7 طرق واعية للتعامل مع الأشخاص المعقدين في العمل
في بيئة العمل المعاصرة، التي تتميز بالتنوع الكبير في الشخصيات والخلفيات الثقافية، قد تجد نفسك في مواجهة أشخاص معقدين تتباين تصرفاتهم وسلوكياتهم بشكل قد يكون محيراً. هؤلاء الأشخاص قد يتسمون بمواقفهم المتناقضة أو صعوبة فهمهم أو حتى رفضهم التفاعل بشكل بناء مع الآخرين. من المهم أن نتعامل مع هذه الشخصيات بحذر ووعي، لأن ردود الأفعال غير المدروسة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات أو إضعاف علاقات العمل. من هنا تأتي أهمية التعامل مع الأشخاص المعقدين بشكل واعي، يضمن الحفاظ على التوازن داخل بيئة العمل وتحقيق التفاعل المثمر.
1. الاستماع الفعّال والتحليل الموضوعي
أحد أهم الأساليب التي يمكن أن تساعد في التعامل مع الأشخاص المعقدين هو أن تتبع نهج الاستماع الفعّال. في بعض الأحيان، يكون التحدي الأساسي في التعامل مع هؤلاء الأشخاص هو أنهم يعتقدون أن الآخرين لا يفهمونهم بشكل صحيح. الاستماع الفعّال يتطلب منك أن تكون صبورًا، وأن تضع جانبًا أحكامك المبدئية في محاولة لفهم الشخص الآخر بصورة كاملة.
من خلال الاستماع بعناية وبدون مقاطعة، يمكنك أن تكشف عن دوافع الشخص المعقد أو السبب الكامن وراء تصرفاته الغريبة. حاول أن تكون مفتوحًا لمشاعره ووجهات نظره، حتى وإن بدت غير منطقية في البداية. بعد الاستماع، يمكنك أن تعيد صياغة ما فهمته لتتأكد من أنك قد فهمت بشكل صحيح. هذا النهج يُظهر للشخص الآخر أنك تحترم وجهة نظره وتعمل على فهمه، ما يسهم في تقليل الحواجز وبناء الثقة بينكما.
2. التعامل مع سلوكهم وليس شخصهم
من المهم عند التعامل مع الأشخاص المعقدين في العمل أن نفصل بين سلوكهم وبين شخصهم. كثيرًا ما يُحكم على سلوك شخص بناءً على تصرفاته اللحظية أو ردود فعله المبالغ فيها، ولكن يجب أن نكون حذرين في الحكم على شخصيته بشكل عام. قد يكون شخصًا صعب التعامل معه فقط بسبب الظروف أو الضغط النفسي الذي يعاني منه.
لذا يجب أن تركز على السلوكيات التي يمكن تعديلها وتجنب التعميمات السلبية. حاول أن تفهم العوامل المؤثرة على تصرفاتهم (مثل ضغوط العمل أو حياتهم الشخصية) وتجنب فرض التوقعات أو الأحكام المسبقة. بذلك، يمكن أن تخلق بيئة أكثر تعاطفًا وصبرًا، مما يسهل التفاعل مع الأشخاص المعقدين بشكل إيجابي.
3. استخدام التواصل الواضح والمباشر
الشخصيات المعقدة في العمل قد تتسبب أحيانًا في سوء التفاهم نتيجة لعدم وضوح التواصل. هؤلاء الأشخاص قد يكونون مشوشين في أفكارهم أو غير قادرين على التعبير عن أنفسهم بوضوح، مما يؤدي إلى ارتباك أو تباين في وجهات النظر.
عند التعامل مع هؤلاء الأشخاص، من المهم أن تكون أنت واضحًا ومباشرًا في تواصلك. تأكد من أنك توضح تمامًا ما الذي تحتاجه أو تتوقعه منهم. استخدم جمل قصيرة وبسيطة، وابتعد عن استخدام العبارات المعقدة أو المصطلحات التي قد تكون صعبة عليهم. في بعض الأحيان، قد يحتاج الشخص المعقد إلى وقت أطول لفهم الرسالة، لذلك من المفيد أن تكون صبورًا وتسمح لهم بطرح الأسئلة إذا كانت هناك أي غموض في الأمر.
4. التحكم في ردود الأفعال العاطفية
التعامل مع الأشخاص المعقدين يتطلب درجة عالية من الوعي الذاتي والتحكم في الانفعالات. من السهل جدًا أن تتأثر عاطفيًا عندما تجد نفسك في مواجهة شخص يبدو غير متعاون أو صعب المراس. لكن إذا كان هدفك هو الحفاظ على بيئة عمل صحية، فإنه من الضروري أن تظل هادئًا ومتحكمًا في مشاعرك.
عندما تشعر بأنك على وشك الانفجار أو الرد بعصبية، خذ لحظة للتنفس بعمق، وفكر قبل أن تتحدث أو تتصرف. قد يكون الشخص الذي أمامك يعبر عن قلقه أو توتره بطريقة غير مناسبة، لذا من الأفضل أن تظل هادئًا ولا ترد بنفس الأسلوب. التعامل مع الشخص المعقد بهدوء وثبات سيساعد في تهدئة الموقف وفتح المجال للحوار بشكل أكثر فعالية.
5. وضع حدود واضحة وصحية
الأشخاص المعقدون قد يتجاوزون في بعض الأحيان حدودهم في العمل أو يتصرفون بشكل يعكر صفو بيئة العمل. من المهم أن تكون لديك القدرة على وضع حدود واضحة وصحية. تحديد ما هو مقبول وغير مقبول في التعامل معهم، مع التأكد من توصيل هذه الحدود بشكل دقيق وغير قاسي، هو أمر أساسي للحفاظ على علاقة مهنية سليمة.
عند تحديد الحدود، تجنب اللجوء إلى الأساليب العدائية أو التهجمية. بدلاً من ذلك، يمكنك أن تكون حازمًا وواقعيًا، وتشرح بلغة هادئة لماذا لا يمكن قبول سلوك معين. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يتخطى حدود الزمن في الاجتماعات أو يتطلب منك الكثير من الانتباه خلال فترات زمنية غير ملائمة، يمكنك أن تقول: “أنا بحاجة إلى تخصيص وقت للتركيز على هذه المهمة في الوقت الحالي، لذا دعونا نتناول هذا الأمر في وقت لاحق.”
6. الاستفادة من مهارات التفاوض
في العديد من الحالات، يمكن أن يكون الأشخاص المعقدون صعبين في التفاوض أو يتبعون مواقف متشددة تجاه الحلول المختلفة. ومع ذلك، فإن استخدام مهارات التفاوض يمكن أن يساهم في التوصل إلى أرضية مشتركة مع هؤلاء الأشخاص.
ركز على التوصل إلى حل يرضي الطرفين ويحقق التوازن. في عملية التفاوض، من المهم أن تبدي استعدادًا للتنازل على بعض النقاط غير الجوهرية، في حين أن تظل ثابتًا على المبادئ الأساسية التي لا يمكن التخلي عنها. كما أن التركيز على المصالح المشتركة بدلاً من الخلافات يمكن أن يساعد في بناء علاقة أكثر انسجامًا ويساهم في حل النزاعات بطريقة سلمية.
7. تقديم الدعم والتوجيه عند الحاجة
في بعض الحالات، قد يكون الأشخاص المعقدون يعانون من تحديات داخلية مثل نقص الثقة بالنفس أو الارتباك المهني، مما ينعكس على سلوكهم تجاه الآخرين. في هذه الحالات، يمكن أن يكون دورك كزميل في العمل أن تقدم لهم الدعم والتوجيه.
إذا كنت في موقع يسمح بذلك، حاول توجيههم إلى طرق يمكن أن تساعدهم في تحسين أدائهم أو اتخاذ قرارات أفضل. يمكن أن يشمل ذلك مشاركة نصائح مهنية، أو تقديم مشورة بخصوص التعامل مع ضغوط العمل، أو حتى إرشادهم إلى مصادر قد تفيدهم. بالطبع، يجب أن يتم ذلك بحذر، وأن تضع في اعتبارك أن الشخص قد لا يكون مستعدًا لتقبل النصائح مباشرة.
في الختام
التعامل مع الأشخاص المعقدين في العمل يتطلب درجة عالية من الوعي والمهارات الاجتماعية. من خلال الاستماع الفعّال، وفصل السلوك عن الشخصية، وتطبيق أساليب التواصل الواضح والتحكم في الانفعالات، يمكن أن تحقق نجاحًا في التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص. وضع حدود واضحة، والاستفادة من مهارات التفاوض، وتقديم الدعم عند الحاجة، كلها أدوات تساعدك على بناء علاقات عمل قائمة على الاحترام المتبادل والفعالية.
من خلال هذه الأساليب، يمكنك أن تساهم في خلق بيئة عمل أكثر توازنًا، حيث يتم التعامل مع الشخصيات المختلفة بطريقة واعية ومهنية، مما يؤدي إلى تحسين التعاون وتحقيق النجاح الجماعي.
