صلاة التراويح للأطفال

كيفية أداء صلاة التراويح للأطفال: شرح مبسط وموسع

تُعد صلاة التراويح من أعظم الشعائر التي تميز شهر رمضان المبارك، وهي من السنن المؤكدة التي حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بها المسلمين، كما حرص الصحابة رضوان الله عليهم والتابعون من بعدهم على أدائها جماعة وفرادى. ومن المهم جدًا أن يتربى الأطفال على حب هذه السنة العظيمة، وأن يُغرس في قلوبهم شوق العبادة في رمضان منذ نعومة أظفارهم. ولكي نتمكن من تعليم الأطفال هذه الصلاة الجليلة، نحتاج إلى أسلوب تربوي مبسط ومشوق يتناسب مع أعمارهم وقدراتهم الذهنية والجسدية.

أولًا: أهمية تعليم الأطفال صلاة التراويح

تعليم الطفل صلاة التراويح ليس فقط غرسًا لعادة عبادية، بل هو تأسيس لهوية دينية وروحية متكاملة. فالطفل عندما يصلي التراويح مع والديه يشعر بقيمة شهر رمضان، ويعيش أجواء العبادة الجماعية، ويترسخ في ذهنه الشعور بالانتماء إلى أمة تهتم بالقرآن والقيام. كما أنّ ذلك يفتح أمامه بابًا من الحسنات والثواب، ويعوّده على الصبر والانضباط منذ الصغر.

ثانيًا: المفهوم الشرعي لصلاة التراويح

صلاة التراويح هي قيام الليل في رمضان، وقد سُميت “تراويح” لأن المصلين كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات لطول الصلاة، من باب الترويحة. وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يؤديها المسلمون بعد صلاة العشاء، ووقتها يمتد إلى طلوع الفجر.

وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:

“من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه”

[رواه البخاري ومسلم].

ثالثًا: التدرج في تعليم الأطفال صلاة التراويح

ينبغي أن يُراعى في تعليم الأطفال صلاة التراويح عدة جوانب نفسية وبدنية، ويُفضّل اتباع مبدأ التدرج، فليس من المطلوب أن يصلي الطفل عشرين ركعة منذ اليوم الأول، بل الأهم هو غرس المعنى والروح.

1. البداية التدريجية

• يمكن البدء مع الطفل بركعتين فقط في اليوم الأول، ثم التدرج إلى أربع، فست، وهكذا.

• الأطفال في سن الخامسة حتى السابعة قد يجدون صعوبة في الوقوف طويلًا، لذلك يُكتفى بركعتين أو أربع في بداية الشهر.

• من عمر 8-10 سنوات يمكن للطفل أن يصلي عددًا أكبر من الركعات حسب قدرته.

2. تبسيط المفاهيم

يُشرح للطفل أن صلاة التراويح:

• ليست فرضًا، لكنها سنة يحبها الله.

• تجعلنا نكسب حسنات كثيرة.

• تشبه صلاة العشاء، لكنها فيها ركعات أكثر.

3. المشاركة الأسرية

• من المهم أن يؤدي الأب أو الأم صلاة التراويح في المنزل بصحبة الأبناء خاصة إذا لم يكن الطفل قادرًا على الالتزام بالمسجد.

• يمكن تنظيم جلسة عائلية صغيرة بعد الإفطار لتهيئة الطفل نفسيًا، وربطه بأجواء روحية.

رابعًا: الطريقة العملية لأداء صلاة التراويح للأطفال

الخطوة 1: الاستعداد النفسي والبدني

• يُفضل أن يرتدي الطفل لباسًا نظيفًا وجميلاً يشجعه على الصلاة.

• يُشرح له أن هذا وقت مميز للحديث مع الله.

• يتم تحفيزه بطريقة مشوقة مثل جدول متابعة فيه ملصقات “نجمة لكل يوم صلاة تراويح”.

الخطوة 2: الوضوء الصحيح

• التأكد من أن الطفل على وضوء، مع تعليمه كيفية الوضوء خطوة بخطوة.

• يمكن للوالدين تشجيعه على الوضوء بنفسه ثم مراجعته معه.

الخطوة 3: صلاة العشاء أولًا

• يبدأ وقت التراويح بعد صلاة العشاء مباشرة، لذا يجب تعليم الطفل أن العشاء أولًا ثم التراويح.

• يمكن أداء صلاة العشاء جماعة مع الطفل لترسيخ مفهوم الجماعة.

الخطوة 4: أداء ركعات التراويح

• تؤدى التراويح بركعتين ركعتين، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

• الطفل يبدأ بركعتين، فإذا استراح يمكنه إكمال المزيد.

• كل ركعتين تبدأ بتكبيرة الإحرام، ثم الفاتحة وسورة قصيرة، ثم الركوع، السجود، والجلوس للتشهد في الركعة الثانية ثم التسليم.

الخطوة 5: دعاء ختم الصلاة

• بعد الانتهاء يمكن أن يُعلم الطفل قول الأدعية البسيطة مثل:
  
  “اللهم تقبل منا”، أو “اللهم اجعلني من عبادك الصالحين”.

الخطوة 6: الوتر

• إذا رغب الوالدان، يمكن تعريف الطفل بصلاة الوتر، وأنها ركعة واحدة أو ثلاث بعد التراويح.

خامسًا: طرق تحبيب الأطفال في صلاة التراويح

سادسًا: الأخطاء التي يجب تجنبها عند تعليم الأطفال التراويح

• الإجبار أو العنف: لا ينبغي إجبار الطفل على أداء التراويح بطريقة قاسية، لأن هذا يُنتج نفورًا دائمًا.

• طول الصلاة المفرط: يجب مراعاة قدرة الطفل، وعدم الإطالة عليه حتى لا يشعر بالضيق.

• المقارنة السلبية: لا يُقارن الطفل بإخوته أو أقرانه في التزامهم بالصلاة.

• إهمال التشجيع: يحتاج الطفل دائمًا إلى تحفيز وثناء مستمر لتعزيز سلوكه الإيجابي.

سابعًا: فوائد تعليم الأطفال صلاة التراويح

• تقوية العلاقة مع الله منذ الصغر.

• تعويد النفس على الانضباط والالتزام.

• تنمية روح الجماعة والتعاون داخل الأسرة.

• تحفيز حفظ القرآن والاستماع إليه.

• بناء شخصية روحانية متزنة تدرك أهمية العبادة في الحياة.

ثامنًا: نماذج لجدول متابعة صلاة التراويح للأطفال

هذا الجدول يساعد الوالدين والطفل معًا على قياس التقدم وتطوير الأداء وتحقيق الهدف التربوي.

تاسعًا: متى يُعفى الطفل من التراويح

• إذا شعر الطفل بالتعب الشديد، أو لم يكن في مزاج جيد، لا يُجبر على الصلاة.

• الهدف ليس الإنجاز الكمي، بل تعزيز المفهوم والروح.

• يمكن استبدال التراويح ببعض الأذكار أو قراءة القرآن إن لم يستطع أداءها.

عاشرًا: غرس مفاهيم الإخلاص والنية في نفس الطفل

من المهم أن يُوضح للطفل أن صلاة التراويح ليست فقط لأجل النجوم في الجدول أو المكافآت، بل لأنها تقربنا إلى الله، وتدخل السرور على قلبنا، وتغسل ذنوبنا، وأن النية الصالحة أهم من الأداء الشكلي. كما يجب ربطه دائمًا بالجنة والرضا الإلهي بأسلوب يناسب عمره.

المراجع:

1. كتاب “الشرح الممتع” للشيخ محمد بن صالح العثيمين – الجزء الرابع.

2. صحيح البخاري وصحيح مسلم – باب قيام رمضان.