عدد سكان مدينة القاهرة
تُعد مدينة القاهرة، عاصمة جمهورية مصر العربية، واحدة من أكثر المدن اكتظاظًا بالسكان في القارة الأفريقية والعالم العربي. وعلى الرغم من التغيرات السكانية والاقتصادية والتحولات الحضرية التي شهدتها المدينة على مر العقود، فإن القاهرة ما تزال تمثل القلب النابض للحياة السياسية، الاقتصادية، الثقافية والديموغرافية في مصر. في هذا المقال الموسع، سيتم تسليط الضوء على عدد سكان القاهرة، مع استعراض الجوانب المرتبطة بالنمو السكاني، البنية التحتية، التحديات الحضرية، إضافة إلى معلومات تاريخية ومعاصرة توضح مكانة هذه المدينة كمركز حضري عالمي الطابع.
أولًا: لمحة عامة عن مدينة القاهرة
تقع القاهرة في شمال مصر، وتحديدًا على الضفة الشرقية لنهر النيل. وقد تأسست المدينة الحديثة في القرن العاشر الميلادي على يد القائد الفاطمي جوهر الصقلي، لكنها تضم في نسيجها العمراني والمعماري مدنًا قديمة سابقة تعود للعصر الفرعوني مثل “أون” (هليوبوليس)، و”منف” (ممفيس) التي كانت تقع جنوبًا.
تتميز القاهرة بأنها ليست فقط العاصمة الإدارية والسياسية للبلاد، بل هي أيضًا المركز الثقافي والعلمي، حيث تضم عددًا كبيرًا من الجامعات، والمكتبات، والمتاحف، والمؤسسات الإعلامية، كما تشتهر بأنها مقر للأزهر الشريف، أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي السني.
ثانيًا: عدد السكان في القاهرة
وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر لعام 2024، يبلغ عدد سكان محافظة القاهرة حوالي 10.3 مليون نسمة يعيشون ضمن حدود المحافظة الإدارية، بينما يتجاوز عدد سكان المنطقة الحضرية الكبرى للقاهرة الكبرى (التي تشمل محافظات الجيزة والقليوبية بالإضافة إلى القاهرة) أكثر من 22 مليون نسمة، مما يجعلها واحدة من أكبر التجمعات الحضرية في العالم.
توزيع سكاني بحسب المناطق:
| المنطقة الإدارية | التعداد السكاني (تقديرات 2024) |
|---|---|
| القاهرة (المدينة) | 10,300,000 نسمة |
| الجيزة | 9,500,000 نسمة |
| القليوبية (الجزء المتاخم للقاهرة) | 2,400,000 نسمة |
| إجمالي القاهرة الكبرى | 22,200,000 نسمة |
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام متغيرة بشكل يومي تقريبًا نظرًا لمعدل النمو الطبيعي والهجرة من الأقاليم نحو العاصمة.
ثالثًا: النمو السكاني عبر التاريخ
عاشت القاهرة طفرات سكانية متلاحقة على مدار القرون الماضية. ففي بداية القرن العشرين، كان عدد سكان المدينة لا يتجاوز 600,000 نسمة، إلا أن النهضة العمرانية، والانفتاح الاقتصادي، والهجرة الريفية الداخلية دفعت إلى تضاعف العدد مرارًا وتكرارًا.
-
1950: قرابة 2.5 مليون نسمة.
-
1970: نحو 5 ملايين نسمة.
-
1990: حوالي 9 ملايين نسمة.
-
2010: أكثر من 15 مليون نسمة بالقاهرة الكبرى.
-
2024: يقترب من 22.2 مليون نسمة في القاهرة الكبرى.
يرتبط هذا النمو بعوامل متعددة مثل التحضر السريع، زيادة عدد المواليد، وتحول القاهرة إلى مركز جذب اقتصادي وإداري من كافة أنحاء الجمهورية.
رابعًا: الخصائص الديموغرافية للسكان
يتسم سكان القاهرة بتنوع سكاني كبير من حيث الفئات الاجتماعية والمهنية والثقافية، ما يعكس مركزية المدينة في نسيج الدولة. ويمكن تفصيل هذه الخصائص كما يلي:
-
الهرم العمري: تُعد القاهرة مدينة شابة نسبيًا، حيث تمثل الفئة العمرية من 15 إلى 35 عامًا نسبة كبيرة من السكان، ما يعكس التركيبة الديموغرافية العامة لمصر.
-
الكثافة السكانية: تعتبر من الأعلى عالميًا، حيث تصل الكثافة السكانية في بعض أحياء القاهرة مثل السيدة زينب، وشبرا، وعين شمس، إلى أكثر من 70,000 نسمة/كم²، وهو رقم مرتفع جدًا مقارنة بالمعايير العالمية.
-
التحضر والمهن: معظم سكان القاهرة يعملون في قطاع الخدمات، والتجارة، والتعليم، والصحة، بالإضافة إلى قطاع الموظفين الحكوميين، مما يجعل الاقتصاد القاهري اقتصادًا حضريًا بالكامل.
خامسًا: الهجرة الداخلية وتأثيرها
الهجرة من المحافظات الأخرى نحو القاهرة تُعد عاملًا أساسيًا في زيادة الكثافة السكانية. يهاجر الآلاف سنويًا من محافظات الصعيد والدلتا بحثًا عن فرص عمل أو تعليم أو خدمات صحية أفضل. وقد أدى هذا إلى زيادة الضغط على المرافق والبنية التحتية، وهو ما دفع الدولة إلى تنفيذ مشاريع إسكان قومي ومدن جديدة لتخفيف الضغط عن العاصمة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، و6 أكتوبر، والشروق، والعاشر من رمضان.
سادسًا: التحديات السكانية والحضرية
العدد الكبير لسكان القاهرة أوجد مجموعة من التحديات الكبيرة التي تواجه التخطيط الحضري، ومن أبرزها:
-
الازدحام المروري: يُعد من أبرز المشكلات اليومية التي يواجهها السكان، ويعود ذلك إلى قلة الكفاءة في توزيع الطرق مقارنة بعدد المركبات والسكان.
-
العشوائيات: تمثل المناطق العشوائية نسبة غير قليلة من النسيج العمراني للمدينة، وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 1,200 منطقة عشوائية بمستويات مختلفة.
-
الضغط على الخدمات العامة: مثل المستشفيات، والمدارس، وشبكات الصرف الصحي والمياه، نتيجة تجاوز عدد السكان قدرة هذه الخدمات على الاستيعاب.
-
تلوث الهواء: تُعد القاهرة من أكثر مدن العالم تلوثًا بالهواء، ويُعزى ذلك إلى النشاط الصناعي ووسائل النقل القديمة.
سابعًا: مشاريع الدولة لتخفيف الكثافة السكانية
استجابة لهذه التحديات، أطلقت الحكومة المصرية حزمة من المشروعات التنموية الهادفة لتوزيع السكان على نطاق جغرافي أوسع، ومن أبرز هذه المبادرات:
-
العاصمة الإدارية الجديدة: تقع شرق القاهرة وتستهدف نقل الوزارات والمقار الإدارية والمؤسسات السيادية إليها، ما يخفف العبء عن قلب العاصمة.
-
مدينة 6 أكتوبر والشيخ زايد: تستوعبان آلاف السكان من الطبقات الوسطى والعاملة، مع مرافق حديثة وخطط توسعية.
-
التوسع في شبكة النقل: من خلال مشروعات مترو الأنفاق، المونوريل، والقطار الكهربائي الخفيف، لتحسين التنقل وتقليل الزحام.
ثامنًا: التوقعات المستقبلية
تشير التوقعات الديموغرافية إلى استمرار النمو السكاني في القاهرة، رغم محاولات تفريغ المركز الحضري، وقد تصل القاهرة الكبرى إلى نحو 30 مليون نسمة بحلول عام 2050 إذا استمرت معدلات النمو الحالية.
هذا يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا بعيد المدى يشمل:
-
تعزيز كفاءة المرافق العامة.
-
توجيه الاستثمارات إلى المدن البديلة.
-
تفعيل خطط التوطين الريفي وتقليل النزوح إلى العاصمة.
-
دعم التعليم والتوعية الأسرية للحد من النمو السكاني العشوائي.
تاسعًا: القاهرة في السياق الإقليمي والعالمي
بمقارنتها مع عواصم أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تتصدر القاهرة القائمة من حيث عدد السكان، وتنافس مدنًا عالمية مثل مومباي، ومكسيكو سيتي، وجاكرتا. ويجعلها ذلك في قلب التحليلات الديموغرافية، والتخطيط الحضري المستدام، وهو ما أكدت عليه تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي.
المراجع:
-
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء – تقرير التعداد السكاني 2024.
-
تقرير الأمم المتحدة للسكان الحضريين، إصدار 2023.
