عدد سكان إيران
تُعد إيران واحدة من الدول الأكثر تأثيرًا في منطقة الشرق الأوسط من حيث عدد السكان، والموقع الجغرافي، والتاريخ الحضاري، والتكوين الاجتماعي والثقافي. تقع إيران في موقع استراتيجي بين آسيا الوسطى والخليج العربي، وتُعرف بتاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين منذ حضارات فارس القديمة وحتى الجمهورية الإسلامية المعاصرة. ويُعد عدد السكان أحد أهم المؤشرات التي تُستخدم في تحليل التركيبة الديموغرافية والاجتماعية لأي دولة، لما له من دور جوهري في تخطيط السياسات العامة والاقتصادية، وتحديد الأولويات التنموية.
التعداد السكاني لإيران حتى عام 2024
بلغ عدد سكان إيران حتى منتصف عام 2024 قرابة 89.6 مليون نسمة بحسب تقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي، مما يجعلها في المرتبة الثامنة عشرة عالميًا من حيث عدد السكان، والثانية في منطقة الشرق الأوسط بعد مصر. ويتميز النمو السكاني في إيران بسمات فريدة مقارنة بجيرانها، حيث شهدت البلاد تحولات ديموغرافية ملحوظة خلال العقود الأربعة الماضية.
التوزيع الجغرافي للسكان في إيران
يُلاحظ أن سكان إيران لا يتوزعون بشكل متساوٍ على كامل الأراضي الإيرانية التي تبلغ مساحتها حوالي 1,648,195 كيلومترًا مربعًا، مما يجعلها ثاني أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث المساحة بعد المملكة العربية السعودية. تتركز الكثافة السكانية في المناطق الشمالية والغربية من البلاد، ولا سيما في العاصمة طهران التي تُعد المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان، تليها مشهد وأصفهان وشيراز وتبريز.
في المقابل، تُعد المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية مثل محافظة سيستان وبلوشستان من أقل المناطق كثافة سكانية، بسبب الظروف البيئية القاسية وصعوبة الوصول إلى الموارد الأساسية مثل المياه والبنية التحتية المتقدمة.
الكثافة السكانية في إيران
تبلغ الكثافة السكانية في إيران حوالي 54 نسمة لكل كيلومتر مربع، وهي نسبة متوسطة مقارنة بدول الجوار، إلا أن هذه النسبة تتفاوت بشكل كبير بين المدن الكبرى والمناطق الريفية. ففي حين تصل الكثافة السكانية في طهران إلى أكثر من 12,000 نسمة في الكيلومتر المربع في بعض الأحياء، فإنها تقل عن 10 أفراد في الكيلومتر المربع في المناطق الصحراوية النائية مثل صحراء دشت كوير ودشت لوت.
التركيبة السكانية: الأعمار والجنس
تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن التركيبة السكانية في إيران تمر بمرحلة انتقالية من حيث العمر، إذ يشهد المجتمع الإيراني تقدماً في السن نتيجة انخفاض معدلات الولادة وارتفاع متوسط العمر المتوقع. وتُبيّن البيانات أن حوالي:
-
24% من السكان تقل أعمارهم عن 15 عاماً
-
68% تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا
-
8% تتجاوز أعمارهم 65 عامًا
أما من حيث النوع الاجتماعي، فإن نسبة الذكور إلى الإناث متقاربة، حيث يشكل الذكور حوالي 50.8% من السكان، والإناث 49.2%، مع ميل طفيف لصالح الذكور بسبب بعض العوامل السكانية والطبيعية.
التركيب العرقي واللغوي
إيران تُعد من الدول المتعددة الأعراق والثقافات، وتتمتع بتنوع قومي ولغوي واسع، يُعد من أبرز سمات الشخصية الوطنية للبلاد. ومن أبرز الجماعات العرقية:
| العرق | النسبة التقريبية | المناطق الرئيسية |
|---|---|---|
| الفرس | 61% | وسط وغرب إيران (طهران، أصفهان، شيراز) |
| الأذريون | 16% | شمال غرب إيران (تبريز، أردبيل) |
| الكرد | 10% | غرب إيران (كرمانشاه، سنندج) |
| اللور | 6% | جنوب غرب إيران (لرستان) |
| البلوش | 2% | جنوب شرق إيران (سيستان وبلوشستان) |
| العرب | 2% | جنوب غرب إيران (خوزستان) |
| التركمان | 1% | شمال شرق إيران (كلستان) |
وتُعد الفارسية اللغة الرسمية والرئيسية في البلاد، إلى جانب لغات محلية مثل الأذرية، الكردية، العربية، البلوشية، واللورستانية.
النمو السكاني والتحولات الديموغرافية
شهدت إيران تغيرًا جذريًا في معدلات النمو السكاني منذ الثورة الإسلامية عام 1979. ففي ثمانينيات القرن العشرين، شهدت إيران طفرة ديموغرافية نتيجة السياسات الاجتماعية والثقافية آنذاك، وبلغ معدل النمو السنوي أكثر من 3.9%. إلا أن الحكومة لاحقًا تبنت برامج تنظيم الأسرة بشكل صارم في التسعينيات، مما أدى إلى انخفاض معدل الخصوبة من 6.5 طفل لكل امرأة إلى 1.8 طفل فقط في السنوات الأخيرة.
ويُعد هذا التراجع في معدل الإنجاب من أكثر التحولات الديموغرافية حدة على مستوى الشرق الأوسط، وهو ما أدى إلى قلق السلطات من “شيخوخة المجتمع” وظهور جيل جديد أقل عددًا، مما قد يؤثر على سوق العمل والإنتاج الاقتصادي في العقود المقبلة.
المدن الكبرى من حيث عدد السكان
إليكم جدول يوضح عدد سكان أبرز المدن الإيرانية بحسب التقديرات السكانية لعام 2024:
| المدينة | عدد السكان التقريبي |
|---|---|
| طهران | 9.2 مليون |
| مشهد | 3.3 مليون |
| أصفهان | 2.2 مليون |
| كرج | 2 مليون |
| تبريز | 1.8 مليون |
| شيراز | 1.6 مليون |
| قم | 1.3 مليون |
| أهواز | 1.2 مليون |
| كرمانشاه | 1 مليون |
| أورمية | 900 ألف |
الهجرة الداخلية والخارجية وتأثيرها على التركيبة السكانية
تعاني إيران من مشكلات هجرة داخلية مستمرة، حيث ينتقل السكان من الأرياف إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص أفضل للعمل والتعليم والخدمات، مما يؤدي إلى اختلالات في التوزيع الجغرافي وزيادة الضغط على البنية التحتية للمدن.
أما على صعيد الهجرة الخارجية، فإن هناك شريحة من الشباب والمثقفين الإيرانيين تهاجر إلى دول أوروبا وأمريكا الشمالية بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية، مما يؤدي إلى “هجرة العقول”، وهو تحدٍ مستمر أمام جهود التنمية الداخلية.
مستقبل السكان في إيران
تشير التوقعات السكانية إلى أن عدد سكان إيران قد يصل إلى 92 مليون نسمة بحلول عام 2030، لكنه مرشح للاستقرار ثم الانخفاض بعد ذلك، في ظل استمرار انخفاض معدلات الخصوبة وزيادة متوسط العمر. هذا الوضع سيؤدي إلى شيخوخة المجتمع الإيراني تدريجيًا، مما يتطلب سياسات اجتماعية واقتصادية للتعامل مع هذه التحولات.
الهيكل العمري الجديد سيؤدي إلى:
-
انخفاض نسبة القوى العاملة النشطة.
-
زيادة الطلب على الرعاية الصحية.
-
تحديات في صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي.
-
تغير في نمط الاستهلاك والإنفاق الأسري.
الخاتمة السردية
إن فهم عدد سكان إيران يتطلب تجاوز مجرد الأرقام إلى استيعاب البنية الاجتماعية والديموغرافية التي تشكل هذا الرقم. فتوزيع السكان، وهويتهم العرقية، والنمو الديموغرافي، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بها، كلها عناصر مترابطة تؤثر على مستقبل إيران السياسي والاقتصادي.
تُظهر المؤشرات أن إيران تقف عند مفترق طرق ديموغرافي: بين مجتمع شاب في بعض مناطقه ومجتمع يتجه نحو الشيخوخة في المتوسط العام. التحدي يكمن في كيفية استثمار الموارد البشرية الحالية، وتوجيه السياسات المستقبلية لتأمين استقرار سكاني وتنموي متوازن.
المصادر والمراجع
-
بيانات البنك الدولي للسكان (World Bank, Population Data 2024)
-
الجهاز المركزي للإحصاء الإيراني (Statistical Center of Iran)
