولادة
على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، فإن معدل الخصوبة في كوريا الشمالية أعلى بكثير من كوريا الجنوبية، إذ يتراوح بين 1.8 إلى 2.1 طفل لكل امرأة. هذا يعني أن السكان ما زالوا في مرحلة النمو البطيء. ووفقاً لتقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن معدل النمو السنوي يبلغ حوالي 0.5%.
الوضع الصحي والتعليمي
يعاني سكان كوريا الشمالية من محدودية كبيرة في الخدمات الصحية والغذائية، خصوصاً في الأرياف. ويؤثر هذا الوضع سلبًا على معدلات الوفيات والوفيات المرتبطة بسوء التغذية. كما أن متوسط العمر المتوقع في كوريا الشمالية يُقدر بـ 72.9 عامًا، وهو أقل بعشر سنوات من نظيره في الجنوب.
مقارنة ديموغرافية بين الكوريتين
| المؤشر | كوريا الجنوبية | كوريا الشمالية |
|---|---|---|
| عدد السكان (2025) | 51.9 مليون | 25.9 مليون |
| معدل الخصوبة | 0.72 طفل لكل امرأة | 1.9 طفل لكل امرأة |
| متوسط العمر المتوقع | 83.6 سنة | 72.9 سنة |
| نسبة سكان الحضر | 82% | 61% |
| معدل النمو السكاني | -0.1% | +0.5% |
| نسبة كبار السن (+65) | 18% | 10% |
| نسبة الشباب (<15) | 13% | 22% |
التحديات السكانية في كوريا
كوريا الجنوبية
تواجه كوريا الجنوبية أزمة ديموغرافية تهدد مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي، حيث إن انخفاض عدد السكان العاملين وزيادة عدد كبار السن يفرضان عبئًا هائلًا على نظام المعاشات والخدمات الاجتماعية. كما أن الانكماش السكاني يؤثر على النمو الاقتصادي، ويجبر الحكومة على إعادة التفكير في سياسات الهجرة وتحفيز الولادة والزواج.
من بين أبرز السياسات التي تم تبنيها:
-
تقديم دعم مالي للأسر التي تنجب أكثر من طفل.
-
تطوير البنية التحتية لرعاية الأطفال.
-
تخفيض ساعات العمل لتسهيل التوازن بين الحياة المهنية والأسرية.
-
جذب الكفاءات الأجنبية عبر سياسات الهجرة الجديدة.
كوريا الشمالية
تتعلق التحديات السكانية في كوريا الشمالية بغياب التنمية الاقتصادية، وسوء التغذية، والنقص في الخدمات الصحية، وانعدام الشفافية. وتؤدي العقوبات الاقتصادية الدولية وسوء إدارة الموارد إلى استمرار المعاناة السكانية. وعلى الرغم من معدل النمو السكاني الإيجابي، فإن جودة الحياة لا تزال متدنية مقارنة بأي دولة في المنطقة.
التحولات المستقبلية المتوقعة
تشير التقارير الدولية إلى أن كوريا الجنوبية قد تشهد انخفاضاً كبيراً في عدد السكان ليصل إلى أقل من 40 مليون نسمة بحلول عام 2075 إذا استمرت معدلات الخصوبة الحالية. وهذا يدفع البلاد إلى التفكير في حلول بعيدة المدى تشمل:
-
دمج النساء وكبار السن بشكل أوسع في سوق العمل.
-
إصلاح سياسات الهجرة لاستقطاب العائلات الشابة.
-
تعزيز المدن الصغيرة لتقليل التركيز السكاني في العاصمة سيول.
أما كوريا الشمالية، فإن مستقبلها الديموغرافي يعتمد بشكل أساسي على الأوضاع السياسية والاقتصادية. فإذا تم تخفيف العقوبات أو حدث تحول سياسي داخلي، قد تنفتح البلاد على المساعدات الدولية والتنمية، ما يؤدي إلى تحسين مؤشرات الحياة ومعدلات الصحة والتعليم.
أهمية دراسة التركيبة السكانية الكورية
يُعد فهم الوضع السكاني في كوريا ضروريًا لتحليل الاتجاهات الاقتصادية، والسياسات الحكومية، ومستقبل العلاقات بين الكوريتين. كما أن الانقسام الكبير في الخصائص السكانية يعكس تفاوتًا هائلًا في أنماط الحياة، ونوعية التعليم، والرعاية الصحية، ومستوى الدخل بين الشمال والجنوب. وتعزز هذه الفروقات من تعقيدات أي محاولات لإعادة التوحيد في المستقبل، حيث يتطلب ذلك سياسات متوازنة وشاملة لمعالجة الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والسكانية بين الطرفين.
المصادر
-
بيانات الأمم المتحدة للسكان – https://population.un.org
-
وزارة الإحصاء الكورية الجنوبية – https://kostat.go.kr
