عبد الرحمن حمود السميط: رؤية دعوية معاصرة في الكويت
يعد عبد الرحمن حمود السميط واحداً من أبرز الدعاة الكويتيين المعاصرين الذين جمعوا بين الأصالة والمعاصرة في منابر الدعوة الإسلامية، مسلطاً الضوء على قضايا الدين والمجتمع في إطار متجدد، بعيداً عن الجمود والرتابة التي قد تلازم الخطاب الديني في بعض الأوساط. يُعرف السميط بأسلوبه البسيط الواضح في التفسير والبيان، مما جعله يحظى بقاعدة جماهيرية واسعة داخل الكويت وخارجها، كما أنه ركّز في دعوته على التوازن بين الفهم الشرعي الصحيح والقضايا الحياتية المعاصرة.
النشأة والمسيرة العلمية
نشأ عبد الرحمن حمود السميط في بيئة كويتية محافظة، تميزت بالحرص على تحصيل العلم الشرعي. تلقى تعليمه الأساسي في المدارس الكويتية، واهتم بدراسة علوم الشريعة الإسلامية من مناهج تقليدية وحديثة، مما أكسبه معرفة واسعة في الفقه، وأصول الفقه، والتفسير، والحديث النبوي. حرص السميط على الانخراط في حلقات العلم التي تعقد في المساجد والجامعات، بالإضافة إلى حضوره للمؤتمرات والندوات الدعوية التي تناولت قضايا التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمع المسلم.
تميزت مسيرته العلمية بالتركيز على جانب التيسير في الدعوة، حيث عمد إلى توضيح المفاهيم الشرعية بأسلوب بسيط بعيد عن التعقيد اللغوي أو الفقهي، كما حرص على الربط بين النصوص الشرعية ومتطلبات العصر، بما يخدم نشر الفهم الصحيح للدين ويعزز القيم الإسلامية في المجتمع.
الخطاب الدعوي وأسلوب التأثير
أسلوب عبد الرحمن حمود السميط في الدعوة يعتمد على التوازن بين الحزم واللين، حيث يجمع بين التوجيه السديد والنصيحة الموجهة بلغة هادئة وقريبة من الناس. يركز في محاضراته وخطبه على نقاط مهمة مثل التقوى، والاعتدال، وحسن التعامل مع الآخرين، وأهمية العمل الصالح في بناء المجتمع. يعالج السميط في خطاباته موضوعات شتى تتعلق بالقيم الأخلاقية، الأسرة، الشباب، التعليم، التحديات الاجتماعية الحديثة مثل الفساد، التعصب، والتطرف.
يُعرف السميط بتفاعله الكبير مع الجمهور، حيث يستخدم الوسائل الحديثة في الدعوة كالبرامج التلفزيونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، مما جعله قادراً على إيصال رسالته إلى شرائح واسعة من المجتمع الخليجي والعربي بشكل عام. هذا التنوع في وسائل التواصل ساهم في تكوين صورة دعوية متجددة، قريبة من الواقع، مما يُغني المشهد الدعوي في الكويت والعالم العربي.
مساهماته في المجتمع الكويتي
لم يقتصر دور عبد الرحمن حمود السميط على المنبر والخطابة، بل تجاوز ذلك إلى العمل المجتمعي المباشر. شارك في العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الوعي الديني والاجتماعي، مثل تنظيم حملات التوعية الدينية، والمشاركة في برامج إصلاح ذات البين، بالإضافة إلى التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في الكويت لتطوير مشاريع توعوية تخدم شريحة الشباب والأسرة.
كما يحرص السميط على دعم الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة داخل المجتمع الكويتي، معتبراً أن الإسلام دين وسطية وسلام، يدعو إلى الاحترام المتبادل والتعايش السلمي. ساعد هذا الموقف في بناء جسور تفاهم مع فئات مختلفة من المجتمع، وترسيخ قيم الوحدة الوطنية التي تسعى الكويت إلى تعزيزها في ظل التعدد الثقافي والاجتماعي.
رؤيته للدعوة في العصر الحديث
يرى عبد الرحمن حمود السميط أن الدعوة الإسلامية في العصر الحديث بحاجة إلى التكيف مع متطلبات العصر، من خلال دمج العلوم الشرعية مع العلوم الاجتماعية والتكنولوجية. يؤكد على ضرورة تطوير المناهج الدعوية لتكون أكثر جذباً وفاعلية، مع التركيز على بناء الشخصية الإسلامية المتوازنة التي تجمع بين الإيمان والعمل، والعلم والتطبيق.
كما يشدد على أهمية الابتعاد عن الخطابات المتشددة أو التي تغذي الانقسامات بين أبناء المجتمع، ويحث على تبني خطاب وسطي معتدل يرفض التطرف بكل أشكاله، ويسعى إلى بناء مجتمع قوي متماسك يقوم على المحبة والتسامح والعدل.
التأثير الإعلامي والرقمي
في ظل التغيرات التي شهدها العالم الرقمي، استغل عبد الرحمن حمود السميط قدراته الإعلامية لتوسيع دائرة تأثيره، فأنشأ قنوات رقمية متنوعة تتيح له الوصول إلى مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، مثل الشباب الذين يمثلون الحاضنة الأكبر للأفكار الجديدة. استخدم في ذلك أساليب حديثة في تقديم المحتوى الديني، مثل الفيديوهات القصيرة، البودكاست، والمنشورات التفاعلية، مع الحرص على جودة المضمون وموثوقيته.
كما يهتم السميط بمتابعة قضايا الشباب، سواء في مجال التعليم أو التوظيف أو القضايا الاجتماعية، مقدمًا نصائح عملية مبنية على مبادئ دينية صلبة، ساعدت في بناء حالة من الوعي الديني المسؤول بعيداً عن التعصب أو التطرف.
إنجازات بارزة
-
محاضرات ودروس دينية: سجل عبد الرحمن حمود السميط آلاف الساعات من المحاضرات والدروس التي تناولت شتى جوانب الدين، والتي تتوفر على منصات إلكترونية ومواقع تعليمية، وتُعد مرجعاً لكثير من الباحثين والطلاب.
-
البرامج التلفزيونية والإذاعية: قدم عدداً من البرامج التي ناقشت قضايا دينية واجتماعية معاصرة، مما أكسبه شهرة واسعة في الكويت وخارجها.
-
المشاركة في المؤتمرات والندوات: شارك السميط في مؤتمرات محلية وعالمية، عرض فيها وجهات نظره حول التطورات التي يشهدها العالم الإسلامي، وطرح حلولاً مبتكرة لمواجهة تحديات العصر.
أثره في المجتمع الكويتي والعربي
شكل عبد الرحمن حمود السميط نموذجاً ملهماً في مجال الدعوة الإسلامية في الكويت، حيث تمكن من الجمع بين الأصالة والحداثة، ما جعل خطابه مقبولاً لدى مختلف الفئات. ساعدت رؤيته الوسطية في التخفيف من حدة الانقسامات الفكرية التي تشهدها بعض المجتمعات الإسلامية، ووفرت أرضية خصبة للحوار البناء.
ساهمت جهوده في نشر ثقافة الاعتدال والتسامح، وأثرى الخطاب الديني بمضامين تناسب حاجات العصر وتحدياته، مما ساعد على ترسيخ قيم الانتماء والهوية الإسلامية في قلوب الشباب، وأعاد الاعتبار للدور الدعوي كرافد أساسي في بناء المجتمعات.
خاتمة
يبقى عبد الرحمن حمود السميط من أبرز الدعاة الكويتيين المعاصرين الذين أسهموا بشكل فعّال في تطوير الخطاب الديني، وتقديمه بصورة تتناسب مع متطلبات العصر، متجنباً التعقيد والجمود، ومعززاً القيم الإسلامية الوسطية التي تدعو إلى السلام والمحبة والعدل. تمكن من أن يكون صوتاً واضحاً في الساحة الدعوية، مؤثراً في وجدان الجمهور، ومثالاً يحتذى به في الالتزام العلمي والوطني والاجتماعي.
المصادر
-
موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية – قسم الدعوة والإرشاد
-
مقابلات ومحاضرات عبد الرحمن حمود السميط المتاحة عبر المنصات الإعلامية الكويتية
