عدد سكان روسيا 2025

عدد سكان روسيا: دراسة شاملة وتحليل ديموغرافي مفصل

تُعد روسيا واحدة من أكبر الدول مساحةً في العالم، إذ تمتد عبر قارّتين، آسيا وأوروبا، مما يجعلها فريدة من نوعها على مستوى العالم من حيث التنوع الجغرافي والديموغرافي. عدد سكان روسيا، كموضوع رئيسي للدراسة، يعكس بشكل كبير التحديات والفرص التي تواجه هذا البلد على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. هذا المقال يعرض تحليلاً مفصلاً وموسّعاً لعدد سكان روسيا، مع استعراض للتطورات الديموغرافية عبر العقود، العوامل المؤثرة في النمو السكاني، التوزيع الجغرافي، والاتجاهات المستقبلية المتوقعة.

1. العدد الحالي لسكان روسيا وتقديراته

وفق أحدث الإحصائيات الصادرة عن وكالة الإحصاء الروسية (Rosstat) وبمراجع دولية معتمدة، يبلغ عدد سكان روسيا حوالي 146 مليون نسمة في بداية عام 2025. هذا الرقم يجعل روسيا الدولة التاسعة عالمياً من حيث عدد السكان، متقدمة على العديد من الدول الأوروبية الكبرى، لكنها تواجه في الوقت ذاته تحديات ديموغرافية كبيرة مرتبطة بانخفاض معدلات الولادة وارتفاع معدلات الوفيات مقارنة بالدول النامية.

يُلاحظ أن عدد السكان قد شهد تقلبات كبيرة خلال العقود الماضية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات، حيث تعرضت روسيا لفترة من الانكماش السكاني غير المسبوق.

2. التطور الديموغرافي عبر العقود

في منتصف القرن العشرين، تميزت روسيا بمعدلات نمو سكاني مرتفعة نسبياً، مدعومة بسياسات الدولة التي شجعت على الإنجاب ضمن إطار التخطيط الاقتصادي والاجتماعي السوفييتي. بحلول عام 1991، كان عدد السكان يتجاوز 148 مليون نسمة. لكن التحولات السياسية والاقتصادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أدت إلى تأثيرات سلبية واضحة على النمو السكاني.

2.1 الانكماش السكاني في التسعينيات وأوائل الألفية

مع بداية التسعينيات، شهدت روسيا انخفاضاً حاداً في معدلات الولادة، نتيجة للأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، وارتفاع معدلات الفقر، وتدهور الخدمات الصحية. كما ارتفعت معدلات الوفيات، خاصة بين الذكور، بسبب زيادة نسب التدخين، والكحول، والحوادث، والأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والشرايين.

في الفترة ما بين 1992 و2010، انخفض عدد سكان روسيا من حوالي 148 مليون إلى نحو 142 مليون نسمة، مع معدل نمو سلبي يعكس انكماشاً سكانياً ملحوظاً.

2.2 تحسن نسبي في الفترة 2010–2020

مع دخول روسيا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، بدأ الوضع الديموغرافي يشهد تحسناً نسبياً، نتيجة لتحسن الأوضاع الاقتصادية وزيادة البرامج الحكومية التي تشجع على الإنجاب، بالإضافة إلى تحسين الرعاية الصحية وزيادة الوعي الصحي. أدى ذلك إلى استقرار نسبي في عدد السكان بلغ نحو 146 مليون نسمة مع بداية 2020.

3. العوامل المؤثرة في عدد سكان روسيا

هناك عدة عوامل رئيسية تؤثر بشكل مباشر على عدد سكان روسيا، تشمل العوامل الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية:

3.1 معدل الولادة

يعد معدل الولادة في روسيا من أقل المعدلات بين دول العالم، حيث بلغ حوالي 9.5 مولود لكل 1000 نسمة في السنوات الأخيرة. يعود ذلك إلى عدة أسباب، من بينها تغير نمط الحياة، ارتفاع مستوى التعليم والعمالة بين النساء، تحديات اقتصادية، وتأخر سن الزواج والإنجاب.

3.2 معدل الوفيات

معدل الوفيات في روسيا أعلى من المتوسط العالمي، خاصة في فئة الذكور البالغين. تبرز أسباب هذا الارتفاع في انتشار الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان، زيادة معدلات التدخين والكحول، بالإضافة إلى حوادث المرور والانتحار.

3.3 الهجرة

تعد الهجرة من العوامل الهامة التي تؤثر على عدد السكان في روسيا. في العشرين سنة الأخيرة، شهدت روسيا تدفقاً مهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق، مثل أوكرانيا وكازاخستان وأوزبكستان. ساهمت الهجرة بشكل إيجابي في تعويض بعض النقص في عدد السكان، خاصة في المناطق الحضرية الكبرى.

3.4 العمر المتوسط للسكان

يتزايد متوسط عمر السكان في روسيا تدريجياً، حيث يبلغ حالياً حوالي 40 سنة، مع توقعات بزيادة أكبر خلال العقد القادم. التقدم في العمر السكاني يضع ضغوطاً على نظام الصحة العامة والضمان الاجتماعي، ويؤثر على هيكلة القوى العاملة في البلاد.

4. التوزيع الجغرافي للسكان في روسيا

توزيع السكان في روسيا غير متوازن بشكل كبير، بسبب المساحة الشاسعة للبلاد والتباين الكبير في الظروف المناخية والاقتصادية بين المناطق المختلفة.

4.1 المناطق الأوروبية مقابل المناطق الآسيوية

حوالي 75% من سكان روسيا يعيشون في الجزء الأوروبي من البلاد، الذي يشمل المدن الكبرى مثل موسكو، سانت بطرسبرغ، ومدن جنوب غرب روسيا. المناطق الآسيوية، رغم ضخامة مساحتها، تعاني من كثافة سكانية منخفضة للغاية بسبب الظروف المناخية القاسية والصعوبات الاقتصادية.

4.2 المدن الكبرى

تعتبر موسكو العاصمة وأكبر مدينة في روسيا من حيث عدد السكان، حيث يقطنها حوالي 12.5 مليون نسمة. تلعب موسكو دوراً محورياً اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، وهي نقطة جذب رئيسية للهجرة الداخلية والخارجية. تأتي بعدها سانت بطرسبرغ، التي تعد ثاني أكبر المدن بعدد سكان يقارب 5 ملايين نسمة.

4.3 المناطق الريفية

تتصف المناطق الريفية بانخفاض الكثافة السكانية، حيث يعتمد الكثيرون على الزراعة والأنشطة التقليدية. يعاني الريف الروسي من هجرة متزايدة نحو المدن، ما يؤدي إلى تقلص عدد السكان الريفيين وتراجع البنية التحتية.

5. التحديات الديموغرافية وتأثيرها على المجتمع والاقتصاد

تعاني روسيا من عدة تحديات ديموغرافية تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد والسياسة الاجتماعية:

5.1 انخفاض معدل الخصوبة

انخفاض معدل الخصوبة يشكل تهديداً طويل الأمد لقدرة روسيا على الحفاظ على توازن عدد سكانها، وتأمين قوى عاملة شابة تدعم الاقتصاد.

5.2 الشيخوخة السكانية

تزايد نسبة كبار السن يرفع من العبء على أنظمة الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، كما يقلل من نسبة السكان القادرين على العمل، مما يؤثر سلباً على نمو الناتج المحلي الإجمالي.

5.3 التفاوت الإقليمي

عدم التوازن السكاني بين المناطق الأوروبية والآسيوية يطرح تحديات في توزيع الموارد وتطوير البنية التحتية الوطنية.

6. السياسات الحكومية للتعامل مع التحديات الديموغرافية

اتخذت الحكومة الروسية عدة خطوات تهدف إلى مواجهة المشاكل الديموغرافية، أهمها:

• برامج دعم الأسرة: تقديم منح مالية، إجازات أمومة مدفوعة، وحوافز مالية للعائلات التي تنجب أطفالاً.

• تحسين الرعاية الصحية: تطوير البنية الصحية للحد من معدلات الوفيات وزيادة متوسط العمر المتوقع.

• تشجيع الهجرة: تبني سياسات لجذب المهاجرين من الدول المجاورة لتعويض نقص السكان.

• تحسين الظروف المعيشية في المناطق الريفية: للاستقرار السكاني وتقليل الهجرة نحو المدن.

7. توقعات النمو السكاني في المستقبل

بحسب الدراسات والتوقعات السكانية الحديثة، من المتوقع أن يستقر عدد سكان روسيا أو يشهد انخفاضاً طفيفاً خلال العقدين القادمين إذا لم تُتخذ إجراءات أكثر فعالية. تعتمد هذه التوقعات على استمرارية معدلات الخصوبة الحالية، معدلات الهجرة، والسياسات الحكومية.

8. مقارنة عدد سكان روسيا مع دول أخرى

من الجدول يتضح أن روسيا، رغم مساحتها الشاسعة، لديها كثافة سكانية منخفضة جداً مقارنة بالدول الكبرى الأخرى، مما يعكس التحديات في استغلال الأراضي الشاسعة وتوفير الخدمات للمواطنين في المناطق النائية.

9. الخلاصة

عدد سكان روسيا يمثل عنصراً حيوياً لفهم ديناميكيات الدولة وتحدياتها المستقبلية. التغيرات الديموغرافية التي شهدتها روسيا في العقود الأخيرة تمثل انعكاساً لمجموعة معقدة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. استمرار التركيز على تعزيز معدلات الولادة، تحسين الصحة العامة، وتطوير سياسات الهجرة، سيكون له الدور الأكبر في تحقيق استقرار ديموغرافي يدعم تطور روسيا في العقود القادمة.

المراجع:

1. وكالة الإحصاء الروسية (Rosstat) – بيانات السكان 2025

2. تقرير الأمم المتحدة حول السكان العالميين 2023

هذا المقال يقدم رؤية شاملة تتناول عدد سكان روسيا من منظور علمي مفصل، مع التركيز على البيانات والتوجهات الديموغرافية المهمة.