طباع الأبناء المزعجة .. مسؤولية الأم أولاً

في المجتمعات الإنسانية، لا يمكن التغافل عن أهمية الأسرة باعتبارها اللبنة الأولى في بناء الفرد، ومن ثم المجتمع ككل. وفي قلب هذه الأسرة، تتبوأ الأم مكانة محورية باعتبارها الحاضنة الأولى للنمو العاطفي والنفسي والسلوكي للطفل. ومع أن الآباء يلعبون دوراً مكملاً لا غنى عنه، إلا أن التجارب التربوية والعلمية أثبتت أن الأم تظل العامل الأكثر تأثيراً في تشكيل طباع الأبناء وسلوكياتهم في مراحل النمو الأولى. لذا، فإن الطباع المزعجة التي قد يظهرها الأطفال في المنزل أو في المدرسة، تُعد في كثير من الأحيان انعكاساً لطريقة الأم في التعامل والتربية منذ السنوات الأولى من عمر الطفل.

مفهوم الطباع المزعجة عند الأطفال

الطباع المزعجة هي تلك السلوكيات التي لا تتماشى مع الأعراف الاجتماعية أو التي تُثير الاستياء داخل الأسرة أو المجتمع، وتشمل على سبيل المثال لا الحصر: نوبات الغضب، العناد، الصراخ، الغيرة، الكذب، العدوانية، الإفراط في الحركة، قلة الانتباه، أو حتى الانطواء الزائد. هذه الطباع لا تُعد دائماً علامات على اضطرابات نفسية، بل قد تكون مؤشراً على خلل في أساليب التربية أو في الاستجابة لاحتياجات الطفل.

مسؤولية الأم في المرحلة التأسيسية

منذ لحظة الولادة، يكون الطفل مرتبطاً ارتباطاً عضوياً وعاطفياً بأمه. هذه العلاقة لا تقتصر على الجانب البيولوجي بل تمتد إلى الجانب النفسي والسلوكي. فالأم هي التي تقدم الرعاية، التغذية، الحماية، والاهتمام اليومي، وهي أيضاً النموذج الأول الذي يحتذي به الطفل في تقليد المشاعر والتفاعلات الاجتماعية. وبالتالي، فإن المرحلة التأسيسية (من الولادة حتى سن السابعة) تُعد الأهم في تشكيل سلوك الطفل وطباعه.

خلال هذه المرحلة، يتعلم الطفل عبر التفاعل مع أمه كيف يعبر عن مشاعره، كيف يُدير انفعالاته، وكيف يتفاعل مع البيئة المحيطة. فإذا كانت الأم تتعامل بعصبية أو قسوة أو عدم استقرار في المزاج، فإن ذلك ينعكس بصورة مباشرة على سلوك الطفل، وقد يؤدي إلى تشكل طباع مزعجة لديه.

دور البيئة المنزلية التي تقودها الأم

في معظم البيوت، تكون الأم هي المسؤولة الأولى عن تنظيم الحياة اليومية للطفل، من الاستيقاظ إلى النوم، مروراً بالأكل، النظافة، اللعب، التعليم، والملاحظة النفسية. أي اضطراب أو تذبذب في هذا النظام المنزلي يؤثر في استقرار الطفل النفسي. الأم التي لا تضع حدوداً واضحة للسلوك أو لا تلتزم بأسلوب تربية ثابت، تُربك الطفل وتجعله حائراً بين ما هو مسموح وما هو مرفوض، ما يخلق سلوكاً فوضوياً متمرداً في كثير من الأحيان.

العلاقة بين الإشباع العاطفي والطباع المزعجة

غياب الإشباع العاطفي يعد من الأسباب الجوهرية في نشوء طباع مزعجة عند الأطفال. عندما يشعر الطفل بالإهمال أو الرفض أو عدم الاحتواء من قبل الأم، فإنه يل