طريقة صنع الفحم وأهميته

طريقة صنع الفحم: عملية التحويل من خشب إلى طاقة

الفحم، تلك المادة السوداء التي نستعملها في العديد من التطبيقات اليومية، خاصة في الطهي والأنشطة الصناعية، يعد منتجًا نتج عن عملية تحلل حراري للمواد العضوية تحت درجات حرارة عالية وبيئة خالية من الأوكسجين، وهي عملية تعرف بالتحلل الحراري أو الكربنة. يظل الفحم واحدًا من أقدم أنواع الوقود التي استُخدمت عبر العصور في مختلف أنحاء العالم. في هذا المقال، سنتناول طريقة صنع الفحم بشكل مفصل ونتعرف على خطوات وعمليات صنعه، ومكوناته، وأهميته في الحياة اليومية.

مكونات الفحم

الفحم هو منتج ناتج عن التحلل الحراري للمواد العضوية مثل الخشب، ويتركز بشكل أساسي على الكربون. يتكون الفحم من العديد من العناصر، وتشمل:

• الكربون: هو المكون الأساسي في الفحم، حيث يمثل نحو 70 إلى 90% من تكوينه.

• الرماد: وهو الجزء غير القابل للاحتراق الذي يمثل حوالي 5-10% من الفحم.

• الماء: يوجد بشكل طفيف في الفحم ويعد من المنتجات الثانوية لعملية التصنيع.

• الغازات: تشمل غاز أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكربون، غاز الميثان، وغيرها من الغازات التي تنبعث أثناء عملية الإنتاج.

أهمية الفحم

على الرغم من الانتقادات التي تواجه الفحم بسبب تأثيره البيئي، إلا أن له استخدامات عديدة تجعل منه مادة أساسية في بعض الصناعات:

• الطاقة والحرارة: يتم استخدام الفحم كمصدر للطاقة في العديد من التطبيقات الصناعية مثل مصانع الحديد والصلب.

• الطبخ: الفحم يُستخدم في بعض المناطق في الطهي والشواء.

• الصناعات الكيميائية: يتم استخراج بعض المواد الكيميائية من الفحم مثل القطران، والحمض الفينيولي.

أنواع الفحم

تختلف أنواع الفحم بناءً على طريقة إنتاجه ومكوناته الكيميائية، ومنها:

1. الفحم النباتي: وهو النوع الذي يتم صنعه باستخدام الخشب أو المواد النباتية الأخرى، ويتميز بسهولة تحلله واحتوائه على نسبة عالية من الكربون.

2. الفحم الحجري: ويُعتبر من أقدم أنواع الفحم التي يتم استخراجها من مناجم الفحم.

3. الفحم المعدني: ينتج عن عملية التعدين للمواد الخام المعدنية ويستخدم في الصناعات الثقيلة.

خطوات صنع الفحم

يتم صنع الفحم عبر عدة مراحل أساسية تبدأ من جمع المواد الخام وتنتهي بالحصول على الفحم المنتج. ومن أجل صنع الفحم النباتي (أكثر أنواع الفحم شيوعًا)، يتم اتباع الخطوات التالية:

المرحلة الأولى: جمع المواد الخام

أولى خطوات صناعة الفحم تبدأ بجمع المواد الخام التي تحتوي على كميات كبيرة من الخشب أو المخلفات النباتية. غالبًا ما يتم اختيار أنواع معينة من الخشب لاحتوائها على نسب منخفضة من الرطوبة، مثل خشب البلوط أو الأرز. كما قد يتم استخدام جذوع الأشجار، أو الأغصان أو حتى المخلفات الزراعية في بعض الأحيان.

المرحلة الثانية: التحضير الأولي للمواد

قبل البدء في عملية التحلل الحراري، يجب تحضير المواد الخام بشكل مناسب. يتم ذلك عن طريق تقطيع الخشب إلى قطع صغيرة ومتساوية الحجم لتسريع عملية التحلل الحراري. يجب أن تكون المواد خالية من الشوائب، مثل الأوراق أو الأتربة، التي قد تؤثر على الجودة النهائية للفحم.

المرحلة الثالثة: عملية التحلل الحراري

تتم هذه العملية داخل أفران خاصة تعرف باسم “أفران الفحم”، وهي أفران محكمة الإغلاق يتم فيها تسخين المواد الخام إلى درجات حرارة تتراوح بين 400 و800 درجة مئوية. في هذه البيئة المغلقة، يتم تحويل المواد العضوية إلى فحم من خلال تسخينها بدون وجود أكسجين، مما يسبب تبخير الماء وتفكيك المركبات العضوية.

عملية التحلل هذه لا تتم بصورة مفاجئة، بل تحدث تدريجياً، حيث يبدأ التحلل عند درجة حرارة 200 درجة مئوية، وتستمر التفاعلات حتى تصل إلى درجات حرارة أعلى. تُنتج خلال هذه المرحلة الغازات العضوية، التي غالبًا ما يتم تجميعها واستخدامها في تصنيع المواد الكيميائية الأخرى.

المرحلة الرابعة: التبريد والتهوية

بعد أن تنتهي عملية التحلل الحراري داخل الأفران، يبدأ الفحم في التبريد. هذه المرحلة ضرورية حيث يتعين على الفحم أن يبرد في بيئة خالية من الأوكسجين تمامًا؛ لضمان الحفاظ على خصائصه الحرارية والمادية. بعد التبريد الكامل، يتم إخراج الفحم من الأفران، ويمرر عبر شبكة من الأنابيب أو الأماكن المخصصة لتجميع الفحم في شكل مكعبات أو قطع مستوية.

المرحلة الخامسة: المعالجة النهائية

عند إخراج الفحم من الأفران، قد يتطلب الأمر إجراء بعض المعالجات النهائية للحصول على الفحم بجودة عالية. هذا يشمل:

• غربلة الفحم: لفصل الفحم الجيد عن القطع الصغيرة أو الفحم المتضرر.

• فرز الفحم: يتم تصنيف الفحم بناءً على الحجم والوزن، بحيث يتم بيع الفحم الناعم بشكل منفصل عن الفحم الكبير.

• إزالة الشوائب: قد يحتوي الفحم في بعض الأحيان على شوائب معدنية أو رماد، يتم فحص الفحم جيدًا لإزالة أي شوائب قبل تصنيعه للبيع أو الاستخدام.

المرحلة السادسة: التخزين والتوزيع

يتم تخزين الفحم بعد معالجته في أماكن جافة وجيدة التهوية. غالبًا ما يتم تعبئته في أكياس محكمة الإغلاق أو في حاويات مناسبة للحفاظ على جودته أثناء نقله وتوزيعه إلى مختلف الأسواق.

التحديات البيئية المرتبطة بصناعة الفحم

تواجه صناعة الفحم العديد من التحديات البيئية. عملية التحلل الحراري للخشب تطلق غازات سامة مثل أول أكسيد الكربون والميثان، التي يمكن أن تلوث الهواء. بالإضافة إلى ذلك، فإن حرق الفحم في بعض التطبيقات ينتج عنه انبعاثات خطيرة تساهم في تلوث الهواء وتغير المناخ. كما أن قطع الأشجار لاستخراج الخشب لصناعة الفحم يمكن أن يؤثر على البيئة إذا لم يُدار بشكل مستدام.

لتقليل الآثار البيئية، يجب أن يكون هناك رقابة صارمة على الطريقة التي يتم بها جمع المواد الخام، فضلاً عن التقنيات المستخدمة في عملية التحلل الحراري، بحيث يتم تقليل انبعاثات الغازات الضارة وتعزيز كفاءة استخدام المواد.

استخدامات الفحم

يمتاز الفحم باستخدامات متعددة تتراوح بين الاستخدامات المنزلية والصناعية. في العديد من الدول، يُستخدم الفحم في تحضير الطعام عبر الشواء أو في مواقد الطهي. كما يعتبر الفحم مادة أساسية في صناعة الحديد والصلب، حيث يُستخدم في إنتاج الحرارة المطلوبة لتشكيل المعادن. علاوة على ذلك، يُستخدم الفحم في صناعة الكهرباء في محطات الطاقة الحرارية.

خاتمة

تعد صناعة الفحم من العمليات التي تمثل قيمة اقتصادية كبيرة في العديد من الصناعات. على الرغم من التحديات البيئية المرتبطة به، يظل الفحم أحد المصادر الأساسية للطاقة في العديد من أنحاء العالم. تتطلب صناعة الفحم التوازن بين تقنيات الإنتاج المستدامة والاستخدامات المتعددة للفحم، بحيث يمكن الحفاظ على البيئة وفي نفس الوقت تلبية احتياجات الصناعات المختلفة.