عادات مُدمِّرة يملكها الأشخاص التعيسون
التعاسة هي حالة ذهنية تتسلل إلى حياة الإنسان وتؤثر على مشاعره وأفعاله، ولكنها ليست محض صدفة أو مجرد حظ سيئ. في الواقع، الكثير من الأشخاص الذين يعانون من التعاسة يملكون عادات سلوكية ونمط حياة يساهمون بشكل كبير في استمرار هذه الحالة، دون أن يدركوا أن هذه العادات هي التي تعيقهم عن الوصول إلى حياة أفضل وأكثر سعادة. توجد العديد من العادات التي يملكها الأشخاص التعيسون، وهذه العادات يمكن أن تكون سلبية جداً لدرجة أنَّها تمنعهم من التقدم في حياتهم الشخصية والمهنية. في هذا المقال، سنستعرض بعض هذه العادات المدمرة التي يتبناها العديد من الأشخاص الذين يعانون من التعاسة.
1. التركيز على السلبيات
الأشخاص التعيسون غالباً ما يميلون إلى التركيز على الجوانب السلبية في حياتهم، سواء كانت هذه الجوانب متعلقة بالعمل أو العلاقات أو الحياة الشخصية بشكل عام. إنّ التركيز المستمر على ما هو خاطئ يخلق دائرة مغلقة من التفكير السلبي، مما يجعلهم يشعرون بالعجز عن تغيير وضعهم. عندما يعتقد الإنسان أن لا شيء يمكن أن يتحسن، فإنه يتوقف عن محاولة تغيير واقعه. وبالتالي، يصبح هذا التركيز على السلبيات عادة مدمرة تتغلغل في حياتهم.
2. المقارنة المستمرة مع الآخرين
من أسوأ العادات التي يمارسها الأشخاص التعيسون هي المقارنة المستمرة بأنفسهم مع الآخرين. قد يبدأ الشخص في النظر إلى حياة الآخرين – سواء كانت من خلال وسائل الإعلام أو حتى الحياة اليومية – ويشعر بالكآبة بسبب ما يعتقد أنه نقص في حياته. هذه المقارنات السلبية غالباً ما تكون غير منطقية، لأن كل شخص لديه ظروفه الخاصة وتحدياته الفريدة. ولكن مع مرور الوقت، تتسلل هذه المقارنات إلى عقولهم وتعمق شعورهم بعدم الرضا.
3. التقاعس عن اتخاذ القرارات
الأشخاص التعيسون يميلون إلى تجنب اتخاذ القرارات أو اتخاذها بشكل متأخر جداً. الخوف من الفشل أو من النتائج السلبية يجعلهم يعيشون في حالة من الشلل العاطفي، حيث يصبح اتخاذ أي قرار أمراً معقداً للغاية. هذا التقاعس عن اتخاذ القرارات يؤدي إلى شعورهم بالتعاسة لأنهم يدركون أنهم لا يتحكمون في حياتهم ولا يمكنهم اتخاذ خطوات فعالة لتحسين وضعهم.
4. التمسك بالماضي
الماضي، بكل آلامه وندباته، هو أحد العوامل المدمرة التي تثقل كاهل الأشخاص التعيسين. هؤلاء الأشخاص غالباً ما يظلون عالقين في أحداث وذكريات الماضي، سواء كانت تجارب فاشلة أو علاقات مؤلمة. التمسك بالماضي والتفكير المستمر فيه يمنعهم من المضي قدماً في حياتهم. فكلما نظروا إلى الوراء، كلما أصبح من الصعب عليهم أن يجدوا الحافز للمضي قدماً. هذا النوع من التفكير يحبسهم في دوامة من التعاسة التي تؤثر على حياتهم اليومية.
5. الانعزال الاجتماعي
الكثير من الأشخاص التعيسين يفضلون العزلة الاجتماعية ويبتعدون عن العلاقات الاجتماعية الداعمة. إن الانعزال عن الأصدقاء والعائلة يمكن أن يزيد من الشعور بالوحدة ويعزز حالة التعاسة. في الواقع، تبين الدراسات أن التفاعل الاجتماعي هو أحد العوامل الرئيسية التي تساعد الإنسان في التخفيف من مشاعر الحزن والاكتئاب. وعندما يعزل الشخص نفسه عن الآخرين، فإنه يفقد الدعم العاطفي ويزداد شعوره بالفراغ.
6. تجنب مواجهة المشاكل
من العادات المدمرة التي يتبناها الأشخاص التعيسون هي تجنب مواجهة مشاكلهم. بدلاً من أن يواجهوا التحديات التي تطرأ في حياتهم، يقوم هؤلاء الأشخاص بتجنبها أو الهروب منها بطرق مختلفة. قد يكون هذا من خلال الانشغال بأشياء تافهة أو الهروب في أوقات فراغهم بالأنشطة التي لا تفيدهم مثل مشاهدة التلفزيون لفترات طويلة أو قضاء ساعات على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن عدم مواجهة المشاكل لا يعني اختفاءها، بل على العكس، يؤدي إلى تراكم المزيد من الصعوبات التي تجعل الوضع أسوأ.
7. الاعتماد على الآخرين لتحقيق السعادة
الأشخاص التعيسون غالباً ما يظنون أن سعادتهم تعتمد على الآخرين، سواء كانوا أصدقاء أو شركاء حياة أو حتى زملاء العمل. هذه العادة يمكن أن تكون ضارة للغاية، حيث أن الشخص الذي يضع سعادته بالكامل في يد الآخرين يصبح غير قادر على الشعور بالاستقلالية أو الراحة النفسية. في النهاية، هذا يعزز شعورهم بالعجز والتعاسة عندما لا يتمكنون من تحقيق توقعاتهم من الآخرين.
8. الافتقار إلى التقدير الذاتي
عندما يفقد الشخص تقديره لذاته، تصبح كل الأمور الأخرى في حياته مهددة. يتجسد هذا الشعور في العادات التي تتضمن التقليل من قدرات الشخص ومهاراته. الأشخاص التعيسون غالباً ما يشعرون بأنهم غير جديرين بالنجاح أو السعادة. إن عدم تقدير الذات يؤدي إلى مشاعر النقص والفشل، ويجعل الشخص أكثر عرضة للشعور بالتعاسة والاستسلام للظروف المحيطة.
9. الإفراط في التفكير (Overthinking)
من العادات الشائعة بين الأشخاص التعيسين هو التفكير المفرط في كل شيء. هؤلاء الأشخاص يميلون إلى تحليل كل موقف وكل كلمة وكل تصرف بشكل مبالغ فيه، مما يؤدي إلى زيادة التوتر والقلق. الإفراط في التفكير يمنعهم من اتخاذ خطوات حقيقية نحو الحلول الفعالة، ويجعلهم يعلقون في دوامة من التفكير السلبي. هذا النوع من التفكير يسرق منهم القدرة على الاستمتاع بالحياة والتفاعل مع الأحداث اليومية بطريقة طبيعية.
10. الاستسلام للعادات السلبية
أحد أكبر العوامل التي تساهم في تعاسة الأشخاص هو استسلامهم للعادات السلبية التي أصبحت جزءاً من روتينهم اليومي. قد تتضمن هذه العادات عدم ممارسة الرياضة، تناول الأطعمة غير الصحية، أو النوم غير المنتظم. هذه العادات تؤثر بشكل سلبي على الصحة الجسدية والعقلية للشخص، مما يعزز شعوره بالتعاسة ويزيد من مشاعر الإحباط.
11. الانتظار لتحقيق السعادة
الأشخاص التعيسون غالباً ما يعتقدون أن السعادة ستكون قابلة للتحقيق فقط في المستقبل. قد ينتظرون فترة معينة، مثل التخرج من الجامعة، الحصول على ترقية في العمل، أو العثور على شريك حياة ليشعروا بالسعادة. لكن الحقيقة هي أن السعادة لا تأتي من الأهداف المستقبلية فقط، بل هي حالة يمكن أن ينشأها الشخص في اللحظة الحالية. انتظار السعادة دون العمل على تحسين الحياة اليومية هو أحد العوامل التي تساهم في استمرار التعاسة.
12. الإفراط في القلق من المستقبل
الأشخاص التعيسون كثيراً ما يعانون من القلق المفرط بشأن المستقبل. قد يفكرون في أسوأ السيناريوهات المحتملة ويشعرون بعدم القدرة على التأقلم مع التحديات القادمة. هذا القلق المستمر يتسبب في تدمير الراحة النفسية ويمنعهم من اتخاذ خطوات بناءة للمستقبل. القلق يسرق منهم الحاضر، مما يجعلهم عالقين في دوامة من الخوف والترقب المستمر.
13. الاعتماد على العوامل الخارجية
عندما يصبح الشخص مهووساً بالبحث عن العوامل الخارجية لتحقيق سعادته – مثل المال أو الممتلكات أو المكانة الاجتماعية – فإنه يتجاهل الجوانب الداخلية التي تلعب دوراً أكبر في الشعور بالراحة النفسية. قد يمتلك الشخص المال أو الشهرة، لكنه يبقى عالقاً في دائرة من التعاسة بسبب عدم تحقيق السلام الداخلي. هؤلاء الأشخاص يفشلون في فهم أن السعادة الحقيقية تبدأ من الداخل، ولا تأتي فقط من العوامل الخارجية.
14. الاستسلام لفكرة “القدر”
أحد العوامل التي تسهم في بقاء الأشخاص في حالة من التعاسة هو استسلامهم لفكرة “القدر” أو “المصير”. هؤلاء الأشخاص يعتقدون أن حياتهم محددة مسبقاً ولا يمكنهم تغيير مجراها. هذا الشعور بالعجز والتسليم يعزز الشعور بالتعاسة ويؤدي إلى حالة من اللامبالاة. فهم لا يسعون لتحسين وضعهم، بل يعتقدون أن الأمور ستظل على حالها مهما بذلوا من جهد.
15. الإهمال العاطفي
أخيراً، الإهمال العاطفي هو إحدى العادات المدمرة للأشخاص التعيسين. هؤلاء الأشخاص يميلون إلى تجاهل احتياجاتهم العاطفية، سواء كان ذلك عن طريق منع أنفسهم من التعبير عن مشاعرهم أو عدم السماح لأنفسهم بتجربة الفرح أو الحب. الإهمال العاطفي يمنعهم من بناء علاقات صحية ويزيد من شعورهم بالوحدة والعزلة.
الخلاصة
إن العادات السلبية التي يتبناها الأشخاص التعيسون تؤثر بشكل كبير على حياتهم، ولا يقتصر تأثيرها على الجانب النفسي فقط، بل يمتد ليشمل جوانب الحياة الأخرى، مثل العلاقات الشخصية والنجاح المهني. تغيير هذه العادات السلبية يتطلب من الشخص إدراكها والعمل على تطوير نفسه تدريجياً، من خلال تبني نمط حياة أكثر إيجابية وصحية.
