صفات الله تعالى الكاملة

صفات الله تعالى:

إن الحديث عن صفات الله تعالى يعد من أعظم الموضوعات التي يجب أن يتأمل فيها المسلم، لأن الله سبحانه وتعالى هو خالق الكون والموجد له، وكل شيء في هذا العالم وما وراءه من ظواهر طبيعية وعقلية هو من صنعه وإرادته. إذا كان العلم قد استطاع أن يصل إلى تفاصيل عديدة من عالم الطبيعة والكون، فإن الحقيقة الكبرى تبقى في معرفة صفات الله تعالى التي تميز شخصيته الكاملة والمطلقة عن أي مخلوق آخر. ولذا نجد أن تفصيل صفات الله تعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية يعد من الأبواب المهمة في علم التوحيد، إذ أن فهم هذه الصفات يعد الطريق الصحيح للتعرف على الله وعلى عظمته وجلاله.

1. الصفات الذاتية لله تعالى:

الصفات الذاتية هي الصفات التي تعود إلى ذات الله تعالى ولا تتغير ولا تتبدل، وهي مستقلة عن أفعال الله أو ما يحدث في الكون. هذه الصفات تدل على كمال الله تعالى وفرادته في الوجود.

• الوجود: أول صفات الله تعالى هي صفة الوجود. فهو سبحانه وتعالى موجود بلا بداية ولا نهاية، لم يسبقه وجود، ولم يسبقه شيء. وهذه الصفة تعني أن الله هو الذي أوجد كل شيء من العدم. فالوجود لله تعالى هو الوجود الحقيقي الكامل، وهو منبع كل شيء.

• القدم: من الصفات الذاتية لله تعالى صفة القدم، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى ليس له بداية. هو الأول الذي لا بداية له. وكل شيء غيره هو حادث ومحدث، بينما الله تعالى هو الأول الذي لا أول له. من هنا تأتي دلالة قوله تعالى: “هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ” (الحديد: 3).

• البقاء: الله سبحانه وتعالى له صفة البقاء، بمعنى أنه لا نهاية له. فهو الباقي الذي لا يفنى ولا يزول، وأما جميع المخلوقات فإنها فانَة بمرور الزمن. البقاء لله وحده، وهذا يتضح في قوله تعالى: “كُلُّ مَن عَلَيْهَا فَانٍ” (الرحمن: 26).

• الاستقلال: الله سبحانه وتعالى مستقل عن كل شيء. لا يحتاج إلى شيء، ولا يتوقف وجوده على أي شيء. فهو الذي يخلق كل شيء ولا يحتاج إلى أحد، بل كل المخلوقات تحتاج إليه.

• الواحدية: الله تعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله. لا مثيل له ولا شريك في حكمه أو ملكه، كما جاء في قوله تعالى: “اللَّهُ الصَّمَدُ” (الإخلاص: 2)، أي أنه وحده الذي لا تحتاج إليه المخلوقات.

2. الصفات الفعلية لله تعالى:

الصفات الفعلية تتعلق بأفعال الله تعالى وأحكامه، وهي التي تظهر في الكون والعالم، مثل الخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، والتدبير. هذه الصفات تدل على عظمة الله تعالى في تدبيره لمخلوقاته.

• الخلق: الله تعالى هو الخالق الوحيد لكل شيء في الوجود، “اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ” (الزمر: 62). فالله تعالى قد خلق الكون وأوجده من العدم، وأعطى كل شيء شكله ووظيفته حسبما يريد. خلق الله تعالى الإنسان والحيوان والنبات وكل شيء في السماء والأرض وفق إرادته.

• الرزق: من صفات الله تعالى الفعلية أنه الرزاق، فهو الذي يرزق جميع المخلوقات بما تحتاجه. “إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ” (الذاريات: 58). كما أن رزق الله لا يتوقف ولا ينقطع، بل هو ممتد طوال الوقت.

• الإحياء والإماتة: الله تعالى بيده الحياة والموت، كما قال سبحانه: “اللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ” (آل عمران: 156). هو الذي يبعث الأرواح ويجعل الحياة مستمرة، وهو الذي يميت كل حي عندما يحين أجله.

• الهدى: الله تعالى هو الهادي، يهدي من يشاء إلى الطريق الصحيح، كما في قوله تعالى: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ” (القصص: 56).

• السمع والبصر: الله تعالى هو السميع البصير، يسمع ويرى كل شيء في الكون بلا حاجة إلى أذن أو عين، فهو لا يشبه أحدًا في صفاته. كما قال تعالى: “إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ” (النساء: 58).

3. الصفات المتعلقة بالكمال:

الكمال في صفات الله تعالى يعني أن الله متصف بالكمال المطلق الذي لا نقص فيه أبدًا. فهو المالك المطلق الذي لا يناله عيب أو نقصان.

• العلم: الله تعالى هو العليم، يعلم ما كان وما سيكون، وما هو كائن وما لم يكن لو كان كيف يكون. علمه لا يحده زمان ولا مكان، وهو كامل وعميق لا يشوبه جهل. قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا” (النساء: 176).

• الحكمة: الله تعالى حكيم في كل أفعاله. فكل فعل من أفعاله له حكمة بالغة، حتى وإن لم نكن نعلم سببها أو حكمتها. “إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” (النساء: 17).

• القدرة: قدرة الله تعالى لا تحد، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. هو القادر على كل شيء، قال تعالى: “إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (البقرة: 20).

• الرحمة: الله سبحانه وتعالى هو الرحمن الرحيم، ورحمته تشمل كل شيء، وقد بينت آيات القرآن الكريم أن رحمة الله واسعة تتجاوز قدرة العقول على تصورها. قال تعالى: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ” (الأعراف: 156).

• العدل: الله تعالى عادل في كل ما يحكم به، لا ظلم في حكمه، ولا تأخذ المظالم مكانًا في مشيئته. هو الذي يجزى كل شخص بما عمل، كما في قوله تعالى: “إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ” (النساء: 40).

4. الصفات السلبية لله تعالى:

الصفات السلبية هي الصفات التي تنفي عن الله تعالى أي نقص أو عيب، فتثبت له الكمال وتنفى عنه ما لا يليق به من صفات المخلوقين.

• الجهل: الله تعالى منزه عن الجهل، فهو العليم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

• الموت: الله تعالى منزه عن الموت، فهو حي لا يموت، وهو دائم الحياة التي لا تنتهي.

• الضعف: الله تعالى منزه عن الضعف، فهو القوي الذي لا يعجزه شيء.

• النوم: الله تعالى منزه عن النوم، فهو لا يعتريه ما يعترض المخلوقات من سكون أو ضعف.

5. التجسيم والتمثيل لله تعالى:

أحد أعظم مبادئ التوحيد هو التنزيه، أي تنزيه الله عن أي مشابهة للمخلوقات. الله تعالى ليس كمثله شيء، كما قال تعالى: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الشورى: 11). هذا يعني أن الله تعالى لا يجوز أن يتصور أو يُمَثَّل في صورة معينة، بل هو فوق كل تصوّر أو تمثيل.

الخاتمة:

صفات الله تعالى هي مفاتيح لفهم عظمة الخالق وعبوديته. هي ليست مجرد أوصاف، بل هي صفة للكمال الذي لا نظير له، وهي التي تجعل المؤمن يزداد حبًا وخشية من الله، ويشعر بعظمة قدرته ورحمته. معرفة هذه الصفات تفتح أمام المسلم أبوابًا من الفهم والتأمل في الكون والحياة، وتدفعه للعبادة والتسليم لإرادة الله في كل شيء.