عدد أصحاب العيون البنية

عدد الأشخاص الذين يمتلكون عيوناً بنية: دراسة شاملة وعلمية

تُعد العيون البنية من أكثر الألوان انتشاراً بين البشر على مستوى العالم، وتلعب لون العين دوراً مهماً في التعرف على التنوع الجيني والتركيبي للإنسان. في هذا المقال سيتم استعراض مفهوم لون العين، الأسباب الوراثية التي تحدد لون العين، مدى انتشار العيون البنية على مستوى العالم، العوامل المؤثرة على لون العين، وأهمية اللون البني من الناحية البيولوجية والثقافية، مع تقديم إحصائيات ودراسات علمية موثوقة تدعم هذه المعلومات.

مفهوم لون العين وأسباب تحديده

لون العين هو نتيجة تفاعل بين عدة عوامل وراثية تؤثر على كمية ونوع صبغة الميلانين الموجودة في قزحية العين. قزحية العين تحتوي على الخلايا التي تصنع صبغة الميلانين، وهي الصبغة التي تحدد مدى قتامة أو فاتحة لون العين. كلما زادت كمية الميلانين في القزحية، كان لون العين أكثر قتامة، والعكس صحيح.

العين البنية تحتوي على كميات كبيرة من الميلانين، مما يعطيها اللون الداكن أو البني بدرجات متفاوتة. العيون التي تحتوي على كمية أقل من الميلانين تكون عادة زرقاء أو خضراء أو رمادية.

الوراثة ولون العين

لون العين يُعتبر من الصفات الوراثية المعقدة التي لا تتبع نموذجًا بسيطًا من الوراثة السائدة والمتنحية، بل تتأثر بعدة جينات مختلفة. الجينات المسؤولة عن لون العين تشمل جين OCA2 وجين HERC2 بشكل رئيسي، حيث تتحكم هذه الجينات في كمية الميلانين التي تُنتج في القزحية.

وراثياً، يمتلك الأشخاص الذين لديهم عيون بنية عادة نسخاً من جينات تزيد من إنتاج الميلانين، مما يجعل العيون داكنة اللون. العيون البنية تعد أكثر تكراراً وانتشاراً مقارنة بالألوان الأخرى بسبب هذه العوامل الوراثية.

انتشار العيون البنية في العالم

وفقًا للدراسات السكانية، يُقدر أن حوالي 55% إلى 79% من سكان العالم يمتلكون عيوناً بنية بدرجات مختلفة. اللون البني هو اللون الأكثر شيوعًا للعيون، ويتواجد بشكل رئيسي في سكان المناطق الآسيوية، الأفريقية، وأجزاء كبيرة من أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط.

على سبيل المثال:

• في آسيا، وخاصة جنوب وجنوب شرق آسيا، نسبة الأفراد ذوي العيون البنية تتجاوز 90%.

• في أفريقيا، تتراوح النسبة بين 85% إلى 100% اعتمادًا على المنطقة، مع هيمنة واضحة للون البني.

• في أوروبا، تختلف النسبة بشكل كبير، حيث تقل نسبة العيون البنية في الشمال الأوروبي مقارنة بالجنوب، ولكن تبقى نسبة الأشخاص الذين يمتلكون عيون بنية ما بين 40% إلى 60%.

• في أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية، يعتمد انتشار العيون البنية على التركيبة العرقية، إذ أن سكان الأصل الأوروبي قد يكون لديهم نسبة أقل مقارنة بسكان الأصل اللاتيني أو الأفريقي.

التوزيع العالمي لألوان العين (جدول)

العوامل المؤثرة على لون العين

بالإضافة للعوامل الوراثية، هناك عدة عوامل أخرى قد تؤثر على لون العين وتغييره خلال الحياة، منها:

• التغيرات العمرية: لون العين قد يتغير قليلاً عند الأطفال بعد الولادة، حيث يمكن أن تكون العيون زرقاء أو رمادية ثم تصبح بنية مع مرور الوقت نتيجة زيادة إنتاج الميلانين.

• العوامل البيئية: التعرض للأشعة فوق البنفسجية يؤثر على إنتاج الميلانين، مما قد يؤدي إلى تغير في درجة لون العين.

• الأمراض والحالات الطبية: بعض الحالات الصحية النادرة يمكن أن تغير لون العين، مثل مرض هورنر أو التهاب القزحية.

• التغيرات الهرمونية: قد تؤثر التغيرات الهرمونية على إنتاج الميلانين، مما يؤدي إلى تغيرات طفيفة في لون العين.

الجانب البيولوجي والوظيفي للون العين البني

العيون البنية تمتاز بميزة وظيفية من حيث الحماية، فهي توفر حماية أكبر ضد الأشعة فوق البنفسجية الضارة مقارنة بالعيون ذات اللون الفاتح، وذلك بفضل كمية الميلانين الكبيرة في القزحية التي تمتص كمية كبيرة من الأشعة الضارة. هذه الحماية تكون مفيدة بشكل خاص للأشخاص الذين يعيشون في المناطق ذات التعرض الشمسي المرتفع مثل المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.

البعد الثقافي والاجتماعي للعيون البنية

العيون البنية ليست مجرد لون بيولوجي، بل تحمل دلالات ثقافية واجتماعية في مختلف المجتمعات. في بعض الثقافات، تُعتبر العيون البنية رمزًا للجمال الطبيعي والدفء، وفي ثقافات أخرى قد ترتبط بالقوة والثبات.

على المستوى الأدبي والفني، تم تمجيد لون العين البني في القصائد والأغاني، حيث يُصور في كثير من الأحيان كرمز للغموض والجاذبية. أما في العلوم النفسية، فقد وجدت بعض الدراسات ارتباطات بين لون العين والشخصية، على الرغم من أن هذه الدراسات لم تؤكد علاقة مباشرة ثابتة.

الخلاصة

يتجاوز عدد الأشخاص ذوي العيون البنية أكثر من نصف سكان العالم، حيث يُعتبر اللون الأكثر انتشاراً وانتشارًا على كوكب الأرض. ويُفسر هذا الانتشار بتركيبة جينية معقدة تتحكم في إنتاج صبغة الميلانين، وهي التي تحدد شدّة اللون. العيون البنية ليست فقط سمة جينية، بل تحمل كذلك أهمية بيولوجية لحماية العين من الأشعة الضارة، كما تحظى بقيمة ثقافية واجتماعية كبيرة في مختلف أنحاء العالم.

هذا التنوع في لون العين البني بين الأفراد والمجتمعات يعكس ثراء التنوع البشري ويبرز كيف يمكن لصفة وراثية بسيطة أن تتحول إلى علامة غنية بالمعاني البيولوجية والثقافية.

المصادر والمراجع

1. Sturm, R. A. (2009). Molecular genetics of human pigmentation diversity. Human Molecular Genetics, 18(R1), R9-R17.

2. Eiberg, H., Troelsen, J., Nielsen, M., Mikkelsen, A., Mengel-From, J., Kjaer, K. W., & Hansen, L. (2008). Blue eye color in humans may be caused by a perfectly associated founder mutation in a regulatory element located within the HERC2 gene inhibiting OCA2 expression. Human Genetics, 123(2), 177-187.