عدد ركعات صلاة التهجد ووقتها
مقدمة
صلاة التهجد هي إحدى الصلوات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، حيث تكون جزءًا من العبادة الليلية المفضلة في العديد من الأوقات، خاصة خلال شهر رمضان المبارك. على الرغم من أن صلاة التهجد هي من السنن المؤكدة التي يمكن أداؤها في أي وقت من السنة، إلا أن هناك خصوصية لها في رمضان وفي ليالي العشر الأخيرة منه، حيث يتضاعف الأجر ويزداد فضلها. وتتمثل أهمية هذه الصلاة في أنها تجسد التوجه القلبي والروحي إلى الله تعالى في الساعات التي يكون فيها العبد أقرب ما يكون إلى ربه.
في هذا المقال، سيتم التطرق إلى عدد ركعات صلاة التهجد، وقتها، وما يتعلق بها من أحكام وآداب، إلى جانب فضل هذه الصلاة ومكانتها في حياة المسلم.
تعريف صلاة التهجد
صلاة التهجد هي الصلاة التي يتم إيقاظ المسلم من نومه في الليل ليقوم بها. وترتبط هذه الصلاة بالقيام من النوم بعد أن يمر المسلم ببعض النوم، ومن هنا جاءت تسميتها “التهجد”، التي تعني الإيقاظ أو الاستيقاظ من النوم بغية العبادة. ويعود فضل صلاة التهجد إلى كونها أحد أنواع العبادة التي تقرب العبد إلى الله تعالى، حيث يتاح له التفرغ التام للعبادة والذكر والدعاء في جو هادئ ومريح.
التهجد لا يقتصر على رمضان فقط، بل يمكن أداؤها في أي وقت من السنة، لكن يُستحب الإكثار منها في رمضان خاصة في العشر الأواخر، حيث يتضاعف الأجر والفضل، وينبغي أن تكون هذه الصلاة مدعومة بتضرع واعتراف بقدرة الله تعالى على تحقيق الأمنيات وتحقيق مراد المؤمن.
وقت صلاة التهجد
وقت صلاة التهجد هو الوقت الذي يلي نوم الليل حتى قبيل الفجر، وهو الوقت الذي يستحب فيه أن يؤدي المسلم صلاة التهجد. ويتمثل هذا الوقت بشكل رئيسي في الثلث الأخير من الليل، حيث يكون العبد في أقرب حالاته إلى ربه، وتفتح أبواب السماء للدعاء. يمكن تقسيم هذا الوقت إلى فترتين رئيسيتين:
-
الثلث الأول من الليل: وهو بداية الفترة التي يمكن أداء صلاة التهجد فيها، ويكون قبل منتصف الليل.
-
الثلث الأخير من الليل: وهو الفترة الأكثر استحبابًا لأداء صلاة التهجد، ويبدأ من منتصف الليل حتى قبيل الفجر. ويقال إن هذا الوقت هو الوقت الذي يتنزل فيه الله تعالى إلى السماء الدنيا، ويستجيب فيه للدعاء ويغفر للعباد.
يُستحب الإكثار من صلاة التهجد في الثلث الأخير من الليل، حيث ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟”. (رواه البخاري ومسلم)
عدد ركعات صلاة التهجد
لا يوجد عدد معين من الركعات لصلاة التهجد، وبالتالي يجوز للمسلم أن يؤدي ما يشاء من الركعات، بشرط أن يتم أداؤها في وقت الليل. ومع ذلك، من المهم أن نعلم أن هناك بعض الإرشادات التي ذكرتها السنة النبوية تشير إلى عدد الركعات المفضلة.
-
أقل عدد للركعات: لا يوجد حد أدنى للركعات في صلاة التهجد، ولكن أدنى حد مقبول هو ركعتان فقط. وبناءً على ذلك، يمكن للعبد أن يؤدي ركعتين في أي وقت من الليل، ويمكن له أن يزيد بعدد الركعات وفقًا لقدراته وطاقته.
-
العدد المفضل: غالبًا ما يكون عدد ركعات صلاة التهجد في السنة النبوية عشر ركعات، وهي مستحبة في بعض الأوقات، ويقال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة في التهجد. وقد ورد في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليصلي، يصلي ثلاث عشرة ركعة” (رواه مسلم).
-
عدد الركعات في رمضان: في ليالي رمضان، يصلي المسلمون صلاة التراويح أولًا، وهي من السنن التي يتم أداءها جماعيًا في المساجد بعد صلاة العشاء. بعدها، يمكن للمسلم أداء صلاة التهجد فرديًا في أي وقت من الليل، خاصة في العشر الأواخر من رمضان.
كيفية أداء صلاة التهجد
تتبع صلاة التهجد نفس الطريقة التي تؤدى بها باقي الصلوات في الإسلام، حيث يقوم المسلم في البداية بالوضوء ثم يبدأ الصلاة بتكبيرة الإحرام، ويؤدي الركعات كما هو الحال في أي صلاة أخرى، مع إمكانية زيادة الركعات وفقًا للقدرة.
يتم أداء التهجد عادةً ركعتين ركعتين، ويجدر بالذكر أنه يمكن للمسلم أن يصلي عددًا أكبر من الركعات، كما يمكنه أن يطيل السجود والركوع بما يراه مناسبًا. هذا يُعد وقتًا مناسبًا للتركيز في الدعاء والاستغفار وطلب المغفرة من الله تعالى.
فضل صلاة التهجد
صلاة التهجد تحمل العديد من الفضائل التي ترفع من مكانة العبد عند ربه وتفتح أمامه أبواب الرحمة والمغفرة. من أبرز فضائل صلاة التهجد:
-
قرب العبد من ربه: في صلاة التهجد، يتواجد العبد في أقرب حالاته إلى الله تعالى، حيث يكون قلبه خاليًا من مشاغل الدنيا ومكتفيًا بالعبادة والذكر.
-
مغفرة الذنوب: من أبرز الفضائل المرتبطة بهذه الصلاة أنها تكفر عن الذنوب وتطهر النفس من الخطايا. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم).
-
الاستجابة للدعاء: كما جاء في الحديث النبوي، فإن هذا الوقت المبارك هو من أفضل الأوقات التي يستجيب فيها الله تعالى للدعاء، وتفتح أبواب السماء لتقبل التضرع والاستغفار.
-
مضاعفة الأجر: كلما زاد الجهد في العبادة في الليل، خاصة في التهجد، زاد الأجر. إن قيام الليل عبادة كبيرة، والتهجد هو أسمى أنواع القيام في الليل.
-
زيادة الثواب في رمضان: يعتبر رمضان فرصة عظيمة للتقرب إلى الله بأداء صلاة التهجد، حيث يُضاعف الأجر ويزداد الفضل، خاصة في العشر الأواخر من الشهر الكريم.
آداب صلاة التهجد
هناك بعض الآداب التي يُستحب أن يلتزم بها المسلم عند أداء صلاة التهجد:
-
الاعتدال في نوم الليل: من المستحب أن ينام المسلم جزءًا من الليل قبل القيام لصلاة التهجد، فهذا يساهم في استيقاظه بسهولة ويساعده على التركيز في الصلاة.
-
القيام بالدعاء بعد الصلاة: يُستحب للمسلم أن يكثر من الدعاء بعد صلاة التهجد، حيث يكون وقتًا مستحبًا للدعاء والمناجاة.
-
الاستغفار والتوبة: من الأفضل للمسلم أن يبدأ تهجده بالاستغفار والتوبة من الذنوب قبل أن يبدأ الصلاة، بما يساعده في تحقيق التقوى والطهارة.
-
إطالة القراءة في الصلاة: يفضل أن يطيل المسلم القراءة في ركعات صلاة التهجد، حيث يمكنه قراءة آيات طويلة من القرآن مع التدبر والتفكر.
خاتمة
صلاة التهجد هي من أعظم العبادات التي يمكن أن يؤديها المسلم، فهي تمثل فرصة للتقرب إلى الله تعالى في ساعات الليل الهادئة. يتنوع عدد الركعات التي يمكن أداؤها في التهجد، ويُفضل أن تكون ركعتين أو أكثر، مع مراعاة القدرات الشخصية. تعتبر صلاة التهجد فرصة ثمينة لطلب المغفرة، ولرفع درجات العبد في الجنة.
