عدد الأحاديث القدسية الصحيحة

عدد الأحاديث القدسية الصحيحة

الأحاديث القدسية هي تلك الأحاديث التي يرويها النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه وتعالى، وهي تختلف عن الأحاديث النبوية العادية في أنها لا تتضمن كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هي قول الله تعالى مباشرة. وقد وردت الأحاديث القدسية في كتب الحديث الكبرى مثل “صحيح البخاري”، و”صحيح مسلم”، و”سنن الترمذي”، و”سنن أبي داود”، و”مسند أحمد”، وغيرها من الكتب التي تختص بالأحاديث النبوية.

مفهوم الحديث القدسي

الحديث القدسي هو حديث يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، ولكنه يختلف عن القرآن الكريم في أنه ليس وحياً يوجب التلاوة في الصلاة، بل هو حديث يتضمن معاني إلهية وأحكاماً وأوامر من الله سبحانه وتعالى. على الرغم من أن الحديث القدسي يُنسب إلى الله، إلا أنه لا يُعتبر جزءاً من القرآن الكريم، كما أن القرآن لا يُنسب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإنما إلى الله عز وجل.

الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي

من المهم فهم الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي لتوضيح المعنى الدقيق لكل منهما:

• الحديث النبوي هو كل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير. والنبي صلى الله عليه وسلم يتحدث فيه كإنسان، ويعبر عن نفسه، وإن كانت كلماته في الحديث النبوي معصومة من الخطأ من خلال الوحي.

• الحديث القدسي هو ما يروي فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى. ويتميز الحديث القدسي أنه يُنسب إلى الله تعالى مباشرة، وفيه تنبيهات أو أوامر أو بشارات أو مواعظ تأتي من الله، ولا تلازمها التلاوة كما في القرآن الكريم.

عدد الأحاديث القدسية

الحديث عن عدد الأحاديث القدسية الصحيح يعد موضوعاً مهماً لتحديد مدى صحتها وموثوقيتها. من المعروف أن الأحاديث القدسية تختلف من حيث صحتها بين الصحيح والضعيف والموضوع، مثلما هو الحال مع الأحاديث النبوية. ولذلك، يجب البحث بعناية في الأحاديث التي يمكن تصنيفها ضمن الأحاديث القدسية الصحيحة.

العدد الصحيح للأحاديث القدسية

توجد اختلافات في تقديرات عدد الأحاديث القدسية الصحيحة، حيث يختلف العلماء في تحديد العدد بناءً على المعايير التي يعتمدون عليها في تصحيح الأحاديث. لكن يمكننا تلخيص الأحاديث القدسية الصحيحة من خلال المراجع التي تحتوي على تصنيف لهذه الأحاديث.

1. صحيح مسلم: يحتوي صحيح مسلم على العديد من الأحاديث القدسية، إلا أن عدد الأحاديث القدسية فيه محدود. هناك نحو 20 حديثاً قدسياً صحيحاً في كتاب “صحيح مسلم”.

2. صحيح البخاري: يحتوي صحيح البخاري على حديث واحد فقط يعتبر قدسياً وهو حديث قدسي حول كيف يكتب الله تعالى لعبده المعاناة والخير.

3. الكتب الأخرى: في كتب أخرى مثل “سنن الترمذي” و”سنن أبي داود”، نجد أحاديث قدسية مختلفة، ولكن بدرجات صحة متفاوتة. هناك اختلافات بين الأئمة في قبول بعضها، لذلك لا يُمكن تحديد عدد ثابت للأحاديث القدسية في هذه الكتب.

4. المجموع الكلي للأحاديث القدسية: بحسب العديد من العلماء، يُقدّر عدد الأحاديث القدسية الصحيحة في مجموع الكتب الستة (البخاري، مسلم، الترمذي، أبو داود، النسائي، ابن ماجه) بحوالي 70 حديثاً قدسياً صحيحاً. إلا أن هذا العدد يختلف إذا أخذنا في الاعتبار الكتب الأخرى والطبعات المختلفة لتلك الكتب.

تصحيح الأحاديث القدسية

من خلال تحديد عدد الأحاديث القدسية الصحيحة، يجب أن نتحدث عن كيفية تصحيح الأحاديث وتوثيقها من الناحية العلمية. تصحيح الأحاديث القدسية ليس بالأمر البسيط، فهو يعتمد على العديد من المعايير العلمية الدقيقة التي وضعها العلماء لتقييم صحة الأحاديث.

معايير تصحيح الأحاديث

هناك عدة معايير يستخدمها علماء الحديث في تصحيح الأحاديث القدسية، وهذه المعايير تطبق بشكل دقيق على كل حديث لتحديد مدى صحته، من أبرز هذه المعايير:

1. السند: يشمل تقييم سلسلة الرواة التي نقلت الحديث. يجب أن يكون كل راوٍ في السند ثقة وصدوقًا، أي أنه كان معروفًا بالأمانة والصدق في نقل الأحاديث.

2. المتن: هو النص نفسه الذي يتضمن الحديث القدسي. يجب أن يكون المتن خاليًا من الشذوذ أو التناقض مع ما هو معروف من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

3. اتصال السند: يشترط في الحديث الصحيح أن يكون السند متصلاً، أي أن جميع الرواة نقلوا الحديث مباشرة عن من قبلهم دون انقطاع.

4. سلامة الحديث من العلل: أي أن الحديث يجب ألا يكون محملاً بمشاكل أو علل قد تؤثر على صحته. علل الحديث يمكن أن تكون في السند أو في المتن.

أشهر الكتب التي تحتوي على الأحاديث القدسية

الأحاديث القدسية تنتشر في العديد من كتب الحديث التي قام بتوثيقها العلماء عبر القرون. ومن أبرز الكتب التي تحتوي على الأحاديث القدسية:

1. الجامع الصحيح للبخاري: يعتبر من أصح الكتب بعد القرآن الكريم، لكنه لا يحتوي على كثير من الأحاديث القدسية مقارنة ببعض الكتب الأخرى.

2. صحيح مسلم: يحتوي على عدد معقول من الأحاديث القدسية التي تروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً من الله تعالى.

3. سنن الترمذي: يعتبر من المصادر المهمة للأحاديث القدسية التي رواها الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

4. الموطأ للإمام مالك: يضم مجموعة من الأحاديث القدسية التي أوردها الإمام مالك في كتابه الذي يُعتبر من أقدم كتب الحديث.

5. المسانيد: تحتوي بعض المسانيد مثل مسند أحمد على عدد من الأحاديث القدسية.

أمثلة على الأحاديث القدسية

إليك بعض الأمثلة الشهيرة للأحاديث القدسية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

1. حديث القدر المشترك: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله تعالى: يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا”. هذا الحديث يوضح المعنى العميق للعدالة التي جعلها الله تعالى في تعاملنا مع بعضنا البعض.

2. حديث محبة الله لعبده: “قال الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب”، في هذا الحديث نجد أن الله تعالى يُعلمنا بأن هناك من سيكونون في حالة خاصة من المحبة والمقربة إلى الله، وأنه يجب احترام هؤلاء الأشخاص الذين لهم علاقة خاصة بالله.

3. حديث التوبة: “قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي”. هذا الحديث يعكس رحمة الله الواسعة وفضله في قبول التوبة مهما كانت الأخطاء والذنوب.

فوائد الأحاديث القدسية

من خلال فهم الأحاديث القدسية، يمكن للمسلم أن يستفيد من العديد من الجوانب التي تساعده في حياته اليومية:

• التقرب إلى الله: الأحاديث القدسية تُعزز علاقة المسلم بالله تعالى، حيث تساعده على فهم صفات الله ورحمته.

• تحفيز الروح الإيمانية: من خلال تعلم الأحاديث القدسية، يُمكن للمسلم أن يعزز إيمانه ويزيد من تعلقه بالله تعالى.

• التوجيهات الإلهية: تساعد الأحاديث القدسية على تقديم توجيهات مباشرة للمسلم من الله سبحانه وتعالى في كيفية التعامل مع الحياة والمواقف المختلفة.

الخاتمة

إن عدد الأحاديث القدسية الصحيحة ليس ثابتًا بشكل قاطع، ولكن تتراوح التقديرات بين 60 إلى 80 حديثًا صحيحة موجودة في كتب الحديث المختلفة. هذه الأحاديث تشكل مصدرًا غنيًا للمسلم لفهم رسائل الله عز وجل عن طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم. يجب على المسلم أن يتعامل مع هذه الأحاديث بجدية وعناية، لأنها تحمل مواعظ إلهية عظيمة توجه الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى، وتساعد في تقوية الإيمان وتوجيه السلوك.